المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قصة إخفاء سماحةالإمام القائد السيد موسى الصدر ورفيقيه



عابدون
01-20-2005, 05:28 PM
رفيقيه الشيخ محمد يعقوب والأستاذ عباس بدر الدين أثناء زيارة رسمية في ليبيا في رمضان المبارك 1398هـ الموافق آب 1978 م على يد أكبر طاغية في عهده ، يزيد عصرنا هذا ، حاكم الصحراء قذافي ليبيا



بسم الله الرحمن الرحيم

"واذ يمكر بك الذين كفروا ... ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين "

[الانفال،30]



صدق الله العظيم

لكلمته الصولة

قديما قيل: للباطل جولة وللحق صولة، وما كان للباطل أن تقر جولاته، وليس أمام الحق إلا أن يصمد ليحقق صولاته، وهذا شأن قضايا الحرية مع أعدائها على مدى التاريخ، فلا هم أدركوا أن الحرية ليست أشخاصاً وأفراداً تنتهي بإبعادهم عن الساح، ولا هي تملك ألا تكون، لأنها ليست هي صانعة نفسها. وإن كانت الأجرام نتيجة تفجرات كونية انبثقت عنها كواكب أخذ كل كوكب دوره في حركة الكون، فقضايا الحرية تفجرات طموح الإنسان ليحقق ذاته في مدى التطلع.

أعداء الحرية يجولون، يغيِّبون، يغتالون، يحجزون، يخطفون، يرهبون، يعرقلون، يؤخرون، يعطلون، ثم ماذا؟ هل توقف قضية عادلة عن التحقق، وإن طال المدى؟ وقديماً قيل: لا بد من صنعا وإن طال السفر.

ربما كان الظن أن القضايا التي طرحها هي قضاياه الشخصية فغيّبوه، ولكن بعضاً من القضايا تحقق، وبعضاً ما زال بين الجولة والصولة، وليس هذا فحسب، فحيث تدجنت قيادات، تصدت الحجارة للقيادة، وإذ صار هو إحدى قضايا الحرية، فكلمته سيكون لها الصولة.

ولا بد من صنعا وإن طال السفر.


بسم الله الرحمن الرحيم

أسباب وظروف زيارة سماحة الإمام إلى ليبيا:

تجاه اشتداد المحنة اللبنانية، وتعاظم الأخطار التي تهدد جنوبي لبنان بفعل العدو الإسرائيلي وممارساته اثر الاجتياح في 14/3/1978 والتي حالت دون تمكين الدولة اللبنانية من إخضاع هذه المنطقة لسلطتها لرفض إسرائيل الانسحاب من المنطقة الحدودية وتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 425 وذلك من أجل خلق وضع يخدم مخططاتها،

وجد سماحة الإمام السيد موسى الصدر، قياماً منه بمهام مسؤولياته، أن الواجب يدعوه لعرض تطورات الوضع العام في لبنان وحقيقة المخاطر التي تهدد جنوبه، على رؤساء الدول العربية ذات الاهتمام والتأثير المباشر في معالجة هذه الأوضاع.

وفي هذا الإطار، قام سماحة الإمام بجولة شملت كلاّ من الجمهورية العربية السورية والمملكة الأردنية الهاشمية والمملكة العربية السعودية والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، داعياً لعقد مؤتمر قمة عربي محدود سعياً لإنهاء محنة لبنان وإنقاذ جنوبه، وهو ما أعلنه الإمام الصدر بنفسه في حديثه لصحيفة "أخبار الخليج" البحرينية والذي نقلت خلاصته صحيفة "النهار" في 24/7/1978.

في الجزائر، أجرى سماحته محادثات مع سيادة الرئيس هواري بومدين ومع السيد محمد صلاح يحياوي ومع مسؤولين آخرين في جبهة التحرير الوطني الجزائرية. وفي إحدى جلسات هذه المحادثات، أُشير على سماحته بزيارة الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية لما لقادتها من تأثير على مجريات الوضع العسكري والسياسي على الساحة اللبنانية إكمالا ًلجولته وخدمة لأهدافها القومية والوطنية. وأبدى سماحته أن زيارته الوحيدة لليبيا تمت عام 1975 وذلك للمشاركة بمؤتمر إسلامي عام وأنه سيلبي دعوة توجه إليه من سلطاتها للقيام بهذه الزيارة والاجتماع برئيسها وقادتها.

بتاريخ 28/7/78 استقبل سماحته في مكتبه القائم بأعمال السفارة الليبية في لبنان الذي أبلغه دعوة من مؤتمر الشعب العام في الجماهيرية العربية الليبية، لزيارة الجماهيرية والاجتماع بسيادة الأمين العام للمؤتمر، العقيد معمر القذافي متمنياً بدء الزيارة في 19 أو 21 آب 1978.

قَبِل سماحة الإمام هذه الدعوة، وتريث في تحديد موعد بدء الزيارة.
بتاريخ 20/8/1978 أبلغ سماحته القائم بالأعمال الليبي رغبته في أن تبدأ الزيارة بتاريخ 25/8/1978 واضطراره إلى أن يغادر الجماهيرية قبل 1/9/1978 من أجل الاهتمام بزوجته المريضة التي تُعالج في فرنسا والعودة إلى لبنان لمتابعة شؤون ملحة. كما أبلغه أسماء أعضاء الوفد المرافق لسماحته.

قدمت سفارة الجماهيرية العربية الليبية في لبنان لسماحته، تذاكر سفره مع عضوي الوفد المرافقين الشيخ محمد يعقوب والسيد عباس بدرالدين. وقد تم حجز مقاعد لحساب السفارة بالدرجة الأولى في الطائرة بموجب كتابها إلى شركة طيران الشرق الأوسط رقم 4/3/430 تاريخ 24/8/1978.

يوم الجمعة بتاريخ 22 رمضان 1398 هـ الموافق 25 آب 1978، سافر سماحة الإمام السيد موسى الصدر يرافقه فضيلة الشيخ محمد يعقوب والصحفي الأستاذ عباس بدر الدين (صاحب وكالة أخبار لبنان) إلى الجماهيرية الليبية، وكان في عداد مودعيه في مطار بيروت القائم بالأعمال الليبي السيد محمود بن كورة. ولدى وصوله مطار طرابلس الغرب استقبله عن السلطات الليبية رئيس مكتب الاتصال الخارجي في مؤتمر الشعب العام السيد أحمد الشحاتي.

أقام سماحة الإمام الصدر ومرافقاه في فندق الشاطئ بطرابلس الغرب، ضيوفاً على سلطات الجماهيرية الليبية.

أغفلت وسائل إعلام الجماهيرية الليبية أية إشارة إلى قدوم زائرها الرسمي سماحة الإمام الصدر، كما أغفلت أي خبر عنه خلال إقامته بضيافتها، لدرجة أن القائم بالأعمال اللبناني في طرابلس الغرب الأستاذ نزار فرحات لم يعلم بوجوده في هذه المدينة إلا عندما اتصل به الأستاذ عباس بدر الدين بتاريخ 28 آب 1978 م، وذلك وفقاً لمضمون التقرير الرسمي المحفوظ في وزارة الخارجية اللبنانية.

انقطاع أخبار الإمام وبدء التحرك الرسمي:

ومنذ وصول سماحة الإمام الصدر إلى ليبيا، وطيلة الأيام اللاحقة، لم يرد منه أي اتصال هاتفي أو رسالة أو خبر لأي كان في لبنان(1)، وذلك خلاف عادته في أسفاره. وكذلك حال مرافقيه، علماً بأن أحدهما الأستاذ بدر الدين صَحب الإمام الصدر في هذه الزيارة من أجل تغطية أخبارها في وكالته، وهذا الأمر لم يتحقق.

بعد أن تأخرت عودة الإمام الصدر ومرافقيه من ليبيا، واستمر الاتصال بهم منقطعاً، طلب المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى من القائم بالأعمال الليبي في لبنان بتاريخ 4 شوال 1398هـ الموافق 6 أيلول 1978 معلومات في الموضوع، فماطل في إجابة الطلب أربعة أيام عرض بعدها المجلس الموضوع على رئيس الحكومة اللبنانية الدكتور سليم الحص الذي استدعى على الفور القائم بالأعمال الليبي بتاريخ10 أيلول 1978م وأكد له الطلب رسمياً وبصورة مستعجلة. فأجابه ظهر اليوم التالي "أن الإمام الصدر ومرافقيه غادروا ليبيا مساء يوم 28 رمضان 1398 هـ الموافق 31 آب 1978م إلى روما على متن طائرة الخطوط الجوية الإيطالية ( الرحلة رقم 881)."

