المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إقرأوا.. وعوا.. قصة هذا الدولار المريض..؟



المهدى
12-03-2004, 08:27 AM
خالص جلبي

جاءت امرأة إلى القاضي تطلب تقاعد زوجها، فقالت له أريد أن يكون المعاش الشهري على الشكل التالي: «ثلاثين كيلو خبز وخمسة كيلوات لحمة، وستين بيضة وخمسة كيلو غرامات سكر، وعشرة كيلو رز وتنكة زيت، وخمس قطع من الصابون..!»
نطقت المرأة الطلب بعفوية، ولكنها كانت تملك أفضل الأدمغة الاقتصادية على الأرض، فما قيمة الدولار إذا كان يوما 360 بفنكا ألمانيا، ليصبح بعد فترة 135 بفنكا (الوحدة النقدية الألمانية السابقة)، أي بخسارة ثلثي قيمته؟؟ أما المواد الغذائية فبها تعيش مهما اضطربت العملة النقدية.

ومع نهاية نوفمبر 2004، كان الدولار قد خسف به من جديد فخسر 40% من قيمته أمام اليورو، وحولت أنا شخصيا مبلغا إلى كندا بسعر 323.79 هللة للدولار الكندي، وكان عام 2003 حوالي 260 هللة سعودية. وهذا يعني أن كل من ارتبط بالدولار الأمريكي خسر 40% من دخله الشهري، بدون أن يشعر بالنكبة.

وينقل لنا التاريخ قصصاً مرعبة عن كارثة (التضخم النقدي Inflation). ففي عهد الأباطرة الرومان الثلاثة (كاليجولا وكلاوديوس ونيرون)، «نضبت الأموال في الخزينة بسبب قيام هؤلاء الحكام بصرفها على إقامة الأعياد والاحتفالات، وبناء البيوت الفخمة ورشوة الجيش والحرس الخاص، من أجل ضمان ولائهم. ولما جفت الأموال، قاموا بفرض الضرائب المرتفعة، والاستيلاء على أموال الميسورين، وضرب عملة جديدة».

ونتيجة لهذه الممارسات الخاطئة، مرت البلاد بأزمة حادة من التضخم، فارتفع سعر القمح بمقدار 100000% (مائة ألف في المائة). وقبل انهيار روما «كان الاقتصاد الروماني قد دُمر تماماً». وسرى نفس الشيء على الامبراطورية الاسبانية، فلم تعد الواردات تغطي سوى نصف النفقات الحكومية، وفقدت العملة قيمتها وبدأ التضخم، ودمرت الضرائب المرتفعة اقتصاد الدولة ومواردها الزراعية، وأدى فقر البلاد إلى فقدان نفوذها، فانكمشت رقعة الامبراطورية إلى حدودها الأصلية، فماتت بحمى الذهب. كذلك الحال بعد الحرب العالمية الأولى، مع كل من النمسا وألمانيا، حيث كانت عربة كاملة من النقد لا تساوي كيلو الخبز.

وأمريكا تعالج وضعاً مريضا بدواء فاسد، فهي تدفع بالدولار إلى الحضيض، فتسدد ديونها بورق من بضاعة مزجاة، ومن كان له دين على أمريكا مائة دولار، فهو سيأخذها ورقا مائة دولار، ولكنها في الحقيقة 60 دولارا، فمرحى لأمريكا! ومن أراد أن يشتري سيارة تويوتا يابانية أو مرسيدس ألمانية، فعليه أن يدفع 40 % أكثر، ولذا لجأ بعض التجار إلى حسابات معقدة، لتسوية هذه الفوضى الدولارية العارمة بحسابات يعجز عنها شاخت الألماني.
ولكن أمريكا بدورها ليست صادرات فقط، بل واردات ايضا، وهذا يعني أنها تدفع المزيد من الدولارات للاستيراد، والأمريكيون ليسوا ذلك الشعب الاقتصادي، بل تعود على الرفاهية على حساب الآخرين منذ أمد بعيد.

وقبل عشرين عاما بيع المارك الألماني بـ 103 هللة، واشتريت أنا يومها ماركات رخيصة بسعر 107,8 هللة نفعتني في شراء عفش للبيت من شركة (أيكيا IKEA) من ألمانيا، فاستفدت مرتين من استرجاع الضريبة ورخص المارك. قال الكابلي يومها عن تحليق الدولار المجنون، إنه ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع. وفعلا فإن رحلة الدولار الموجعة أوصلته إلى الحضيض، فوقع من علياء كما تقع المعزة من سفح جبل، وتوقع بعض الاقتصاديين الألمان وقتها، أن يصل سعر صرف الدولار إلى 120 بفنك، ولم ينزل تماما إلى هذا الرقم ولكنه قاربه فوصل إلى 135 بفنك.

