المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سيرة السيد الإمام موسى الصدر



عابدون
01-20-2005, 05:37 PM
نسبه الشريف

هو السيد موسى بنُ السيد صدر الدين بنُ السيد إسماعيل بن السيد صدر الدين بنُ السيد صالح شرف الدين، وينتهي نسبه إلى الإمام موسى بن جعفر الكاظم، الإمام السابع من أئمة الشيعة الإثني عشرية.

السيد صالح شرف الدين

هو الجد الأول للإمام الصدر، ولد في قرية شحور في قضاء صور ـ جنوب لبنان سنة 1710م، ونشأ فيها؛ ثم استقر في مزرعة يملكها بالقرب من قرية معركة، وفيها ولد ابنه صدر الدين.

كان السيد صالح عالماً جليلاً، محترماً، عالماً بالفقه والأصول. إثر حملة الجزار على علماء جبل عامل، وتنكيله بهم، وإحراق كتبهم ومؤلفاتهم في أفران عكا، وسرقة خيراتهم، وتدمير منازلهم، انتقل السيد صالح إلى شحور، وأقام في منزل والده فيها. ولكن ما لبث جنود الجزار أن هاجموه مجدداً وقتلوا ابنه هبة الدين وهو في الحادية والعشرين من العمر، واعتقلوا السيد صالح واقتادوه الى عكا، حيث حكم عليه بالإعدام، ورُمي في أحد سجونها. ولكنه تمكن بعد تسعة أشهر من مقام الإمام علي (ع). وقد تمكن فيها بعد شقيقه محمد من اللحاق به إلى العراق، مصطحباً معه زوجة صالح وولديه صدر الدين (ست سنوات) ومحمد علي (أربع سنوات).

السيد صدر الدين

الجد الثاني للإمام الصدر، نشأ في العراق مثأثراً بوالده، فدرس في النجف الأشرف، وبلغ درجة الاجتهاد وهو في السابعة عشر من عمره. وكان مرشحاً لتبؤ المرجعية العامة لولا انتقاله الى أصفهان. وقد تزوج من ابنة المجتهد الأكبر الشيخ كاشف الغطاء، وأنجب منها خمسة من علماء الدين أصغرهم ولده إسماعيل.

السيد اسماعيل صدر الدين

المعروف بالسيد إسماعيل الصدر: هو الجد الأخير للإمام السيد موسى الصدر. ولد ونشأ في أصفهان، وتوفى والده السيد صدر الدين وهو في التاسعة من عمره. وعندما بلغ أشده ترك أصفهان إلى النجف الأشرف حيث درس الفقه على يد الإمام الشيرازي. وانعقدت له المرجعية العامة للشيعة الى حين وفاته سنة 1914. أنجب السيد إسماعيل أربعة أولاد برزوا في العلوم الدينية منهم محمد مهدي الذي كان من كبار مراجع الدين في الكاظميّة، وشارك في الثورة العراقية مع ابن عمه محمد الصدر الذي تولى رئاسة الوزارة العرقية، ومنهم السيد صدر الدين والد الإمام موسى الصدر، والسيد محمد جواد، والسيد حيدر.

السيد صدر الدين الصدر

هو والد الإمام السيد موسى الصدر، وُلِدَ في العراق وعاش فيها ودرس الفقه وقاد حركة دينية تقدمية. كما ارتبط اسمه بالنهضة الأدبية في العراق. ثم هاجر الى إيران واستوطن في مشهد من أعمال خرسان، حيث يقع مقام الإمام عليّ الرضا(ع) ثامن الأئمة المعصومين. تزوج السيد صدر الدين من السيدة صفية، والدة الإمام موسى الصدر، وهي كريمة المرجع الديني للشيعة السيد حسين القمّي.

ونظراً لعلم السيد صدر الدين، ومعرفته، وسُمُوِّ أخلاقه وسلوكه استدعاه المرجع العام الشيخ عبد الكريم اليزدي الى قم ليعاونه في إدارة الحوزة العلمية حيث اصبح السيد صدر الدين أحد أركانها ومرجعاً معروفاً.

وقد أنشأ السيد صدر الدين عدداً من المؤسسات التربوية، والدينية، والأخلاقية، والاجتماعية والصحية، حتى بلغ عددها خمس عشرة مؤسسة كما أسهم في بناء الجسور وشق الطرقات، وقبيل وفاته أسهم في بناء مستشفى وتجهيزه ومات السيد صدر سنة 1953 فقيراً؛ فقد قال الأمام السيد موسى الصدر في وصفه منزل والده بأنه كان فقيراً، ولم يرَ فيه سجادة عجمية واحدة.