نظراً لما أثاره هذا الجواب من قلق، حاول رئيس الجمهورية اللبنانية الأستاذ الياس سركيس بتاريخ 12 أيلول 1978م الاتصال هاتفياً بالقذافي، لاستيضاحه في الموضوع وإبلاغه أن ضيوفه لم يصلوا إلى وطنهم ولم يظهروا خارج ليبيا، إلا أن هذه المحاولة لم تنجح بالرغم من تكرارها مراراً في اليوم ذاته، فالمتكلم الليبي على خط الهاتف المطلوب في طرابلس الغرب كان يجيب أن القذافي غير موجود على هذا الخط وكان يعطي رقماً آخر وكان هذا الرقم يطلب دون جدوى...

أما رئيس الحكومة اللبنانية فقد تمكن من الاتصال هاتفياً في اليوم ذاته برئيس الحكومة الليبية الرائد عبد السلام جلود الذي استمهل في بادئ الأمر للإجابة، ثم أجاب في مخابرة لاحقة مكرراً الجواب الذي قدّمه القائم بالأعمال الليبي، ومضيفاً "إن الإمام لم يكن راضياً وغادر ليبيا دون إعلام الجهات الرسمية بموعد سفره ليجري وداعه رسمياً. وأن أحد الموظفين السيد أحمد الحطاب شاهد سماحة الإمام صدفة أثناء وجوده في مطار طرابلس الغرب فودّعه".



لدى استقصاء أخبار سماحة الإمام، بسؤال العائدين من ليبيا (منهم السادة بشارة مرهج، اسعد المقدم، طلال سلمان، منح الصلح، محمد قباني، بلال الحسن، محمد سلمان إضافة إلى نزار فرحات القائم بالأعمال اللبناني في ليبيا) بعد حضورهم احتفال"الفاتح من سبتمبر"، تبين:

* أنه كان في استقبال سماحته عند وصوله إلى مطار طرابلس الغرب السيد أحمد الشحاتي رئيس مكتب الاتصال الخارجي في الأمانة العامة لمؤتمر الشعب العام.

* أن سماحته مع مرافقيه حلّوا ضيوفاً على الأمانة العامة لمؤتمر الشعب العام ونزلوا في فندق الشاطئ بطرابلس الغرب.

* أن السيد أحمد الشحاتي أجرى مباحثات مع سماحته بتاريخ 26و27 آب 1978، وفي إحدى جلسات هذه المباحثات أجرى التلفزيون الليبي تصويراً وسجل حديثاً لسماحته، لكن هذا التسجيل لم يبث.

* أنه سُجل حديث طويل لسماحته عن الشؤون اللبنانية والعربية الراهنة، من أجل بثه في إذاعة الوطن العربي في الجماهيرية، إلا أن إذاعة هذا الحديث منعت.

* أنه منذ وصول سماحته إلى طرابلس الغرب بتاريخ 25/8/1978 كان ينتظر إبلاغه موعد اجتماعه بالقذافي، وكان قد أبلغ عن اضطراره للسفر إلى باريس قبل 1/9/1978.

* إن مرافقي سماحة الإمام كانا ينويان السفر إلى باريس. ولذا طلب أحدهما السيد عباس بدرالدين من القائم بالأعمال اللبناني في ليبيا بتاريخ 29/8/1978 تأمين تأشيرة له لدخول فرنسا. أما سماحته والشيخ محمد يعقوب فكانا حائزين تأشيرتين صالحتين من السفارة الفرنسية في بيروت.

* ان سماحته ومرافقيه شوهدوا معا يخرجون من فندق الشاطئ حوالي الساعة الواحدة من بعد ظهر يوم 31/8/1978 ليستقلوا السيارات الموضوعة بتصرفهم، من أجل الانتقال للاجتماع بالقذافي الذي أكد فيما بعد أنه كان حدد موعداً لهذا الاجتماع في الساعة الواحدة والنصف من بعد ظهر اليوم نفسه، وأن الاجتماع لم يتم وأن سيادته أُبلغ أن سماحته سافر.



انتشر خبر اختفاء الإمام الصدر وأبرزته الصحف اللبنانية في صفحاتها الأولى بتاريخ 12 أيلول 1978م، وتناقلته الإذاعات ووسائل الإعلام العالمية، ولوحظ أنه في هذا التاريخ أوردت إحدى الصحف اللبنانية الوثيقة الصلة بالسلطات الليبية الخبر تحت عنوان "هل لأحداث إيران علاقة بهذا اللغز" وأدرجت هذه الصحيفة في متن الخبر أسباباً تعلل بها التوجه نحو إمكانية علاقة القضية بأحداث إيران. كما لوحظ أن وكالة الأنباء الكويتية أوردت في نشرتها بالتاريخ ذاته أن الإمام الصدر موجود منذ بضعة أيام في إيران، ونسبت هذا الخبر إلى مصادر رسمية ليبية، وتبين أن مصدر هذا الخبر هو مدير مكتب وكالة الجماهيرية الليبية للأنباء في بيروت.



ملاحظات حول البيان الليبي الرسمي:

تفاعلت القضية على الصعيد الشعبي في لبنان، وعلى الأصعدة الرسمية محلياً وفي الخارج، لبنانياً وعربياً وإسلامياً، طوال الأيام اللاحقة، وتعددت الاتصالات من مراجع عدة بالقذافي، وبقيت السلطات الليبية ساكته لا تولي القضية أي اهتمام، إلى أن اضطرت تحت ضغط المراجعات والرأي العام العالمي وبعد تحرك بعثة التحقيق اللبنانية(راجع ص : 29) وأجهزة التحقيق الإيطالية إلى إصدار بيان رسمي نشر بتاريخ 18 أيلول 1978م (راجع نص البيان ص :40)، تزعم فيه "أن الجماهيرية تولي الأمر اهتماماً كبيراً" و "أن الجماهيرية تلقي بكامل ثقلها مع القوى الإسلامية والتقدمية لمعرفة مصير الإمام موسى الصدر وإنقاذ حياته وحياة رفيقيه" (هذه الأقوال والتعهدات بقيت كلاماً دون أي تنفيذ).

وهذا البيان الليبي الرسمي، الذي أكد مجدداً أن الإمام الصدر ورفيقيه غادروا طرابلس الغرب في الساعة الثامنة والربع مساء 31 آب 1978 م متجهين إلى روما بطائرة "اليطاليا" (الرحلة 881)، تضمن مغالطات عدة، منها:

1- القول إن الإمام الصدر "زار الجماهيرية مرات عدة من قبل": هذا الكلام غير صحيح لأن الإمام الصدر لم يزر ليبيا من قبل سوى مرة وحيدة في أواخر شهر آب 1975 م للمشاركة في مؤتمر فكري إسلامي.

2- القول في مطلع البيان الرسمي إن الإمام الصدر "تربطه بالجماهيرية علاقات متينة مبعثها التقدير والاحترام"، وتكراره في ختام البيان بالقول "تؤكد أمانة الخارجية أن الإمام الصدر تربطه بالجماهيرية علاقات أخوية متينة وتكن له كل احترام وتقدير".

هذا القول عن العلاقات لا أساس له من الصحة، لأنه لم تقم بين الإمام وبين الجماهيرية الليبية أية علاقة، من أي نوع كان.

أما القول عن التقدير والاحترام، فتدحضه ممارسة عبد السلام جلود الذي أقام في لبنان أكثر من /45/ يوماً خلال شهري حزيران وتموز 1976، في ظروف القتال، عقد أثناءها اجتماعات ولقاءات مع مختلف القادة والزعماء ورؤساء الفعاليات والأحزاب والتنظيمات في لبنان، واستمع إلى وجهات نظر الجميع، من مختلف الفرقاء، دون أن يجتمع مع الإمام الصدر. وعندما التقيا صدفة في دمشق بتاريخ 12/7/76 وعد جلود الإمام بالاجتماع به في بيروت عند عودتهما إليها، وحصلت هذه العودة بتاريخ 14/7/76 واستمر جلود في بيروت مدة أسبوعين بعدها متابعاً اجتماعاته واتصالاته الواسعة دون أن ينفذ وعده.

3- أما الأقوال والوقائع الأخرى التي أوردها البيان الليبي الرسمي المنشور بتاريخ 18/9/78 م، فتدحضها التحقيقات القضائية التي ستعرض نتائجها لاحقاً.

تصريح القذافي لوفد العلماء:

بتاريخ 21/9/78م توجهت مسيرة شعبية كبرى، من بيروت إلى دمشق حيث كان يعقد "مؤتمر قمة الصمود والتصدي" لإثارة قضية الإمام الصدر في هذا المؤتمر.