والمشكلة ليست جديدة في مرض الدولار، فهذه قصة قديمة تنبأ لها (هيري فيجيHarry E.Figgie) و(جيرالد سوانسون Gerald j.Swanson) في كتابهما (الإفلاس Bankruptcy) منذ عام 1995، وبأنها ستقود إلى انكماش اقتصادي لا رجعة منه، كما يحدث في المريض المصاب بالصدمة غير القابلة للتصحيح (Irreversible Shock)، وكان التحليل الذي تقدم به الرجلان، أن العجز الأمريكي سيصل إلى شكل عصا الهوكي بمقدار 13 تريليون دولار (13 ألف مليار). عندها ستدخل أمريكا مرحلة انكسار لا قيام منها، ودعيا إلى خطط اقتصادية لوقف هذا الانهيار. وعندما جاء (كلينتون) إلى الحكم، استطاع أن يوقف هذا النزيف، ويخرج من الحكم بميزانية إيجابية، فترك بضع مئات من المليارات فائضة، حتى جاء بوش فأدخلها في مرحلة العجز من جديد، والكسر يزداد بدون توقف.

وأمريكا ذات دخل فلكي، فميزانيتها السنوية تدخل من خمسين ولاية بمقدار 1100 مليار دولار سنويا، ولكنها كانت تنفق 1500 مليار بتحقيق عجز 400 مليار دولار سنوياً، ما يعادل ميزانية أكثر من عشرة دول نامية من خط الفقر.

وحسب القاعدة الاقتصادية، أن ما عندكم ينفد وما عند الله باق، ومع التدبير ينفع المال ولو كان قليلا، ومع التبذير لا يبقى مال مهما كان كثيرا. ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء. وأمريكا عندها 65 قاعدة في أرجاء الأرض تنفق عليها، وتكلفة حاملة الطائرات الواحدة أربعة مليارات دولار.

وينقل عن (فيم دويزنبيرجWim Duisenberg) رئيس البنك المركزي الأوربي قوله: إن الرفاهية في أمريكا في قسمها الأعظم هي محصلة نفخ اقتصادي، وأنها تتغذى على قصور مضاعف Double deficitaوعندما يشرح هذا القصور المزدوج يقول: لقد كانت المؤشرات تتوهج احمرارا في هبوط الميزانية الأمريكية وتوازن التحمل. وهكذا حول بوش الميزانية المعافاة التي خلفها له (كلينتون) خلال سنتين إلى قصور هائل.

فمن جهة مد يده إلى أموال المودعين ليستدين 380 مليار دولار من أجل تخفيف الضرائب وتمويل الحرب، وهو يعني سلبا 4% من الإنتاج الوطني. ومن الخارج ارتفعت كمية الواردات ما اضطر أمريكا لضخها بـ 500 مليار يورو من أموال خارجية، كي تغطي حمى الاستهلاك الأمريكي. إن هذا الشرخ في (توازن التحمل) لم تطق عليه نمور آسيا في الشرق الأقصى. ففي الوقت الذي بلغ المخطط ذروته، وفقد الناس ثقتهم بالأداء الاقتصادي، انهارت أندونيسيا وتايلاند بين ليلة وضحاها. ويقول رئيس قسم الاقتصاد الوطني في البنك الألماني (نوربرت فالترNorbert Walter :«أننا قد نكون شهود انفجار فقاعة الدولار بعد فقاعة الأسهم» واليوم من يملك الدولار ليست أمريكا، بل الاحتياطي من الدولار هو في الشرق الأقصى (اليابان 462.3 مليار، الصين 270.6 ،تايوان 162.3، كوريا الجنوبية 121، وهونج كونج 111.9، مقابل ألمانيا 56.4، وأمريكا 80.4 مليار دولار).

