المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مدمنو الكوبونات أكثر ما يثير غيظهم ( جرب مرة أخرى )



fadel
02-20-2005, 04:23 PM
تحقيق: محمد حنفي

الإدمان أنواع وأشكال: هناك من يدمن المخدرات وأخر التدخين وثالث التلفزيون ورابع الكمبيوتر وهي أنواع مألوفة من الإدمان، لكن هل سمعتم عن إدمان «الكوبونات»؟ إنه نوع جديد من الإدمان يصيب البعض هذه الأيام، هؤلاء لا يضعون أيديهم في حافظة نقودهم ولا يتخذون القرار بالشراء أو حتى تناول وجبة غداء في مطاعم الوجبات السريعة إلا بوجود الكوبونات.


في أحد المجمعات الاستهلاكية الشهيرة بالشويخ الذي يمنح زبائنه كوبونات على كل فاتورة شراء تتعدى 3 دنانير يتكرر هذا المشهد المثير طوال العام: مجموعة من الأشخاص يصفون بجوارهم العربات والسلال المعدنية الممتلئة بالسلع التي اشتروها منذ قليل، يعطون وجوههم للحائط وكل منهم يمسك بالقلم المربوط بحبل ـ لابد أن هذا السوق فقد عددا كبيرا من الأقلام ـ يملأون مجموعة من الكوبونات التي تسلموها منذ قليل مع فاتورة الشراء، بعد قطع الجزء الخاص بالصندوق الدوار تضع قلة منهم الكوبونات من دون اكتراث كأنه يثق بعدم الفوز ، لكن الغالبية العظمى تحرك الصندوق في كل مرة ثم يرمون بالكوبون، بعضهم يتمتم ببعض الأدعية ربما تساعده على الفوز بالجائزة وهي عبارة عن سيارة بي أم دبليو 2005.

هذا المشهد مألوف هذه الأيام في المجمعات والأسواق الشعبية خاصة نحن في خضم احتفالات مهرجان «هلا فبراير» ولا شك في أن هذه الكوبونات التي توزع على الزبائن هي أسلوب ذكي وفعال من أساليب التسويق والدعاية الحديثة وهي تساهم ولا شك في الرواج التجاري خاصة إذا علمنا أن الكثير من المستهلكين لديهم ولع بهذه الكوبونات يصل إلى حد الإدمان فعلا، هؤلاء لا يضعون أيديهم في حافظة نقودهم إلا إذا كانوا سيحصلون مع فاتورة الشراء على مجموعة من الكوبونات يبني عليها مجموعة من الأحلام حتى يحين موعد السحب الذي يحرص الكثيرون أيضا على معرفة موعده وحضوره شخصيا وهي تجربة مثيرة يخوضونها بشغف ربما أكثر من تجربة التسوق نفسها.


كوبونات قد
وتتنوع هذه الكوبونات حسب طبيعة وحجم وقيمة الشراء فبعض هذه الكوبونات من نوعية «امسح واربح» وهنا دلالة على صاحب الكوبون لابد أن يربح بمجرد أن يمسح المساحة المظللة، والحلم هنا طازج حيث يمكن أن يفوز سعيد الحظ بجائزة فورية وتبدأ الجوائز من السيارات موديل العام ومرورا بالذهب وتذاكر السفر والأدوات الكهربائية ونهاية بكوب من المياه الغازية.

وهناك نوعية أخرى تنتمي إلى هذه الطراز وهو النوع الذي يطلق عليه البعض كوبونات «قد» أي «امسح وقد تربح» هنا إما أن تفوز بالجائزة وإما تجد في انتظارك عبارة قد تثير غيظ مدمني الكوبونات وهي عبارة «جرب مرة أخرى»، ليس لأنهم لن يجربوا مرة أخرى فهم بالطبع سيجربون مرات ومرات لكنهم يريدون الحصول على جائزة أي جائزة ، وهناك نوع أخر من الكوبونات لا يمنح جوائز فورية بل يؤهل إلى دخول السحب على جوائز عديدة.

وهناك نوع من الكوبونات لا يؤهل أصحابها للفوز بجائزة فورية ولا لدخول السحب، مثل هذا النوع اتجهت إليه مؤخرا بعض شركات الكاسيت من أجل الترويج لألبومات مطربيها حيث وضعت مع هذه الألبومات كوبونات مخفضة لتناول الوجبات في بعض مطاعم الوجبات السريعة الشهيرة.


الحظ الهباب
هذه الكوبونات التي تلعب دورا مهما في زيادة مبيعات الأسواق والمجمعات التجارية تحمل في الوقت نفسه لأصحابها أحلاما بالفوز، كما تحمل الكثير من الطرائف والغرائب، ففي أحد المطاعم السريعة دخل صديقان مصريان من مدمني الكوبونات لتناول وجبة الغداء حيث يوزع مع كل وجبة كوب هائل من المياه الغازية ملصق عليه الكوبون من نوعية «انزع واربح» هذه المرة وقبل تناول الطعام نزع الصديقان الكوبونين وكانت النتيجة فوز الأول باشتراك مجاني في احدى القنوات الفضائية المشفرة بينما وجد الثاني في انتظاره عبارة تبشره بالفوز «كوب من المياه الغازية الصغير» وهنا صاح الرجل «صغير كما وليس كبيرا» ثم نظر إلى صديقه مرددا المقولة التي يرددها المصريون تعساء الحظ غالبا «جتنا نيلة في حظنا الهباب».