وبطلب من القذافي، تمّ اجتماع خاص بينه وبين وفد من المسيرة تألف من العلماء أصحاب الفضيلة الشيخ عبد الأمير قبلان، الشيخ أحمد الزين، الشيخ عبد الحليم الزين والشيخ خليل شقير.



وفي هذا الاجتماع صرّح القذافي:

1- أنه كان حدّد موعداً للاجتماع بالإمام الصدر في الساعة الواحدة والنصف بعد ظهر يوم 31/8/78 م، إلا أن الإمام لم يحضر وقيل للقذافي انه سافر. هذا القول يثير السؤالين الآتيين:

أ- لماذا لا يحضر الإمام الصدر هذا الاجتماع وهو الذي جاء إلى ليبيا من أجله، ومكث فيها أياماً ينتظر موعده الذي حدّد قبل ست ساعات وخمس وأربعين دقيقة من التوقيت المحدد في البيان الليبي لإقلاع الطائرة التي قيل أن الإمام سافر بواسطتها إلى روما، علماً بأن الطائرة أقلعت بعد ثلاثة أرباع الساعة من هذا التوقيت.

ب- أين كان الإمام الصدر في ليبيا خلال الفترة الواقعة بين موعد الاجتماع بالقذافي وبين الموعد الفعلي لإقلاع الطائرة، وهي فترة بلغت سبع ساعات ونصف.

ولماذا لم تجر السلطات الليبية تحقيقاً في هذا الأمر بعد انتشار نبأ الإخفاء؟

إلا أن المعلومات المتوافرة من مصادر عدة، تؤكد حصول الاجتماع ووقوع نقاش حاد خلاله وتباين شديد في وجهات النظر بمسألة محنة لبنان والدور الليبي.

وتأيد ذلك بشكل خاص في حديث الملك خالد والملك فهد بتاريخ 25/2/1979 للوفد الذي زار السعودية بموضوع الإمام وكان في عداده النائبان الأستاذان محمود عمار ومحمد يوسف بيضون.

وتوالت معلومات من مصادر دولية وخاصة ومنها أقوال صرح بها سراً وزير الخارجية الليبي السابق التريكي تفيد أن الإمام ورفيقيه احتجزوا بعد الاجتماع.

2- كما صرّح أن سفر الإمام الصدر ومرافقيه حصل دون إعلام السلطات الليبية. وأن أحد الموظفين الليبين السيد أحمد الحطاب تعرّف عليه في المطار فقام بتوديعه. هذا القول يثير أيضاً سؤالين:

أ - لماذا يغادر الإمام الصدر ليبيا وهو بضيافتها الرسمية، دون إعلام السلطة المضيفة؟

ب- كيف يتيسّر للإمام ومرافقيه مغادرة الفندق مع حقائبهم باتجاه المطار، قاصدين السفر، دون أن تتمكن السلطة الليبية من معرفة هذا الواقع في حينه وهي التي تعتمد نظاماً صارماً في المراقبة، لا سيما وأن الأمر يتعلق بضيف رسمي وبشخصية كبرى؟

3- وصرح أيضاً بأنه يعتبر قضية إخفاء الإمام الصدر إهانة عربية وإسلامية لليبيا نظراً لحرمة الضيف، ولذا فإنه يهتم بها ويضع كل إمكانياته لكشفها واتخذ إجراءات للتحقيق وأوفد بعثة إلى إيطاليا وأنه سيبلغ المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بالنتائج.

برقية أمانة الخارجية الليبية:

هذا القول لم يقترن بأي عمل سوى كتاب وحيد أرسلته السفارة الليبية في بيروت بتاريخ 28/9/78م إلى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وفيه تورد نص برقية أمانة الخارجية الليبية المتضمنة أن المخابرات الإيطالية أكدت حضور الإمام الصدر والشيخ محمد يعقوب إلى فندق "هوليداي إن" في روما بتاريخ 1/9/78 م، وأن حقائبهما سُلمت إلى النيابة العامة الإيطالية، وأن "جميع وسائل الإعلام الإيطالية تُجمع على أن الدلائل تثبت وصوله ( أي الإمام الصدر) إلى روما، وأن اختفاءه قد يكون وراؤه أجهزة المخابرات المختلفة الإيرانية والإسرائيلية والأميركية وكذلك الكتائب الحمر والمنظمات الألمانية المتطرفة".



ملاحظات حول البرقية:

فضلاً عن الاستخفاف الظاهر في سرد هذه المعلومات ومضمونها، فإن هذه المعلومات الرسمية الليبية تتنافى مع المعلومات الصحيحة التي توصلت إليها آنذاك أجهزة التحقيق الإيطالي التي كانت استجوبت :

1) عناصر الشرطة والجمارك في مطار فيوميتشينو- روما بتاريخ 20/9/78 .

2) طاقم الطائرة الإيطالية للرحلة 881 التي غادرت طرابلس الغرب مساء 31/8/78م بتاريخ 24/9/78.

3) ركاب الدرجة الأولى في هذه الطائرة، بتاريخ 25/9/78.

4) مستخدمي وعمال فندق "هوليدي إن"بتاريخ 26/9/78.



والذين توافقت إفاداتهم جميعاً- بعد إطلاعهم على صورة وأوصاف كل من الإمام الصدر ورفيقيه- وكشفوا حقيقة أن الإمام الصدر ورفيقيه لم يكونوا في عداد ركاب الطائرة المذكورة ولا في عداد الواصلين إلى مطار فيوميشينو، وأن الشخصين اللذين حجزا غرفتين في الفندق المذكور باسم الإمام الصدر والشيخ محمد يعقوب وتركا فيه حقائبهما مع جوازي سفرهما، لم يكونا الإمام الصدر والشيخ محمد يعقوب المميزة أوصافهما. وهذه التحقيقات كانت أبلغت قبل 28/9/78 م إلى جميع المراجع القضائية والأمنية والحكومية المختصة في روما، بتقرير المفوض رئيس شرطة الحدود في مطار فيوميشينو تاريخ 25/9/78 م وتقرير رئيس شرطة روما تاريخ 27/9/78 م.



شركة الخطوط الإيطالية
حسمت شركة "اليطاليا" المسألة بالنسبة إليها، ببلاغ صدر عنها وبثه التلفزيون الإيطالي مساء يوم 25/9/78 متضمنا ًأن سماحة الإمام السيد موسى الصدر والشيخ محمد يعقوب والصحفي السيد عباس بدرالدين، لم يكونوا بذواتهم وأشخاصهم في طائرة الشركة المذكورة (الرحلة رقم 881) التي أقلعت مساء يوم 31/8/78 من مطار طرابلس الغرب إلى روما.

وبث التلفزيون الإيطالي، بعد هذا البلاغ مباشرة، مقابلة شخصية مع قائد الطائرة للرحلة المذكورة، أعلن فيها أنه بعد اطلاع طاقم الطائرة على صور سماحة الإمام والشيخ محمد يعقوب والسيد عباس بدرالدين، أكدوا جميعاً أن هؤلاء الأشخاص لم يكونوا على متن الطائرة في رحلتها هذه، لا بالملابس الدينية ولا بالملابس المدنية.

عابدون
01-20-2005, 05:31 PM
فندق "هوليداي ان"

أكد مدير هذا الفندق السيد سكرو كارو، في التحقيق المحلي وحسب المعلومات المتوافرة لدى البعثة الأمنية اللبنانية برئاسة الرائد نبيه فرحات، إن الشخصين اللذين دخلا الفندق في الساعة العاشرة من صباح يوم 1/9/78 وعرفا عن نفسيهما باسم موسى الصدر ومحمد شحاده، لم يكونا سماحة الإمام الصدر ومرافقه الشيخ محمد شحاده يعقوب، وذلك بعد اطلاعه واطلاع مستخدمي الاستقبال في الفندق على صورتيهما. وأعطى مدير الفندق أوصاف كل من الشخصين الذين دخلا الفندق، وهي لا تنطبق في شيء على أوصاف سماحة الإمام ومرافقه.

وأفاد المدير أنهما كانا حجزا غرفتين لمدة عشرة أيام، إلا أنهما لم يمكثا فيها أكثر من عشر دقائق خرجا بعدها بثياب مدنية ودون عودة، تاركين في غرفتيهما حقائب وجوازي سفر، عرف في التحقيق أنها تعود لسماحة الإمام والشيخ محمد يعقوب ووجدت حقيبة اليد خاصة سماحة الإمام مخلوعة، وهي تفتح بطريقة الأرقام.