مولده منشأته

ولد الإمام السيد موسى الصدر في عام 1928 ميلادية في مدينة قم الإيرانية. له سبع أخوات، منهن: السيدة فاطمة، حرم آية الله السيد محمد باقر الصدر (قُدِسَ سرّه) والسيدة صديقة، حرم آية الله السيد سلطاني الطباطبائي، أحد أبرز أساتذة الحوزة العلمية في قُم. هو أصغر إخوانه وهم: السيد رضا والسيد علي. وفي قم نشأ، وبدأ دراسته في مدرسة (باقريه) الابتدائية والمتوسطة، وأنهى المرحلة الثانوية وهو في سن مبكرة جداً في مدرسة (سنائي).

تلقى علومه الدينية بشكل طبيعي على يد شقيقه السيد رضا، وتركز منهجه في اللغة والأصول على يد والده الذي كان يريد له اتجاهاً معيناً بعدما رأى منه ذكاء ورغبة في العلم، فنصحه بسلوك طريقة الدعوة الى الله، وبالتالي إكمال دراسته في العلوم الإلهية.

لذلك، انتسب الإمام الصدر إلى جامعة قم الدينية ليأخذ العلم على يد أشهر المراجع، منهم: الإمام الخميني في الفلسفة، والسيد سلطاني الطباطبائي، وآية الله شريعتمداري في الدراسة المعمقة؛ ومنهم: السيد الداماد. وجمعته مقاعد الدراسة مع كل من الدكتور بهشتي، ومرتضى مطهري، والسيد الأردبيلي. فاشتهر الإمام الصدر بأنه كان مُحَقِقاً، باحثاً، متحدثاً ومناقشاً مميزاً، يعرض الإشكالات العلمية بطلاقة، ويوجد لها المخارج بقناعة ومنطق. وانتهت هذه المرحلة بحصوله على درجة الاجتهاد وإتمامه لمراحله وأصوله.

يقول عنه آية الله المشكيني:

"السيد موسى الصدر كان من تلامذة المرحوم الداماد النُّجَبَاء... وقد حرص كل الفضلاء المشهود لهم بالخبرة والدراية والحنكة، على حضور دروسه ومحاضراته؛ وكان الإمام موسى الصدر، أحد أعلام هذه الصفوة. أثناء ساعات الدرس، كان ماهراً، محققاً، باحثاً، متحدثاً ومناقشاً. مجموعته كانت تضم نخبة من الطلبة المميزين من أمثال بهشتي، كان سماحته معروفاً في فترة دراسته في الحوزة، حيث كان يشار إليه بالبّنان في أوساط الطلاب الذين نال احترامهم وتقديرهم. ومن الناحية العلمية، كان بارزاً في المجموعة التي ضمت زملاء الدرس والتحصيل. وإذا لم نرد القول إنه تفوق على الجميع، فإن أحداً لم يتقدمه على أي حال... كان يحتل مكانة علمية مرموقة. وأما النقطة الأخرى التي ميزته من البقية، فهي أنه كان يتابع الدراسة الجامعية أيضاً في جامعة طهران... كان من الفضلاء الكبار حقاً. ومنذ تلك الفترة، كنت واثقاً من أنه يتمتع بالقدرة على استنباط الأحكام".

ولكن دراسته للعلوم الدينية لم تبعده عن متابعة الدروس الأكاديمية، فالتحق بجامعة طهران ـ كلية الحقوق ـ وتخرج منها حاملاً إجازة في العلوم الإقتصادية، فكان بذلك أول رجل دين يدخل الجامعة في إيران ويحصل على شهادة جامعية في غير العلوم الدينية.

السيد الأردبيلي يقول عن الإمام الصدر:

"يعود تاريخ تعرفي الى سماحته، الى سنة 1321 ش (1942م). في أواخر تلك السنة، أي الفترة التي أتيت فيها الى قم... تعرفت اليه بعد مضي عدت أيام على وجودي هناك. ذلك ان دروس الحوزة العلمية، كانت تستوجب حضور حلقات مشتركة، واقتناء كتب واحدة. في تلك الفترة، كان سماحته يتابع دراسة مرحلة السطوح في الرسائل والمكاسب. ومن خلال مشاركتي في تلك الدروس تعرفت إليه. كان يتمتع بسمات خاصة للغاية لناحية الكفاءات والأهلية. وقد أهلته صفات الدراية، والذكاء الحاد، وسرعة الفهم والبديهة، والدقة والتأمل العميق في المسائل العلمية، الى تصدّر كلّ أصدقائه وزملائه في الأوساط العلمية.

