المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «البيجر» مهدد بإصدار تأشيرة خروج نهائي من السعودية



المهدى
02-19-2005, 01:16 PM
الاتصالات السعودية تقترح إلغاء خدمة النداء الآلي


دقت شركة الاتصالات السعودية المسمار الأخير في نعش جهاز النداء الآلي «البيجر» بعد أن تقدمت بطلب لهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات التي بدورها نشرت في 5 فبراير (شباط) الجاري اعلانا في الصحف المحلية، لعموم المشتركين من المواطنين والمقيمين والشركات والمؤسسات لطلب آرائهم، بخصوص اقتراح شركة الاتصالات السعودية إيقاف بعض أو كافة خدمات النداء الآلي منتصف عام 2005. وبعد أن كانت خدمة النداء الآلي قد اجتاحت الأسواق السعودية منتصف التسعينات الميلادية قبل أن يزيحها الهاتف الجوال تدريجيا وتقضي عليها خيارات الاتصال المتعددة، وأبرزها بطاقات الدفع المسبق (سوا).

في المقابل، كانت العبارة الدارجة في المجتمع السعودي: «أحد بيجرني» هي الأكثر شيوعا في أوساط المتصلين على الأرقام التي كانت تردهم قبل أن تصبح عبارة يفتتح بها محترفو «المعاكسات الهاتفية» كلامهم عند الاتصال بأرقام عشوائية بهدف الازعاج ومضايقة الآخرين أثناء فترة راحتهم أو نومهم.

وكانت حمى نشوء مراكز أجهزة الاتصالات قد توسعت في الانتشار في مختلف المدن السعودية بالاعتماد على مبيعات البيجر التي كان سعر الجهاز الواحد يتراوح بين 1500ـ5000 آلاف ريال قبل أن يتدهور سعرها لشح الطلب ليصل الى أقل من 100 ريال في وقت كانت فيه الشركات تتفنن في اجتذاب العملاء بتوفير خيارات متعددة من الاكسسوارات والمحافظ الجلدية الفاخرة والكماليات.

وكان الكثير من مستخدمي البيجر يعتبر تلك الكماليات والاكسسوارات ضرورة لتدليل طفله التقني الجديد، وهو يرافقه معلقا في سلسلة من الفضة عند الشبان أو في خيوط حريرية أو صوفية مشغولة عند الفتيات. فيما كانت محلات الخياطة الرجالية والنسائية في السعودية تضع خيار تفصيل «جيب» خاص للبيجر ضمن الكماليات التي تستحدثها بين وقت وآخر لزبائنها من الجنسين.

ويتذكر أحد بائعي أجهزة الاتصالات، أول جهاز اقتناه من ماركة «موتورولا» التي ارتبط اسمها في أذهان السعوديين بجهاز «البيجر»، وكيف كانت نغمة الجهاز غير مألوفة للكثيرين، «أتذكر أول كمية استوردناها للمتاجرة.. كان البيع أحيانا يتم بالواسطة لكثرة الطلب على هذا الجهاز الجديد»، ويستطرد «حاليا لم أعد استخدم البيجر، غير أني ما زلت أحتفظ بأول جهاز للذكرى، لقد بات الطلب ضعيفا على هذه الخدمة بوجود الجوال».

في المقابل، تظل فئة الأطباء الاستشاريين وبعض الجهات العسكرية، أو العاملين في وظائف حساسة بشركات البترول من أوائل مستخدمي البيجر أو (البليب) كما يفضل تسميته سكان المنطقة الشرقية حيث أطلق البيجر نغماته الاولى في حياة السعوديين منتصف الثمانينات، وهي الفئة نفسها التي ما زالت تحرص على استخدام البيجر بشكل فعال، خاصة في المستشفيات التي يحظر بها استخدام الجوال لانعكاساته الخطيرة على أجهزة الكشف ومعاينة المرضى، وهو الامر الذي من شأنه تقوم تلك الجهات باضعاف التقاط الجوال لعموم المستخدمين والاكتفاء بجهاز النداء الآلي.

واستطاع البيجر أن يوجد لنفسه مكانا في الذاكرة الشعبية والغنائية عند السعوديين حيث كانت قصائد الشعراء تخرج بمطالع جديدة غير التي تعودت عليها ذهنية متذوقي الشعر بأن أصبح «البيجر» ملهما لخيالات الشعراء ومحركا لحواسهم وهم يستقبلون «نداء على خط الرياض» أو يتمنون أن يكونوا «بيجرا معلقا على صدر حبيبة».

فيما نقل المطرب السعودي صالح خيري البيجر الى ساحة التنافس الغنائي بأغنيته ذائعة الصيت «البيجر» التي حملت اسم أحد ألبوماته الغنائية في خطوة وصفها خيري آنذاك بأنها «نقلة لمسايرة المفردة الغنائية لروح العصر». وكانت مشاكل فقدان «البيجر» وازعاجاته موضوعا رئيسا لإحدى حلقات المسلسل الرمضاني السعودي «طاش ما طاش» في بداياته، وهي الحلقة التي حققت صدى كبيرا لدى المتابعين كون البيجر وقتها كان يشكل جزءا مهما من يومياتهم.

وتعددت استخدامات البيجر في كثير من الأوقات لتتجاوز حدود طلب نداء آلي لأحد الأشخاص ليصبح إحدى الوسائل التي يفضلها الشباب لادعاء الأهمية في المناسبات الاجتماعية سواء بالطلب المسبق من زميل آخر تكرار المناداة للتفاخر أمام الآخرين وادعاء الأهمية أو للتملص من الجلوس لفترات طويلة بزعم حدوث ظرف طارئ وضرورة الاتصال. فيما كان البيجر عند البعض الآخر وسيلة للتعرف على أرقام بعض الهواتف التي يريدون معرفتها، وفي أحيان أخرى فرصة للبعض للكيد لآخرين بغرض «التشفي» منهم. وكانت أربعة نداءات آلية تكلف ريالا واحدا قبل أن تقوم شركة الاتصالات السعودية بإصدار فاتورة سنوية خاصة بالبيجر والغاء الرسوم على النداءات.

وفي الوقت الذي بدأت فيه أجهزة البيجر تختفي من محلات الاتصالات، لا زال بعض الناس يفضلون استخدام هذه الأجهزة لاعتبارات تتعلق بتحذيرات الهيئات الصحية الدولية من خطر «الجوال»، فيما يفضل البعض الآخر استخدام البيجر لتكلفته المادية الميسرة التي لا تتجاوز 200 ريال في العام الواحد.