وهذه الإفادة والمعلومات أوردت معظمها وكالة "رويتر" في روما بتاريخ 2و3/10/78 كما هو ثابت في نشرتها. كما أدلى بها مدير الفندق في مقابلة بثها التلفزيون الإيطالي بالتاريخ ذاته.

وثمة ملاحظة مهمة، وهي أن الشخص المنتحل اسم الشيخ محمد يعقوب، ملأ بخط يده البطاقة المخصصة لنزلاء الفندق، عنه وعن رفيقه المنتحل اسم سماحة الإمام، وهذا الخط ليس خط الشيخ محمد يعقوب، ثم أن هذا الشخص أورد في البطاقة اسم "شحاده" على أنه اسم العائلة، في حين أن هذا الاسم هو اسم (الأب) وليس اسم (العائلة)، وهذا الالتباس وقع لأن الاسم الكامل في جواز السفر الذي كان في حيازته ورد هكذا: محمد شحاده يعقوب.



التأشيرات على جوازي السفر
تبين أن جواز سفر كل من سماحة الإمام والشيخ محمد يعقوب، تضمن تأشيرتين أعطيتا بتاريخ 31/8/78 في طرابس الغرب من السفارة الإيطالية والسفارة الفرنسية. وفي هذا الشأن تبرز الملاحظات الآتية:

الملاحظة الأولى: إن جوازي السفر المذكورين يحملان تأشيرتين صادرتين عن سفارة فرنسا في بيروت، وصالحتين، فلم يكن من موجب للتأشيرتين الجديدتين. هذا ما أثار استغراب سفارة فرنسا في ليبيا عند طلب التأشيرتين، وهي استوضحت سفارة فرنسا في بيروت بهذا الشأن قبل إجابة الطلب، وأفادت في الاستيضاح أن الذي حضر طالباً التأشيرتين موظف في الخارجية الليبية حسب إفادته. ورداً على الاستيضاح أجابت السفارة في بيروت بتسهيل المعاملة كون صاحبها هو الإمام الصدر.

الملاحظة الثانية: إن سماحة الإمام والشيخ محمد يعقوب ليسا صاحبي الإرادة في الاستحصال على هاتين التأشيرتين اللتين لم يكن لهما لزوم بسبب حيازتهما تأشيرتين سابقتين صالحتين، وذلك يستنتج من كونهما لم يكلفا القائم بالأعمال اللبناني في ليبيا بهذه المهمة عندما كان بزيارتهما في الفندق قبل يومين فقط (أي بتاريخ 29/8/78) وتسلم بحضورهما من السيد عباس بدرالدين جواز سفره من أجل تأمين هذه التأشيرة له إلى فرنسا وهي لم تكن معطاة له في بيروت.

الملاحظة الثالثة: إن وجهة سفر سماحة الإمام بعد طرابلس الغرب، معروفة بتصريحات سماحته قبيل مغادرة بيروت وأثناء وجوده في ليبيا، وهذه الوجهة هي (فرنسا) حيث تُعالج زوجته ويقيم أولاده. ولذا لم يطلب تأشيرة سفر إلى إيطاليا قبيل مغادرته بيروت، كما لم يطلب بتاريخ 29/8/78 من القائم بالأعمال اللبناني تأمين هذه التأشيرة ولم يطلبها منه أيضاً السيد عباس بدرالدين عندما سلمه جواز سفره بالتاريخ المذكور لتأمين تأشيرة فرنسا. علما بأن السيد بدرالدين اعتبر مسافرا مع سماحة الإمام والشيخ محمد يعقوب بتاريخ 31/8/78 في ذات الطائرة إلى روما، وهو لو كان حقيقة ًيرغب في هذا السفر لكان طلب التأشيرة إلى ايطاليا وفي وقت طلبها إلى فرنسا.



السلطات الإيطالية
إن المسألة بالنسبة للسلطات الإيطالية، كما هو ثابت في معلومات البعثة الأمنية اللبنانية إلى روما ، هي أنه لا يوجد أي تأكيد بأن سماحة الإمام أو أياً من مرافقيه دخل الأراضي الإيطالية أو مر بالترانزيت في مطار روما. بل أن بعض نواحي المعلومات لدى وزارة الداخلية الإيطالية تؤكد أنه لم يصل أي واحد منهم إلى إيطاليا.

وفيما يخص السيد عباس بدرالدين، الذي وجد باسمه إجازة إقامة لمدة 84 ساعة ينزل خلالها في فندق "ساتلايت" بروما، ليتابع سفره إلى مالطا بتاريخ 1/9/78 على متن طائرة اليطاليا (الرحلة 490)، فإن تحقيقات الانتربول أثبتت أن هذا الراكب لم يعثر له على أثر في الفندق المذكور ولم يغادر إلى مالطا أو سواها (وجميع هذه المعلومات أوردتها أيضاً وكالات الصحافة العالمية، وبالأخص وكالة الصحافة الفرنسية في نشرتها بتاريخ 18/9/78 ووكالة "رويتر" في نشرتها بتاريخ 4/10/78).

أما الصحافة الإيطالية التي استأثرت هذه القضية باهتمامها، وتابعت أخبار التحقيق فيها، وأفردت لها تحقيقات صحفية ومقالات، فإنها أكدت هذه المعلومات، ونقتطف هنا مما نشرته صحيفة "المساجيرو" حديثاً تحت عنوان (هل اختطف حقاً الإمام موسى الصدر) وفيما يلي ترجمته حرفياً:

"المؤكد أن سماحة الإمام ومستشاره ليسا الشخصين اللذين ركبا الطائرة التي غادرت طرابلس. وبالتالي فإن الإمام لم إطلاقاً العاصمة الليبية، وان الشخصين اللذين ركبا الطائرة ونزلا في فندق (هوليداي ان) في روما ليسا إلا شخصين متنكرين أُرسلا للتضليل والإيحاء بعملية اختطاف لم تتم إطلاقا حتى في أي مكان آخر..."



تلازم كتاب السفارة الليبية مع رسالة منظمة إرهابية وهمية:

تلازم كتاب السفارة الليبية المذكور أعلاه والمؤرخ في 28/9/78م مع رسالة أودعت بذات التاريخ بريد المحطة المركزية للسكة الحديدية في روما موجهة إلى الصحيفة الايطالية "بايزي سييّرا" وموقعه بإسم "منظمة اللبنانيين العلمانيين من أجل لبنان موحد وعلماني" جاء فيها:

"إن المنظمة اختطفت الإمام الصدر في 31/8/78 فور وصوله إلى روما حيث كان سيلتقي ثلاثة ممثلين إيرانيين معارضين لنظام الشاه. وأن اختطافه تم بفضل عباس بدر الدين الذي ينتمي إلى المنظمة وهو الآن في أميركا الجنوبية". وأضافت الرسالة: "إن الشيخ محمد يعقوب قُتل، فيما هو يحاول الهرب من المكان الذي سجن فيه في روما، وسيعلن قريباً المكان الذي دُفن فيه. وأن الصدر موجود الآن في أمستردام، وأن اختطافه ليس إلا بداية تحطيم دعائم الرجعية التي دمرت لبنان وأن الإمام خائن وسيحاكم ويلاقي حكم الشعب". وأضافت: أن على المفاوضين من أجل إنقاذ الإمام أن يذهبوا إلى فندق ماريوت " في امستردام" وفندق "شيراتون" في بروكسل وفندق "هوليداي إن" في روما، في العاشر من شهر تشرين الأول في العاشرة قبل الظهر...".

هذا ولقد أثبت التحقيق الإيطالي وكذلك التحقيق اللبناني عدم حضور أي شخص إلى أي من الفنادق المذكورة في الموعد المحدد، كما أثبت التحقيق أن هذه المنظمة لا وجود لها، وأن الرسالة من نسيج خيال الجهة التي احتجزت الإمام الصدر، وذلك بغية التضليل وتشعب التحقيق. وأعلن رئيس شرطة الأجانب في "امستردام" أن زج اسم هذه المدينة في القضية ليس إلا مجرد عملية تضليل.

هذه النتيجة التي توصل إليها التحقيق بالنسبة إلى هذه الرسالة، تلتقي تماماً مع حقيقة كتاب السفارة الليبية المؤرخ في 28/9/78 م الذي قصد منه الإيهام بان وراء القضية منظمة إرهابية، ويظهر بجلاء أن الرسالة والكتاب المتوافقي التاريخ والمعنى هما من نسيج فكر واحد.