وتخزن دول مهمة مستودعاتها باليورو مثل روسيا وكندا. وهكذا فإن الدول الأسيوية بيدها نصف الأموال العالمية ويشجعون رخاء شريكهم أمريكا، ولكن إلى متى؟ وهذه الدول تسعى إلى رفع احتياطياتها من اليورو، فتايوان مثلا رفعت احتياطيها من اليورو من 20 إلى 35% وسنغافورة إلى 30%. هذه الأرقام تقول أن أمريكا قابلة للإصابة، وأن رفاهيتها تقوم على أن العالم يشتري الدولار لأن البترول يباع بالدولار، وبهذه الكيفية فإن الثقوب في التوازن الاقتصادي الأمريكي تسد، طالما كان البترول يباع بالدولار وبالدولار فقط. مما يبقى الطلب على العملة الأمريكية في مستواها الحالي. ولكن السؤال الكبير هو في ربط عملاتنا إلى دولار مترنح لا يكاد يقف على قدميه.

مجاهدون
12-12-2004, 03:50 PM
قوة أميركا العسكرية وهبوطها الاقتصادي .. ومرض الدولار المزمن

خالص جلبي


تتوالى شهادات خبراء الاقتصاد عن مستقبل مظلم للدولار الأميركي ، فعندما يفكر جيم أو نايل Jim O"Neill الخبير الاقتصادي في بنك جولدمان ساكس الاستثماري Goldman Sachs حول مستقبل الدولار ، لا يخرج إلا بالتشاؤم فيقول: «سوف يفقد الدولار المزيد من قيمته أمام اليورو وسوف يصل سعر صرف اليورو مقابل الدولار إلى 1.2 أو 1.3 أو ربما 1.4». وحصل الذي توقع الرجل قبل حدوثه، ففي نوفمبر 2004م تراوح اليورو مقابل الدولار بين 1.3 و1.4. ويذهب إلى نفس التحليل ميشيل كلاوتر Micheal Klawitterخبير العملات في بنك West LB في لندن ، الذي يرى أن صعود اليورو سيرافقه حضيض في الدولار ، وأن يصل اليورو إلى 1.4 دولار موضوع مفروغ منه out of Question ، ويتعاظم الشك في البورصات في أداء أميركا القوة الأعظم ، ليس في قوتها العسكرية لكن الاقتصادية. وينمو الخوف أن الاقتصاد الأميركي ليس ذلك الصلب كما كان متوقعا، وأن النمو الذي عاشه البلد سابقا لربما يفاجأ بانهيار حاد.

ومرض الدولار مظهر لمرض أعمق عن قوة أداء الاقتصاد الأميركي. كما في مريض الملاريا فلا يعالج بـ (خافضات) الحرارة كما تفعل أميركا بـ (تخفيض) الدولار بل بجرعة كينين (مّر) ، وعلى الأميركيين تجرع (مرارة) الدواء من ادخار وتقشف وعرق جبين.

وأعجب ما في الأمر هو التناقض بين قوة أميركا العسكرية وضعف الدولار، ومن الغرابة بمكان أن الأمة العسكرية الأشد بأسا (أميركا) ، سوف ينال منها الاقتصاد، وقوة العضلات ليست دليل صحة دوماً، وثبت من علم الجينات أن الذكور أضعف مناعة من المرأة وأقصر عمراً، والكروموسم الذكري تآكل ثلثاه وهو ماض في الانقراض وبعد 125ألف سنة لن يبقى ذكور.

وفي العادة يهرب الناس زمن الأزمات إلى الدولار كمنطقة أمان ، ولكن الذي يحدث هو العكس فلم يتحسن الدولار في حرب العراق بل هبط وما زال. وهناك العديد من الأمم ملأت احتياطياتها من (اليورو) الذي سطعت شمسه على العالمين، وبعد أن بدأ رحلته بخجل وتردد مع عام 2000 م لينزل إلى 0.9 من الدولار، ثم ليشد عزمه في رحلة صعود لا تتوقف ليصبح مع نوفمبر 2004م حوالي 1.34 من الدولار، أي أن العملة الأميركية خسرت 40 % من قوتها تجاه اليورو، والرحلة الموجعة إلى القاع لم تنته بعد. وأحياناً يتساءل المرء : هل يمكن أن يصحو الإنسان من نومه ليرى مصير الدولار مثل مصير الدينار الأردني أو البات التايلندي حين خسفت به الأرض في ليلة واحدة فخسر نصف قيمته؟

وما يوقف الدولار عن الموت حاليا هو ارتباط بيع النفط بالدولار، ولو انفك النفط عن الدولار لقضي عليه عالميا، وهذا يحكي قصة السياسة والمال. ومع أن النفط في معظمه ينبع من العالم الإسلامي، و8 % من بترول العالم يتدفق من حقلين في السعودية والكويت، ولكن البترول يباع بأرخص من الماء حتى اليوم.