أضف الى ذلك أنه كان يتميز بدراية تامة في المسائل واللياقات الإجتماعية ... فكان من الطبيعي أن تصبح له علاقات واسعة النطاق مع الناس ... كما أن وضعه العائلي كان يستوجب ذلك.

أيضاً، فإن خصائصه الأخلاقية القويمة كانت تحتم وجود هالة اجتماعية مميزة من حوله. كانت لديه معلومات متنوعة حول الشؤون الإجتماعية... الأمر الذي كان يفتقده طلبة الحوزات العلمية في تلك الأيام، نظراً لاستغراقهم في المسائل العلمية البحتة.

كان إنساناً محبوباً وجذاباً وقريباً من القلب. صداقاته عديدة ومتنوعة. الكل كان يفتخر بوجود صلة تربطه بسماحته... كي يستفيد من أدبه، وأخلاقه، ودرايته، وفهمه، وذكائه وشخصيته الفذة. وكلما انضم الى إحدى حلقات الدرس والبحث، أصبح من المتفوقين بسرعة ملحوظة، وقد تابع دراسته العلمية في الحوزة حتى مرحلة الاجتهاد... الى أن أصبح أحد المدرسين المجلين في الحوزة العلمية".

أما آية الله السيد موسى الشبيري الزنجاني فيقول عن الإمام الصدر:

"منذ بداية انطلاقتنا في مرحلة الدراسة العلمية في الحوزة، بدأنا سوية في خوض غمار البحث والتحقيق. وقد انفرد سماحته منذ البداية بمميزات ملفتة كانت تضفي حيوية خاصة على أجواء الدرس:

أولاً: من ناحية سرعة الفهم والاستيعاب... فقد كان حاد الذكاء وسريع الاستيعاب للمسائل الى حد كبير. لذا يمكن اعتباره من الصفوة في هذا المضمار.

ثانيا: وعلاوة على سرعة الفهم، هناك نقطة صفاء الفهم ونقائه... إذ أنه تميز بفهم صافٍ متطابق مع فطرته. ومن ناحية دقة النظر، يمكن أن نجد من يفوقه موهبة من بين الكبار... أما من ناحية صفاء الفهم النابع من الفطرة، وروح البحث عن الحقيقة المستندة الى الفهم الزلال النقي... فلا أستطيع أن أقد عليه أحداً من الناس... لا أحد... ويتابع قائلاً:

كان فهمه صافياً ونقياً الى أبعد الحدود. جانب آخر من مزاياه... ألا وهو بيانه البديع. إذ أن بيانه تميز بالوضوح والسهولة واليسر وتحاشي التعقيد. كما أن نبرة صوته كانت تتميّز بالهدوء والرقة والعذوبة. خوض غمار الأبحاث... سواءً الاجتماعية منها أو العلمية... لم يكن أحد يشعر بالتعب أو الملل من أحاديثه وشروحه. من ضمن الخصال الأخرى التي تحلّى بها سماحته، نذكر الإلتزام بآداب البيان. ومن البديهي أن وضوح البيان وسهولته هما غير آداب البيان.

فطوال المدة التي عرفته خلالها، لم ألاحظ أبداً أنه رفع صوته أو تعامل بخشونة، عند التحدث مع مختلف الأفراد... لم يستعمل أبداً لفظة حادة، أو عبارة جارحة، أو كلمة فظة، أو أدنى إهانة خلال تعاطيه مع مختلف الناس... لم يصدر ذلك منه على الإطلاق. أي أنه كان يتميز بأدب وافر في الحديث. وهذه الصفة هي عبارة عن ميزة أخرى كانت تبرزه بين الناس، وتجعله مفضلاً لدى الآخرين. وهناك ميزة ثانية تعتبر من أفضل وأروع السمات التي أتسم بها... ألا وهي الأنصاف في البحث والمناقشة. كان منصفاً الى حد لا يوصف.