التصريحات اللاحقة الصادرة عن المسؤولين الليبين:

بتاريخ 25/4/79 م نشرت صحيفة "كيهان" الإيرانية ووزعت وكالة الصحافة الفرنسية ووكالة أنباء الجماهيرية الليبية تصريحاً للرائد عبد السلام جلود الموجود في إيران آنذاك، تضمن: "أن وثائق قدمت إلى الحكومة الليبية تظهر أن الإمام الصدر غادر الجماهيرية فعلاً إلى روما حيث نزل في أحد الفنادق"، وقال: "إن الحكومة الإيطالية أبلغتنا بأن الإمام الصدر قد وصل بالفعل إلى إيطاليا".

هذا التصريح دفع الحكومة الإيطالية إلى إصدار تكذيب علني له، بواسطة سفيرها في طهران وسفيرها في بيروت، أُبلغ خطياً ورسمياً إلى وزارتي خارجية إيران ولبنان وإلى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، ونشرته الصحف الإيرانية واللبنانية بتاريخ 6/5/79 م.

وبعد هذا التكذيب سُئل في فاس (المغرب) أمين الخارجية الليبية الدكتور علي عبد السلام التريكي عن مكان وجود أو إخفاء الإمام الصدر، فأجاب: "اسألوا لبنان." لقد نشرت الصحف اللبنانية وقائع السؤال والجواب بتاريخ11/5/79 م.

هذا الجواب فيه تراجع واضح عن الموقف الليبي السابق باتهام إيطاليا، وكان محل تعليق وزير الخارجية اللبناني بقوله: "إنه تصريح غريب وعجيب". (الصحف اللبنانية،12/5/1979)

وأخيراً عندما سئل القذافي خلال مؤتمر صحفي عقده في الكويت عن مكان الإمام الصدر، أجاب" ... هو الآن بين إيطاليا وفرنسا (!!!) اختفت الحقيقة في هذه الساحة...".("السفير"، 3/7/1979)



التحقيق القضائي الإيطالي ونتائجه:

ما أن نشرت وكالات الأنباء العالمية خبر القضية حتى تحركت فوراً بتاريخ 13/9/78 النيابة العامة الإيطالية في روما وباشرت أجهزة الأمن والتحقيق المختلفة وظائفها لجلاء القضية. وجرت التحقيقات على أوسع نطاق، وبشكل دقيق ومفصل تناول أدق الجزئيات، وتتابعت باهتمام ملموس وبلا انقطاع ودون التوقف عند الحدود الإقليمية بحيث تيسّر لأجهزة الأمن الإيطالية كشف الحقيقة بشكل تام في مدى أسبوعين فقط. فتبين في ملف التحقيق:

1- أن طائرة اليطاليا (الرحلة 881) التي أقلعت من مطار طرابلس الغرب مساء 31/8/78 م، تأخرت عن موعد إقلاعها ساعتين.

2- أن بعض ركاب الطائرة أفادوا أن الركاب كانوا مجتمعين وانتظروا طويلاً في مطار طرابلس الغرب بانتظار دخول الطائرة، وأنهم لم يشاهدوا بينهم شخصاً بأوصاف الإمام الصدر كما لم يشاهدوا أي شخص بلباس ديني.

3- ضبطت إفادات كل المضيفات والمضيفين في الطائرة، وعددهم خمسة، كما ضبطت إفادات عدد من ركاب الدرجة الأولى في الطائرة، وجميعهم نفوا أن يكون دخل الطائرة شخص بصورة الإمام الصدر وأوصافه أو أي شخص بلباس ديني.

4- استجوب جميع عناصر شرطة الجوازات في مطار فيوميشينو ومراقب الجمارك المناوب أثناء وصول ركاب الطائرة إلى هذا المطار، وكلهم نفوا أن يكونوا شاهدوا بين هؤلاء الركاب شخصاً بلباس رجل دين أو أي شخص بصورة الإمام الصدر وأوصافه.

5- استجوب جميع مستخدمي الاستقبال ونقل الحقائب وخدم الغرف في فندق "هوليداي إن" في روما فنفوا جميعاً انطباق مواصفات الإمام الصدر والشيخ محمد يعقوب على مواصفات الشخصين اللذين حجزا غرفتين باسميهما في الفندق وأودعا فيه حقائبهما وجوازي سفرهما وغادراه بعد عشر دقائق من دخوله.

وتبين أن هذين الشخصين لم يدخلا وحدهما الفندق بل كانا مع مجموعة أشخاص يتكلمون فيها اللغة العربية عندما تقدم واحد منهم إلى مكتب الاستقبال لطلب الحجز. كما تبين أن البطاقات التي ملأها النزيلان باسم الإمام الصدر والشيخ يعقوب، لم تُكتب أو تُوقع بخطيهما.

وتبين أيضاً أن هذين النزيلين دخلا الفندق حوالي الساعة العاشرة صباحاً أي بعد أكثر من إحدى عشرة ساعة من وصول طائرة اليطاليا (الرحلة 881) إلى المطار في الساعة 23 ليلاً.

6- تبين أن حقائب الإمام الصدر التي تركها النزيلان في الفندق، خُلطت فيها الألبسة مع الأوراق والملفات والحوائج الأخرى بشكل استدعى ملاحظة المحققين إلى أن أيادي غرباء سبق لها أن أفرغت محتويات هذه الحقائب ثم أعادتها إليها.

7- كما تبين أن صورة سماحة الإمام الصدر على جواز سفره سبق نزعها منه قبل إعادتها إليه.

أنهت السلطات الأمنية والقضائية تحقيقاتها الدقيقة بقرار قاضي تحقيق روما بتاريخ 7/6/79 بحفظ القضية والذي تضمن الجزم بأن الإمام ورفيقيه لم يغادروا ليبيا بطائرة اليطاليا ولم يصلوا إلى إيطاليا بأية وسيلة نقل. وتضمنت مطالعة نائب المدعي العام الإيطالي المؤرخة في 19/5/79 الجزم بأنهم لم يغادروا ليبيا.



أبلغت الحكومة الإيطالية رسمياً، كلا من الحكومة اللبنانية والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان، وحكومة الجمهورية العربية السورية وحكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن الإمام الصدر ورفيقيه لم يدخلوا الأراضي الإيطالية ولم يمروا بها "ترانزيت".



تحقيق البعثة الامنية اللبنانية:

بتاريخ 13/9/1978م كانت السلطة اللبنانية قد أوفدت إلى ليبيا وروما بعثة أمنية سياسية برئاسة د.عمر مسيكة أمين عام مجلس الوزراء اللبناني وعضوية الضابطين من الشعبة الثانية في الجيش اللبناني نبيه فرحات ونصوح مرعب للتحقيق في القضية. رفضت السلطات الليبية السماح لهذه البعثة بدخول أراضيها، في حين سمحت السلطات الإيطالية لها بدخول إيطاليا وممارسة مهمتها. أنجزت هذه البعثة مهمتها في روما بمدة خمسة عشرة يوماً قضتها في إجراء التحقيقات وجمع المعلومات بالتعاون مع السلطات الإيطالية. وقدمت في مطلع شهر تشرين الأول 1978م إلى السلطات الحكومية والقضائية في لبنان تقريرها الذي توافق تماماً مع تحقيقات وتقارير الأجهزة الأمنية الإيطالية، وخلص إلى النتيجة الآتية:

إن الإمام الصدر ورفيقيه لم يصلوا إلى روما وأنهم لم يغادروا ليبيا في الموعد والطائرة اللذين حددتهما السلطة الليبية في بيانها الرسمي.



موقف المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى
أعلن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، في بيانات عدة، وخاصة في مؤتمرين صحفيين عقدهما نائب رئيس المجلس سماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين في بيروت بتاريخ 31/8/79 10/4/1980 مسؤولية القذافي شخصياً عن إخفاء الإمام الصدر ورفيقيه.

كما أعلن أن ملوكاً ورؤساء عرب أبلغوه وأبلغوا ممثلي المجلس مسؤولية القذافي عن هذا الإخفاء.



التحقيق القضائي الإيطالي الثاني:

تقدمت السلطات الليبية من السلطات الإيطالية بطلب بتاريخ 15/2/80 لإعادة التحقيق القضائي في القضية، معززة طلبها بتحقيق أمني ليبي مزعوم -ثبت فيما بعد تزييفه- ادعت أنها باشرته بتاريخ 3/11/79 (أي بعد أكثر من أربعة عشرة شهراً على حصول الجريمة).