في المكان المخصص لهذا المجمع الشهير الذي ذكرته منذ قليل سألت عادل بسام الذي كان يملأ كوبونا من مجموعة كوبونات وضعها على الطاولة المجاورة أمام مدخل أحد الأسواق الكبرى عن تنبؤاته فقال: من يدري ربما كان الحظ حليفي هذه المرة، فسألته يبدو أن المرات كانت كثيرة؟ فقال: على رغم أنني أملأ هذه الكوبونات منذ 11 عاما هي سنوات إقامتي بالكويت لم أفز ولو مرة واحدة فتركته داعيا له بالفوز.

لكن للبعض الآخر وجهة نظر وجيهة عن ولعهم بالكوبونات تتمثل في تلك الحكايات التي يرويها الأصدقاء الفائزون أو أصدقاؤهم أو تلك الصور التي تنشرها الصحف للفائزين، وكما يقول أحمد العنزي أسمع الكثيرين يروون حكايات عن الذين فازوا بسيارات أو بأدوات كهربائية وغيرها من الجوائز، ثم إن الموضوع لا يأخذ سوى دقائق معدودات لملء الكوبونات ووضعها في الصندوق، فماذا سيخسر المرء، وأسأل العنزي هل فزت من قبل بجائزة؟ فيقول نعم راديو كاسيت ثمنه 9 دنانير لكني مازلت في انتظار الجائزة الكبرى.


لماذا يعزف عنها البعض؟
وإذا عدنا إلى القلة التي لا تعطي اهتماما لهذه الكوبونات ستجد أنها فعلا قلة ، فقد مكثت 30 دقيقة أراقب المكان المخصص لملء الكوبونات في انتظار شخص لا يشارك في هذا الكرنفال ، وأخيرا وجدت طارق الغريب وسألته عن سبب عزوفه عن ملء الكوبونات فقال أنا آتي إلى هنا من أجل الشراء وليس من أجل الكوبونات كما يفعل البعض، فلا أحضر إلى هنا إلا عند شراء أغراض احتاجها فعلا، ولذا لا اعطي اهتماما لهذه الكوبونات، إنها مضيعة للوقت. ثم يقدم لنا الغريب هذه الحسبة البسيطة: انظر في داخل الصندوق الواحد فستجد عشرات الآلاف من الكوبونات فكل شخص يضع في الصندوق عدد كبير من الكوبونات والجائزة سيارة واحدة فلو افترضنا أن عدد الزبائن الذين وضعوا الكوبونات في الصندوق 30 ألفا فإن نسبة الفوز بالسيارة ستكون 1 إلى 30 ألفا فأنت لكي تفوز بهذه السيارة تحتاج إلى حظ نادر جدا.

علم النفس
يعشقون المغامرة ومعظمهم من أصحاب الدخل المحدود

سألت الاستشاري النفسي د.حسن الموسوي هل يمكن أن يتحول الولع بهذه الكوبونات إلى «إدمان» فعلا؟وما سمات هؤلاء المدمنين؟ فأجاب قائلا:

ظهور العولمة والانفتاح الاقتصادي وانتشار الشركات متعددة الجنسية جعل المنافسة حامية الوطيس بين الشركات والأسواق التجارية وحتى مطاعم الوجبات الجاهزة، والكوبونات هي أحد الأساليب الذكية التي تستخدمها الكيانات الاقتصادية بمختلف أحجامها من أجل جذب مشترين لبضائعها، وهذه الشركات تدرس نفسية السوق جيدا وتعرف ما الذي يجذب الزبون إليها، ولذا تنتشر الجوائز والتنزيلات والسلع المجانية، والكوبونات ربما أهمها.

ويلاحظ أن هناك نوعية من الأشخاص لديهم ولع يصل حتى الإدمان على هذه الكوبونات وهؤلاء يتميزون بسمات عديدة منها أنهم يحبون التجديد ويمقتون الملل، كما أنهم يعشقون المغامرة وأنهم يتسمون بالتبذير ولدى هؤلاء قدر كبير من التفاؤل، وأعتقد أيضا أن الغالبية العظمى من هؤلاء يتسمون بالمستوى التعليمي والثقافي والاقتصادي المحدود، فهم ليسوا على قدر كبير من الثقافة ودخلهم ليس كبيرا، وهذه نقطة قد تثير التساؤل فهم يبحثون عن طريق سريع يحققون من خلاله أحلامهم سواء بالحصول على مبلغ من المال أو سيارة حديثة، وهؤلاء يمتازون بعدم النضج أيضا فهم يذهبون من أجل شراء الكوبون وليس من أجل الشراء أو تناول الطعام في حد ذاته ، وإن كنا يجب أن نؤكد أن لهذه القاعدة استثناءات بمعنى أن بعض أصحاب المستوى الثقافي العالي أو الدخل الاقتصادي المرتفع لديهم ولع أيضا بهذه الكوبونات لكن في النهاية أؤكد أن الفوز هنا لا يخضع لأي معايير وانما الحظ فقط وليس سواه.