وقديما تنبه إلى هذه المشكلة الاقتصادية المفكر الجزائري (مالك بن نب)، فكتب في ضوء مؤتمر باندونغ في (الأفروآسيوية) عن إيجاد منظمة اقتصادية تضم فقراء العالم الثالث فتتحكم بموارد ثرواتها، وولدت بعدها منظمة (الأوبيك). وفي آخر كتاب له (المسلم في عالم الاقتصاد) قبل موته ، وكنت برفقته شخصيا ، حينما سافر إلى بيروت لتفقد طباعته ، كان الرجل يأمل بقيام كتلة مالية مستقلة عن الرأسمالية والشيوعية. و(مهاتير) من ماليزيا دعا أيضا إلى فكرة ربط البترول بالذهب. ويمكن أن يدخل إلى الميدان عملة إسلامية جديدة مستقلة عن الدولار، وهو يعني الاستقلال السياسي.

وبذا (تغول) الدولار ولم يبق قيمة لعملة عربية، وفي السودان نسوا الجنيه ويتعاملون بالريال ولكن لا الجنيه ولا الريال لهما قيمة. وفي الإنترنت ينقل عن المؤرخ الأميركي (وليام كلارك) أن حرب العراق الأخيرة كانت من أجل حصر بيع البترول بالدولار، والدولار فقط، وهو أمر تفطن إليه طاغية بغداد الأسبق صدام المصدوم وكانت رمية من غير رامٍ حين تخلى عن بيع البترول بالدولار واستبدله باليورو.

وبالطبع فإن الكلام النظري سهل وهو أن تعتمد دول الأوبيك بيع نفطها بسلة عملات، بحيث تخرج كتلة أو عمود اقتصادي جديد خارج عمود الين واليورو والدولار، فتحقق استقلالاً اقتصاديا ودخلاً للثروة ثابتاً لا يخضع لمزاج الدولار الحاد المتقلب مثل أعاصير التيفون في مثلث الموت. وأميركا تفعل هذا عن قصد عسى أن تدفع عن نفسها الموت الاقتصادي المقبل ، بخدع اقتصادية من تنزيل الدولار بين الحين والآخر، ولكن منذ أيام الاقتصادي (ريكاردو) فإن السوق يخضع لقوانين حديدية.

والاقتصاد العالمي يقوم على ثلاث: (السلع) و(الخدمات)) و(النقد). والنقد بدوره يستظل بدوره تحت قبة من ثلاث أعمدة من عملات رئيسية هي: الدولار الأميركي والين الياباني واليورو الأوربي، ولذا رأينا الكثير من العملات ربطت نفسها على نحو انتحاري مع الدولار، كما هو الحال مع العديد من العملات العربية، فتهبط مع هبوط النسر الأميركي وتحلق مع تحليقه، ولكن الهبوط قد يكسر الظهر أحياناً. ومن أسلم مصيره لغيره لم يأمن انقلاب الزمن عليه. ويقول المثل لا تودع مالك حيث لا تستطيع الوصول إليه. وفي الإنجيل حيث مالك قلبك.

ويتوقع (باول كيندي) في كتابه (سقوط القوى العظمى) أن أميركا لن تخرج عن القدر التاريخي ولسوف تهوي كما هوت إمبراطوريات كثيرة تحت نفس القانون الإمبريالي. وكان (سكيبيو) الروماني يعارض (كاتو) في تدمير (قرطاجنة) الذي كان يختم كل خطبة له بجملة (ديلندا است كارتا جو أي دمروا قرطاجنة) لشعوره أن (وجود) قرطاجنة يحافظ على (وجود) روما ويدفعها للنمو، ولكن القضاء عليها سوف ينهي معها روما بطريقة مختلفة بتشربها بالروح الإمبريالية، وهو رأي ذهب إليه أيضا (توينبي) و(شبنجلر) بأن هزيمة معركة (زاما) على أبواب قرطاجة عام 202 قبل الميلاد ، قضت على الإمبراطوريتين معا ، فمع هلاك قرطاج انتهت (جمهورية) روما.