وبعد تحقيقات واسعة أجراها القضاء الإيطالي مجددا ووقف فيها على أدلة جديدة وانتقل خلالها المحقق الإيطالي إلى ليبيا ثم لبنان حيث استمع في تحقيقاته إلى شهود عديدين بينهم أشخاص جالسوا الإمام الصدر وتحادثوا معه أثناء وجوده في ليبيا وشاهدوه مع رفيقيه ينتقلون من فندق الشاطئ في طرابلس لمقابلة القذافي (حيث جرى إخفاؤهم بعدها) ولم يعودوا إلى الفندق الذي بقيت فيه حقائبهم قبل ظهور بعضها لاحقاً في فندق "هوليداي ان" في روما، لفظ القضاء الإيطالي قراره النهائي بمطالعة النيابة العامة في روما تاريخ 20/12/81((وضع النائب العام في روما الدكتور سلفاتوري فكيوني مطالعة بتاريخ 20/12/1981 .

أورد فيها بتفصيل الأدلة على تزوير التحقيق الليبي المزعوم، وقال أنه تكونت لديه "قناعة ترتكز إلى أدلة ثبوت دامغة ومتطابقة بصورة دقيقة جداً فيما بينها، سواء من الناحية المنطقية أم من الناحية الحسية الملموسة" يتحصل منها بالضرورة "أنه ثبت بالتأكيد الجازم أنه في إيطاليا لم يرتكب أي جرم بحق الشخصيات الثلاث موضوع البحث".)) وقرار قاضي التحقيق تاريخ 28/1/82 ((وضع قاضي التحقيق في روما الدكتور دومينيكو نوستروDr. Domenico Nostro بتاريخ 28/1/ 1982تحت رقم 8168/81 (سجل عام غرفة التحقيق ) قراراً أورد فيه حرفياً:

"إن التحقيقات الإضافية المعمقة التي أجريت، عززت وأيدت بشدة، نتائج التحقيقات السابقة، وأفرزت أدلة ثبوت متطابقة لا يرقى إليها أدنى شك، وهي وفيرة جدا، بحيث يترتب الجزم، بكل تأكيد، أنه لم يرتكب أي جرم على أراضي الدولة الإيطالية بحق موسى الصدر ومحمد يعقوب وعباس بدر الدين، لأنه ثبت أن المذكورين لم يصلوا مطار فيوميتشينو (روما) في ساعة متأخرة من ليل31 آب 1978على متن طائرة اليطاليا (الرحلة881) القادمة من طرابلس، وأن أشخاصاً آخرين غير معروفين انتحلوا شخصيات الأشخاص الثلاثة، وزيفوا أثاراً لدخولهم وإقامتهم على أراضي بلدنا". ونظراً لانحصار سلطان القضاء الإيطالي بالحدود الإقليمية بمبدأ إقليمية قانون العقوبات، ولكون الجرائم المقترفة بحق الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والسيد عباس بدر الدين لم ترتكب في إيطاليا، قرر التحقيق الإيطالي عدم لزوم تحريك الدعوى الجزائية وحفظ الأوراق)) المتوافقين، والمتضمنين تثبيت نتيجة التحقيق الإيطالي الأول، بالإضافة إلى إعلان تزييف التحقيق الأمني الليبي.

إعلان نتيجة التحقيق القضائي وتأكيد مسؤولية السلطات الليبية في مؤتمر صحفي بتاريخ 23/2/1982بتاريخ 23/2/1982

عُقد في مقر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان مؤتمر صحفي بحضور ممثلي وسائل الأعلام المحلية ومندوبي وكالات الأخبار العالمية، جرى فيه توزيع نسخ عن مطالعة النائب العام الإيطالي وقرار قاضي التحقيق الإيطالي بالصيغة الأصلية مع ترجمتها القانونية إلى اللغة العربية، وأُعلن في المؤتمر بيان رسمي باسم المجلس المذكور يؤكد مسؤولية السلطات الليبية "التي انكشفت أمام العالم أنها احتجزت واعتدت على الإمام موسى الصدر الذي جاءها مستحثاً للمساهمة في إنقاذ لبنان وجنوبه"، ويدعو البيان السلطات الليبية إلى "الكف عن ممارسة أساليب الغش، والكف عن جريمتها المتمادية في حق الإمام الصدر الذي نذر نفسه للإنسانية وللمحرومين وللقيم وللقضايا العادلة وفي طليعتها قضية العرب الكبرى والأولى". واختتم البيان بإعلان "أنه إلى أن يعود الإمام إلى ساحة جهاده مع رفيقيه، فإن هذه القضية ستظل حية ونابضة ومحركة وفاعلة".


موقف القضاء اللبناني:

كانت الحكومة اللبنانية قد أصدرت مرسوماً برقم 3794 تاريخ 4/2/1981 اعتبرت بموجبه إخفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه جريمة اعتداء على أمن الدولة الداخلي، وأحالت هذه القضية على المجلس العدلي.

وسنداً للمرسوم المذكور، أصدر وزير العدل اللبناني قراراً برقم 72 تاريخ 6/2/1981 عيّن بموجبه القاضي طربيه رحمة محققاً عدلياً في هذه القضية.

وادعت النيابة العامة التمييزية في القضية بجريمتي الفتنة والحضّ على النزاع بين الطوائف في لبنان.

وأصدر القاضي رحمة قراره الظني بتاريخ 18/11/86 متضمناً الأدلة وشهادات الشهود على اختفاء الإمام ورفيقيه داخل الأراضي الليبية وعلى أن أشخاصاً آخرين انتحلوا شخصياتهم وزيفوا آثاراً لدخولهم الأراضي الإيطالية، وان جريمتي خطف الأمام وحجز حريته لا تستهدفان الإمام شخصياً لأنه لم يتبين وجود خلافات أو عداوات شخصية له، بل تستهدفان الساحة اللبنانية بغية خضها وتأجيج الاقتتال الدائر عليها.

وانتهى القرار بتأكيد اختصاص القضاء اللبناني للنظر في القضية وبإصدار مذكرة تحر دائم توصلاً لمعرفة الفاعلين والمحرضين والمتدخلين في الجرائم موضوعها.



وفيما يلي نص القرار الظني:

نحن طربيه رحمة قاضي التحقيق لدى المجلس العدلي،

بعد الاطلاع على المرسوم رقم 3794 تاريخ 4/2/1981 المحالة بموجبه على المجلس العدلي قضية الاعتداء على أمن الدولة الداخلي الناتج عنها اختفاء الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والسيد عباس بدر الدين.

وبعد الاطلاع على القرار رقم 72 تاريخ 6/2/1981 القاضي بتعييننا محققاً عدلياً في القضية المحكي عنها.

وبعد الاطلاع على ادعاء النيابة العامة التمييزية المؤرخ في 21/2/1981 وعلى التوضيح الصادر عنها بتاريخ 21/10/1986 وعلى مطالعتها النهائية المؤرخة في 6/11/1986 وأوراق الدعوى كافة.

تبين أنه أسند إلى:

1- مجهولين

انهم خارج الأراضي اللبنانية وبتاريخ لم يمر عليه الزمن أقدموا على خطف وحجز حرية الإمام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والسيد عباس بدر الدين وبالتالي تعريض لبنان للفتنة وإثارة النعرات المذهبية والنزاع بين الطوائف الجرائم المنصوص والمعاقب عليها في المرسوم الاشتراعي رقم 27 تاريخ 5/3/1959 والمادتين 308 و 317 من قانون العقوبات.

عابدون
01-20-2005, 05:32 PM
وتبين بنتيجة التحقيق:

بعد جمود في العلاقات بين المسؤولين الليبيين ورئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان الإمام موسى الصدر وبعد مداخلة قام بها الرئيس الجزائري المغفور له هواري بومدين تلقى سماحته دعوة رسمية لزيارة الجماهيرية الليبية سلمت إليه من قبل القائم بأعمال السفارة الليبية في لبنان بتاريخ الثالث والعشرين من شهر آب سنة 1978 فتوجه إلى طرابلس الغرب بعد يومين مصطحباً الشيخ محمد يعقوب والسيد عباس بدر الدين.

بعد وصوله إلى ليبيا بدا متضايقاً فلم يجر أي اتصال هاتفي بأحد في لبنان، أو بأحد أفراد عائلته الموجودين في فرنسا حيث كانت زوجته تعالج وخلافاً لما إعتاده في أسفاره.

بتاريخ الثامن والعشرين من آب المذكور قابله القائم بأعمال السفارة اللبنانية في ليبيا فأكد له أن بقاءه في الجماهيرية متوقف على تحديد مواعيد لبعض المقابلات الرسمية فإن تمت عاجلاً سافر على الأثر وإن أبلغ تعذر حصولها غادر أيضا.