إذ ان روح البحث عن الحقيقة، والسعي إليها كانت غالبة عليه. لم يحاول أبداً أن يفرض كلامه وآراءه على الآخرين فرضاً. من الممكن أن تجد شخصاً لا يفرض رأيه على الآخر... ولكنه عندما يجد أن جهوده لم تفلح، وان الشخص المعني لم يقتنع، فإنه يمسك عن الكلام. أما سماحته فلم يكن يفرض رأيه على أحد... وعندما كان يجد أن كلام الطرف الآخر يستند الى حجج وبراهين وبينات، كان يأخذ بكلامه ويقتنع برأيه على الفور... من دون تردد أو انزعاج، أي أن الاعتراف بأحقية الآخر وصوابية كلامه، كان أمراً عادياً جداً بالنسبة إليه. سأروي إحدى الخواطر التي تشكل خير دلالة على هذا الأمر. عندما توفي المرحوم السيد أبو حسن الأصفهاني... لمع نجم عالمين على أنهما الأوفر حظاً لحيازة مركز المرجعية.

ومن الطبيعي أنه كان يوجد عدد من المراجع الكبار... ولكن هذه العالمين كانا من الصفوة، بالإضافة الى أن الرأي العام كان يفضلها على البقية. أحدهما كان المرحوم آية الله البروجردي... والآخر المرحوم آية الله القمي... وكما عرفنا من سياق الحديث، فإن السيد القمي هو جد السيد موسى الصدر لأمه ـ حينها قال السيد موسى الصدر:

( لقد حققت في هذه المسألة مع أهل الخبرة... وتوصلت الى نتيجة مفادها انه يجوز تقليد أي منهما. ولكني سأقوم بتقليد آية الله البروجردي... وذلك لسببين: أحدهما ان سماحته هو أقرب إليّ... فإذا احتجت الى طرح مسألة معينة ومعرفة جوابها، فهو موجود في قم، على مقربة منا... في حين ان السيد القمّي موجود في العراق، حيث لا يمكن الاتصال به بيسر وسهولة. والسبب الآخر هو ان هذا الاختيار هو أبعد عن التعصب... عن التعصب البيتي والعائلي... وأنا لا أريد أن أتأثر بهذه العوامل).

كانت روحه دائمة البحث عن الحقيقة، وتألّق من أجل الوصول إليها. هذه العوامل المتعددة التي أتينا على ذكرها، هي التي جعلت سماحته يسمو الى قمة لا تضاهى".

الى جانب دراسته في جامعة قم، قام الإمام الصدر بالتدريس فيها.

يقول عنه الدكتور صادرقي:

"وكما كان طالباً جيداً كان معلماً جيداً، وفي الحالين كان الطلبة يرغبون بالحضور حيث يكون، فهو مُشَوِّق في تدريسه، وملفت في تساؤلاته عن تلقيه الدرس؛ وهو بمجرد أن يتعلم مطلباً يمتلك القدرة على تدريسه فوراً، ولذلك اعتُبر أستاذاً وهو لا يزال بعهد الطلب".

وقد لمس الإمام الصدر مع مجموعة من رفاقه من علماء الدين مدى النشاط اليساري في إيران، فعمد الى مواجهة هذا المد بأسلوب علمي جديد.

يقول آية الله الشيخ مكارم شيرازي:

"... في ذلك الوقت كانت نشاطات الشيوعيين في إيران قوية، وكانت تنشر كتبهم، وازدادت هجماتهم على الإسلام بشكل وقح، ووصلت وقاحتهم الى إصدار كتاب بعنوان: (نكبهان سحر وأفسون) يعني (حراس السحر والشعوذة) ويعنون علماء الدين..

بدأت أصداء هذا الكتاب تتردد، وشعر الجميع بخطرهم يعني : الشيوعيين إذا ما استمروا بالانتشار على هذه الصورة، واتُخِذَ القرار بمواجهة الإعلام الشيوعي، واجتمعنا مع السيد موسى والسيد بهشتي وبعض الأصدقاء، وقررنا بأنه من واجبنا قراءة كتبهم ومعرفة ما يقولون، وبعدها نفكر بما نرد به عليهم.

والحق يقال أن السيد في هذه الاجتماعات كان كالنجم يتلألأ، وبالتعاون معه تمكنا من تطوير هذا النشاط، وبجده تمكنا من نشر كتب ضد الشيوعية، واستطعنا أن نوقظ المجتمع الى ما كان غافلاً عنه.

ولم يكتف الإمام بهذا النشاط، بل عمد الى إصدار مجلة باللغة الفارسية وكان ترخيصها باسم "مكتب إسلام"، أي المجلة الإسلامية، حيث نشر فيها أهم دراساته في الاقتصاد والفكر الاجتماعي وقد انتشرت المجلة انتشاراً باتت معه من أهم المجلات في إيران. وقد أسهمت بشكل خاص في نشر أفكار تيار علماء الدين المتحرر في إيران".