وكانت مذبحة قرطاجة (هيروشيما) العصر القديم ، حينما قضت روما في 17 يوما على 450ألف نسمة من السكان. وهو أمر ذكره (تشرشل) في ظلمات الحرب العالمية الثانية ، وهو يوجه خطابه إلى الجمهور البريطاني قائلا :«لسنا الوحيدين في هذه المعمعة، فقد مرت قرطاجة بظروف مشابهة فلم تستسلم ونحن نستلهم روحها في وجه النازي ولسوف نحارب في كل مكان».

هل أميركا في طريقها إلى الإفلاس الكبير؟ يستبعد ذلك فهي خمسون دولة مضغوطة في اقتصاد واحد وتشرب ربع البترول العالمي (عشرين مليون من ثمانين مليون برميل يوميا ، وحصة الفرد الأميركي السنوية من استهلاك البترول 26 برميلاً مقابل 0.9 للهندي و1.8 للصيني) ، وهي تنتج 38 % من مجمل التجارة العالمية. ولكنها مع ذلك تخضع لقوانين الاقتصاد. ومن يغفل عن قوانين الله فإن قوانين الله لا تغفل عنه.

ويتوقع (باول كينيدي) أن يتراجع اقتصادها من مجمل الإنتاج العالمي في القرن الواحد والعشرين من 40% إلى 18 %.. وفي القرآن أن القرى يأخذ أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرَّعون، بمعنى أن الصدمة قد توقظ لتصحيح المسار، فإذا لم تستجب الأمم لهذا الإنذار حصل شيء عجيب وهو دخولها مرحلة كاذبة من تبديل السيئة بالحسنة، وإذا وقع هذا (عفوا) أي نسوا فلم يستفيدوا من الدرس وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون. وقد نكون شهداء انهيار أميركا بالاقتصاد أكثر من الحرب. وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا.

وقد يأتي الوقت الذي يخاف الاقتصاديون ويرتعب المودعون بأن الأخطار كبيرة فيسحبون أموالهم بالدولار ، وعندها ستحدث الصدمة الكبرى وهو ما يخشاه المؤرخ الاقتصادي (هارولد جيمس) من جامعة (برينستون). وتحذر مجلة (النيوزويك) قراءها الأميركيين من التطورات الدرامية بقولها :«انسوا الحرب العراقية. انسوا النزاع الأطلنطي. إن أم المعارك تتربص بكم في جبهة أخرى».

مجاهدون
12-12-2004, 03:52 PM
لا تسمحوا للدولار بالانهيار

جيفري غارتين*


بينما يواصل الدولار انهياره في مقابل اليورو والين، وغيرهما من العملات، تبرز الحكمة التقليدية بأنه لا يوجد خيار غير إفساح المجال أمامه، ليواصل انهياره دون توقف أو تدخل. ويقول المنطق السائد إن الاختلال في الميزان التجاري الأميركي يمكن إصلاحه بانخفاض قيمة الدولار، وربما بمقدار الثلث من قيمته الحالية. والفكرة التي يؤيدها وزير الخزانة الأميركي جون سنو، ومدير البنك المركزي ألان غرينسبان، هي أن هذا الانخفاض سيرفع من قيمة الواردات إلى أميركا، والتي ستضطر حينها إلى تخفيض مشترياتها من العالم الخارجي. ومن المفترض كذلك أن يساعدنا الدولار المنخفض القيمة، على بيع بضائع أكثر للعالم لأن صادراتنا ستكون أرخص نسبيا. وسأوضح فيما يلي كم هي خاطئة هذه الأفكار.

انخفاض قيمة الدولار لن يؤدي إلى التقليل من الواردات كما يأمل البعض، بل الارجح أنه سيكون بمثابة ضريبة استهلاكية جديدة. فحوالي ربع الواردات الأميركية تتكون من المواد النفطية، والتي تحدد أسعارها بالدولار. وبالتالي فإن دولارا منخفض القيمة يعني دخولا اقل لمجموعة الدول المصدرة للبترول (أوبك). وهذا ربما يدفع المنظمة إلى رفع اسعار البترول. أما البضائع التي نستوردها من آسيا، وخاصة الصين، فهي تكون بدورها حوالي 25%. ونسبة لأن هذه الكمبيوترات والإلكترونيات والتلفزيونات واللعب، مهمة جدا لاسلوب حياتنا، فالأرجح أننا سنواصل شراءها، حتى ولو ارتفعت أسعارها.