مساء 29/8/1978 حصل لقاء فكري حول "الكتاب الأخضر" بترتيب من السيد طلال سلمان بين الرئيس القذافي ووفد لبناني مؤلف من السادة: منح الصلح، محمد قباني، بلال الحسن، أسعد المقدم وبشارة مرهج فاستمر إلى ما بعد منتصف الليل علماً أن هؤلاء وصلوا طرابلس الغرب يوم 29/8/1978 أي بعد وصول الإمام ورفيقيه إليها وقد زاروا سماحته بجناحه في فندق الشاطئ بعد انتهاء اللقاء صبيحة الثلاثين من آب سنة 1978 فأخبرهم انه كان على موعد تلك الليلة مع الرئيس الليبي وتلقى حوالي منتصف الليل مكالمة هاتفية تنبئ بتأجيله مما حمل السيد المقدم على الاعتقاد أن سبب التأجيل هو امتداد اجتماعهم مع الرئيس القذافي حتى ساعات الصباح الأولى.

يوم 31/8/1978 علم السيد المقدم من عباس بدر الدين أن مكالمة هاتفية جرت بين المسؤولين الليبيين والإمام وأن موعداً للاجتماع بالرئيس الليبي حدد له وقد شاهده عند الساعة الواحدة والربع من بعد ظهر ذلك اليوم برفقة عباس المذكور يهمان بمغادرة الفندق مما جعله يستنتج انهما ذاهبان إلى الاجتماع المشار إليه.

بعد التاريخ والوقت المنوه عنهما انقطعت أخبار الإمام ورفيقيه انقطاعا كليا وما تزال، وقبيل العاشر من أيلول سنة 1978 أخذ القلق يساور أعضاء المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سيما وقد علموا أن الإمام لم يتصل بعائلته ولم يصل فرنسا بعد، فأبلغوا قلقهم للمسؤولين اللبنانيين على أعلى مستوياتهم وأعربوا عن خشيتهم من أن يكون سماحته والوفد المرافق قد تعرضوا للسوء.

بتاريخ الرابع عشر من أيلول سنة 1978 قابل الأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء اللبناني الدكتور عمر مسيكة، الرائد عبد السلام جلود فأكد له المعلومات الرسمية المعطاة من السلطات الليبية ومفادها أن الإمام ورفيقيه غادروا ليبيا إلى إيطاليا على متن طائرة اليطاليا الرحلة 881 عند الساعة الثامنة والنصف من مساء 31/8/1978، مضيفاً أنهم سافروا فجأة وموضحاً أن تحقيقاً بوشر مع سائقي السيارات التي كانت موضوعة بتصرف الإمام بشأن مرافقتهم له إلى المطار دون إبلاغ المراسم.

وضعت النيابة العامة للجمهورية في روما يدها على التحقيق على أثر ما نشرته وكالات الأنباء من أخبار وعلى أثر ما طلبه القائم بأعمال السفارة اللبنانية في روما من السلطات الإيطالية من إيضاحات ، فتبين لها أنه بتاريخ 1/9/1978 ظهراً حضر شخصان كان أحدهما يرتدي لباسا دينياً إلى فندق هوليداي-ان عرفا عن نفسيهما أنهما الإمام الصدر والشيخ محمد يعقوب وطلبا أشغال غرفتين في ذلك الفندق فأعطيا الغرفتين 701 و 702 ودفعا الحساب سلفاً عن مدة أسبوع ثم بعد دخولهما الغرفتين لمدة عشر دقائق خرجا بلباسين مدنيين ولم يعودا، وعندما فتحت الغرفتان بنهاية المدة المدفوع أجرها عثر على جوازي سفر الإمام والشيخ محمد يعقوب وعلى أربع حقائب بينهما واحدة لعباس بدر الدين وكانت محتويات الحقائب من أغراض ووثائق وثياب قد خلطت فيما بينها خلطاً فوضوياً واحتوت أغراضاً غير عائدة أصلا للإمام ورفيقيه لا سيما المحفظة البنية الظاهرة عليها صورة العربة والحصان، وتبين أن استمارتي الفندق كتبهما الشخص الذي عرف عن نفسه أنه محمد يعقوب بأحرف كبيرة وخط بدائي وأغلاط كثيرة.

وتبين أن رحلة طائرة اليطاليا رقم 881 من طرابلس الغرب إلى روما مساء 31 آب سنة 1978 تأخرت ساعة كاملة وبعد وصول الطائرة إلى مطار فيومتشينو عند الساعة الحادية عشرة والدقيقة الثانية عشرة ليلاً تقدم من مكتب الأمن العام رجل عرّف عن نفسه أنه عباس بدر الدين مصرّحاً أنه ينوي الاقامة في فندق "ساتلايت" طالباً تأشيرة دخول لمدة ثمان وأربعين ساعة لزيارة المدينة على أن يغادرها متابعاً سفره إلى مالطا في اليوم التالي على متن طائرة اليطاليا الرحلة 490.

ولدى التحقيق مع نيكولوزي ليونارد وكولانجيلو بياترو وزانبيغو مارغريتا وسيدروني البرتو ودورانته جيوزييه وهوبر زيغفريد والعاملين في فندق هوليداي ان-نفوا أن يكون للشخصين اللذين دخلا الفندق وانصرفا بسرعة المواصفات الجسدية وملامح الوجه العائدة للإمام والشيخ محمد يعقوب. ونفى أفراد طاقم طائرة اليطاليا: استولفي اورلندو و بيجي بيارو وكوسياني ليسيا وكونتينو سرجيو وباغنيلو روبير ريشار والراكبان فالنتي السندرو و دونسلمان جوزفين وموظفو الأمن العام في مطار فيومتشينو كاردوني اندريا وفيدال الفريد واللذان دققا جوازات سفر القادمين على الطائرة المحكي عنها، أن يكون شخص له مواصفات الإمام الصدر الذي عرضت صورته عليهم قد كان على متن الطائرة في تلك الرحلة، كما نفى العريف دوناتو زوطو أن تكون للشخص الذي طلب تأشيرة الدخول المؤقت ملامح عباس بدر الدين الذي عرضت عليه صورته.

بتاريخ 7/6/1979 صدر عن قاضي التحقيق في روما قراراً يقضي بحفظ القضية لعدم وقوع أية جريمة في إيطاليا بحق الإمام الصدر ورفيقيه.

وبتاريخ 15/2/1980 طلب المكتب الشعبي للجماهيرية الليبية في روما من القضاء الإيطالي إجراء تحقيق إضافي حول اختفاء الإمام ورفيقيه رابطاً بمذكرته نسخة عن تحقيق بدأته الشرطة الليبية في 3/7/1979 تمحور حول إفادات أدلى بها شهود ليبيون وشاهد موريتاني انطوت على أن الإمام الصدر ورفيقيه غادروا الأراضي الليبية مساء 31 آب سنة 1978 على متن طائرة اليطاليا الرحلة رقم 881.

وبعد تحقيقات مطولة وتمحيص دقيق وشامل للأدلة أصدر قاضي التحقيق بتاريخ 28/1/1982 قراراً بحفظ القضية مجدداً لكون الإمام ورفيقيه لم يدخلوا الأراضي الإيطالية مساء 31/8/1978 ولكون أشخاص آخرين بقوا مجهولين انتحلوا شخصيات هؤلاء الثلاثة وزيفوا آثاراً لدخولهم وأقامتهم على الأراضي الإيطالية.

وحيث أن هذه الوقائع ثابتة:

1- بالادعاء.

2- بأقوال الشهود.

3- بالمستندات المبرزة.

4- بالوثائق الرسمية الصادرة عن القضاء الإيطالي.

5- بمجمل التحقيق.

وحيث أن الإمام الصدر ورفيقيه شوهدوا على الأراضي الليبية في الفترة الممتدة بين الخامس والعشرين من آب سنة 1978 والساعة الواحدة والربع من بعد ظهر الواحد والثلاثين منه.

وحيث أن السلطات الليبية أصرت على أنهم غادروا ليبيا إلى إيطاليا على متن طائرة اليطاليا الرحلة رقم 881 مساء31/8/1978.

وحيث أن القضاء الإيطالي نفى بعد تحقيقات مطوله ودقيقة أساسية وإضافية أن يكون سماحته ورفيقاه قد دخلوا الأراضي الإيطالية، مشددا على أن أشخاصاً آخرين انتحلوا شخصيات الثلاثة المذكورين وزيفوا أثار دخولهم وإقامتهم على الأراضي الإيطالية.

وحيث أن الاعتداء الواقع على الإمام ورفيقيه في الخارج يستدعي معرفة ما إذا كان القضاء اللبناني صالحاً للنظر في هذا الاعتداء سيما وأن مسألة الاختصاص تتعلق بالانتظام العام وتنبغي إثارتها عفوا.