يقول آية السيد موسى الشبيري الزنجاني:

"أذكر أيضاً خاطرة عن مجلة (مكتب إسلام)، التي كان يشرف عليها قبل ذهابه الى لبنان، وإقامته فيه. الأشخاص الذين شاركوا في تحرير مواد المجلة، كانوا من النخبة... أي من العلماء المعروفين في الحوزة العلمية. وبما أنه تولى مسؤولية الإشراف على المجلة، فقد التزم بالاعتناء بكافة المقالات المرسلة. أما المقالات التي كان يكتبها بنفسه، فكانت تعرض على كافة أفراد أسرة المجلة. وقد علق على الأمر ذات مرة بقوله: (هذه المسألة طبيعية بالنسبة إليّ. طالما أن هيئة تحرير المجلة مقالتي عن وجهات نظر الآخرين؟… وما الداعي لأن أنفرد في الرأي والقرار؟...) فكان من البديهي أن تجذب أخلاقه السامية هذه، قلوب الناس ومشاعرهم".

عام 1954 انتقل الإمام السيد موسى الصدر الى العراق، وأقام في النجف الأشرف، وتابع دروسه الدينية خلال فترة أربع سنوات، فأخذ فيها الأصول عن المرجع الأعلى السيد محسين الحكيم، وأخذ الفقه عن زعيم الحوزة الدينية العلمية السيد أبو القاسم الخوئي؛ وكانت هذه المرحلة بمثابة تعميق وتوسيع الدراسة. وفي هذه الفترة التقي في حلقات الدرس سماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين في منزل آية الله السيد محمد باقر الصدر ابن عم السيد موسى الصدر وصهره، كما التقى السيد محمد حسين فضل الله.

أتقن الإمام السيد موسى الصدر اللغة العربية لأنها لغة القرآن الكريم ولغة البيت الذي نشأ فيه، ولأنها أيضاً لغة الجامعة الدينية في قم. كما أتقن الفارسية لأنها لغة مكان الإقامة. وتعلم اللغة الفرنسية في جامعة طهران، وحصّل اللغة الإنكليزية بمجهوده الشخصي؛ كما تعرّف الى لغات أخرى.

تزوج الإمام السيد الصدر من كريمة الشيخ عزيز الله خليلي سنة 1955، وهي ابنة أخت آية الله الكاشاني، ورزق منها أربعة أولاد هم صدر الدين (1956) وحميد (1959) وحوراء (1962) ومليحة (1971).

الى جانب القليل من الصفات التي ذكرت، تميزّ سلوك الإمام بالخروج على التقاليد التي تفرض نظاماً على المراجع وأولادهم، حيث أنه كان يحضر مباريات كرة القدم، ويحمل ابنه صدري خارج المنزل.

قدومه إلى لبنان

في إحدى زياراته الى إيران التقى الإمام عبد الحسين شرف الدين بالإمام السيد موسى الصدر، وقد لفت انتباهه شخصية الإمام وعلمه وأدبه؛ ونظراً لصلة القربى بين العائلتين، فقد بقية الصلة مستمرة بين الاثنين.

في عام (1955) قدم الإمام الصدر الى لبنان للمرة الأولى، فتعرف الى انسبائه في صور ومعركة، وشحور، وحلّ ضيفاً في دارة الإمام عبد الحسين شرف الدين (ق.س)، فزادت معرفة هذا الأخير بمزايا الإمام الصدر وبمواهبه، وأصبحت مدار حديثه في مجالسه بما يؤكد جدارته لأن يخلفه في مركزه بعد وفاته.

في سنة 1958 توفى الإمام عبد الحسين شرف الدين (ق.س)، فكتب أبناؤه رسائل عدة الى الإمام موسى الصدر في قم، يدعونه فيها للمجيء الى لبنان، وتسلّم مسؤولية المرجعية فيه. وقد حثّه وشجعه على ذلك الإمام السيد البروجردي، وكان من كبار مراجع الشيعة في إيران.

وفي أواخر سنة 1959 رجع الإمام موسى الصدر الى لبنان، وأقام في مدينة صور في منزل السيد عبد الحسين شرف الدين، وهو المسجد المعروف بمسجد الإمام الصادق. ولكن الإمام لم يبقَ أسير جدرانه بل تخطى الحدود ...

قاهر النفاق
01-27-2005, 03:26 PM
الله يفرج عنه بحق محمد وآل محمد