وحيث أن مرسوم الإحالة على المجلس العدلي لا يولي هذا المجلس الاختصاص، بل يفترض به وبقاضي التحقيق لديه بالتالي التثبت من اختصاصه على ضوء القوانين الجزائية اللبنانية.

وحيث أن المادة 19 من قانون العقوبات اللبناني توجب تطبيق الشريعة اللبنانية على كل لبناني أو أجنبي فاعلا كان أو محرضا أو متدخلا أقدم خارج الأراضي اللبنانية على ارتكاب جناية مخلة بأمن الدولة.

وحيث أن الحكومة اللبنانية اعتبرت بالمرسوم رقم 3794 تاريخ 4/2/1981 هذه القضية مخلة بأمن الدولة الداخلي وأن النيابة العامة التمييزية ادعت بجريمتي الفتنة والحض على النزاع بين الطوائف المنصوص والمعاقب عليهما في المادتين 308 و317 من قانون العقوبات.

وحيث أن الجريمة الثانية هي من نوع الجنحة ولا تقع بالتالي تحت مظلة المادة 19 المشار إليها التي تلحظ حالة الجناية فقط، فينبغي حصر البحث في الجريمة الأولى باعتبارها من هذا النوع.

وحيث أنه ليس من الضروري أن ينتج عن اختفاء الإمام ورفيقيه وحجز حرياتهم، أو يتحقق على الساحة اللبنانية وجه مادي من اوجه الاعتداء التي لحظتها المادة 308 من قانون العقوبات، بدليل أن هذه المادة رفعت العقوبة إلى الإعدام إذا تم الاعتداء واعتبرت وقوع الاعتداء ظرفاً مشدداً.

وحيث أن المادة 313 من قانون العقوبات تعاقب على المؤامرة بقصد ارتكاب إحدى الجنايات المذكورة في نطاق الفتنة أي أنها تعاقب على مجرد الاتفاق الذي يستهدف تحقيق هذه الجرائم، دون الحاجة إلى القيام، حتى بأعمال مادية ترمي مباشرة إلى التنفيذ.

وحيث أنه لم يتبين حتى الآن أن ثمة خلافات أو عداوات شخصية حملت من قبيل الانتقام والتشفي على خطف الإمام ورفيقيه وحجز حرياتهم.

وحيث أن موقع الإمام الصدر على رأس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان والكثافة الشعبية التي يؤثر عليها وتتأثر به في لبنان والدور الذي كان يلعبه على الساحة اللبنانية إبان الاعتداء عليه واحتدام الصراع على هذه الساحة في المرحلة المذكور أمور يغلب معها أن يكون خطفه وحجز حريته لا يستهدفانه شخصياً بقدر ما يستهدفان تلك الساحة.

وحيث أن المشتركين في جريمتي الخطف وحجز الحرية بقوا مجهولين.

وحيث أن ما يربط اختصاص القضاء اللبناني أولا يربطه على ضوء ما تقدم، هو اتجاه نية هؤلاء المشتركين إلى خض الساحة اللبنانية وتأجيج الاقتتال الدائر عليها أو عدم اتجاهها.

وحيث أن القول بعدم اتجاه النية على هذا النحو يعني استباقاً للأمور ودفاعاً عن الضالعين في الاعتداء، فيكفي مجرد احتمال وجود مثل هذا الاتجاه لمتابعة التحقيقات توصلاً للتثبت من حقيقة النوايا.

وحيث أنه يقتضي والحالة ما ذكر تأكيد اختصاصنا للنظر بهذه القضية.

وحيث أن التحقيقات الحاصلة لم تؤد إلى معرفة المشتركين في الجرائم موضوع القضية فيقضي إصدار مذكرة تحر دائم توصلاً لمعرفتهم.

لــذلــك
نقرر وفقا للمطالعة:

1- تأكيد اختصاصنا للنظر في هذه القضية.

2- إصدار مذكرة تحر دائم توصلا لمعرفة الفاعلين والمحرضين والمتدخلين في الجرائم موضوعها،



قرار صدر بتاريخ 18/11/1986

المحقق العدلي

طربيه رحمة







النص الرسمي للبيان الليبي
الصادر عن أمانة الخارجية للجماهيرية الليبية بتاريخ 17/9/1978


يعتبر الإمام الصدر من الشخصيات الإسلامية الكبيرة وزعيماً لطائفة الشيعة الإسلامية في لبنان وتربطه بالجماهيرية علاقات متينة مبعثها التقدير والاحترام للدور المهم الذي يقوم به الإمام الصدر في المجالات الإسلامية والسياسية عربياً وإسلامياً، وقد زار الجماهيرية مرات عدة من قبل وفي يوم 18/7/1978م اتصل عصــام مكي ممثــل الإمام موسـى الصدر الذي كان مــوجوداً في الجــزائر آنذاك بسفارتنا معرباً عن رغبة الإمام في زيارة الجماهيرية. وقد أبلغت سفارتنا في بيروت يوم 19/7/78م الترحيب بالزيارة.

وعند اتصال القائم بأعمال سفارة الجماهيرية بالإمام أبلغه أنه نظراً إلى انشغاله في ذلك الوقت يقترح أن تتم الزيارة خلال النصف الثاني من شهر رمضان المبارك، وحدد الإمام يوم 25/8/1978م موعداً لزيارته.

ووصل إلى طرابلس واستقبل استقبالاً حاراً وأجرى أثناء زيارته العديد من اللقاءات.

ثم طلب الإمام الحجز له للسفر إلى روما ومنها إلى باريس فقامت اللجنة الشعبية في مطار طرابلس العالمي بالحجز له على طائرة الخطوط الإيطالية "اليطاليا" المتجهة إلى روما على الرحلة 188 مع مرافقيه عباس حسين بدر الدين ومحمد شحاته يعقوب.

ونظراً إلى عدم وجود أماكن في الطائرة المذكورة على الدرجة الأولى، فقد قام ممثلو شركة " اليطاليا" في طرابلس بناء على طلب اللجنة الشعبية للمطار، بإنزال راكبين من ركاب الدرجة الأولى وتحويلهما إلى الدرجة السياحية لتمكين الإمام ومرافقيه من السفر على الدرجة الأولى وهذان الراكبــان هما السيد "فالـنتي" الموظــف في شــركة اليطاليـــة في طرابلس والسيدة "دونسلمان"، وهما إيطاليا الجنسية.

وسافر الإمام الصدر على متن طائرة الخطوط الإيطالية إلى روما ( الرحلة رقم 881) يوم الخميس 28 رمضان 1389 هـ الموافق 31 أغسطس 1978 الساعة الثامنة والربع مساء، وقام بتوديعه الأخ أحمد الحطاب عن مكتب الاتصال العربي في مـؤتمر الشعب العام ومندوب عن اللجنة الشعبية للمطار وممثل عن الشركة الناقلة " اليطاليا".

وفي يوم 12/9/1978م تسلم ممثل شركة "اليطاليا" في طرابلس برقية موجهة من المدير الإقليمي للشركة في بيروت عند الساعة العاشرة صباحاً يستفسر فيها عن المسافرين موسى ويعقوب وعباس على الرحلة 881 في تاريخ 31/8/1978م. وقد رد عليه مندوب شركة "اليطاليا" في طرابلس ببرقية الساعة 30،14 من اليوم نفسه مؤكداً له أن الإمام موسى الصدر والشيخ محمد يعقوب وعباس بدر الدين غادروا طرابلس على رحلة "اليطاليا" الرقم 881 في تاريخ 31/8/1978م المتجهة إلى روما.

وإذ تؤكد أمانة الخارجية أن الإمام الصدر، الذي تربطه بالجماهيرية علاقات أخوية متينة وتكن له كل احترام وتقدير قد غادر طرابلس إلى روما، تؤكد كذلك أن الإشاعات التي ترددها بعض الدوائر المشبوهة المغرضة تريد بها أن تفــجّر المـوقف في لبنــان آخــر معاقل الثورة الفلسطينية. ولذلك فإن الجماهيرية تلقي بكـــامل ثقلـــها مع القـــوى الإســـلامية والتــقدميــة لمــعرفة مــصيـــر الإمـــام موسى الصـــدر وإنـقاذ حيـــاته وحيــــاة رفيقيه. وإننا على اتصال مستمر مع الحكومة الإيطالية التي سافر إليها الإمام الصدر على متن إحدى طائرات خطوطها في هذا الشأن وإن الجماهيرية تولي الأمر اهتماماً كبيراً.