وإذا كانت ذلك كذلك، فهل يمكن للإنتاج المحلي أن يغطي نفقات الواردات، كما يعتقد البعض ويؤكد؟

فقطع السيارات على سبيل المثال، صارت تصنع في المكسيك وغيرها من الدول النامية. وليس متوقعا أن يحدث استبدال لهذه المصانع، التي تمثل خطوط إمداد عالمية، بإنتاج محلي، فقط لأن هناك تذبذبا في اسعار العملات.

وتكمن مشكلة سياسة تخفيض الدولار التي تتبعها الإدارة، في أنها لا تعالج الأسباب الجذرية للاختلالات التجارية الأميركية. فحاجتنا إلى الاستدانة الضخمة من الخارج، ناتجة من مقدراتنا الاستهلاكية الهائلة مع الأنيميا الحادة في مدخراتنا. فالأميركيون لا يدخرون حاليا أكثر من 0.2% من دخولهم الجارية، وهي أقل نسبة خلال 45 سنة.

وما دامت مدخراتنا قليلة إلى هذه الدرجة، فإنها لا تستطيع تمويل الاستثمارات الرأسمالية، مما يضطرنا إلى الاستدانة من المدخرات المتراكمة بالخارج. وتحتاج حكومتنا كذلك إلى مستثمرين أجانب، يشترون سندات خزانتها لتمويل العجز الهائل، الذي تعاني منه الخزانة.
التجار الذين يحركون كل يوم ترليونين من الدولارات في اسواق العملات، يعرفون أنه إذا اعتمدت الولايات المتحدة على الدولار المنخفض القيمة، لتصحيح الاختلال في ميزانها التجاري، فإنها ستدفع العملة دفعا في اتجاه التخفيض السريع، والذي يمتد فترة طويلة، لأن العائدات لن تضاهي بأية حال من الأحوال حجم التوقعات.

وهذا رهان ذو اتجاه واحد بالنسبة للمضاربين. وقد انتشرت الشائعات في كل مكان بأن عددا كبيرا من البنوك المركزية، التي تملك كميات كبيرة من الدولارات، تفكر حاليا في التنويع بحيازة عملات أخرى. وربما تتدخل عما قريب الأموال الاحتياطية وغيرها من أموال المضاربين. وإذا قوي تيار بيع الدولار، فإن ذلك ربما يقود إلى انهيار كامل في سعر الدولار، وإلى أزمة مالية عالمية وكساد عالمي عميق.

ربما تكون قيمة الدولار أكبر من الواقع حاليا. ولكن بدلا من تخفيض العملة والاكتفاء بذلك، فإن على واشنطن أن تسعى إلى إبرام إتفاقية مع أوروبا واليابان والصين، لا تعالج فقط علاقات العملات، بل كذلك التغييرات السياسية المحلية التي تساعد على دعمها.

ويمكن أن نأخذ مثالا على ذلك ما يسمى باتفاقيات بلازا التي أبرمتها إدارة ريغان مع ألمانيا واليابان عام 1985، فقد كانت الولايات المتحدة، مثلما هي اليوم، تعاني من عجز كبير في الميزان التجاري، وكانت ترغب في تخفيض قيمة الدولار، ولكن بدلا من خفض العملة، أو تركها تتدهور من تلقاء ذاتها، سعى فريق الرئيس ريغان إلى إقناع شركاء تجاريين بالمشاركة في تحمل العبء بتوازن السياسات التي يمكن أن تصحح الاختلال.

وقد كان ذلك حلا ناجحا. فقد انخفضت ببطء الفجوة التجارية التي كانت تعاني منها أميركا، ولم يطلب الدائنون الأجانب اسعار فائدة عالية من وزارة الخزانة. ومن هنا، وإذا ما سعت واشنطن إلى إبرام اتفاقية مشابهة اليوم، فإن الصين واليابان يمكن أن تبطئا من انخفاض الدولار بتخفيض عملاتهما، وربما تحتوي الاتفاقية على التزامات سياسية لدعم التوازنات بين العملات.

فعلى سبيل المثال، وبدلا من الاكتفاء بالتأكيد أن النمو الاقتصادي سيخفض من عجز موازناتنا، يمكن لإدارة بوش أن تؤجل أو تقلل من التخفيضات الضريبية الثابتة. ويمكنها كذلك أن توافق على التأميم الجزئي للضمان الاجتماعي، ولكن بعد صياغة خطة لتمويل تكلفة الإنتقال، التي تترواح بين ترليون إلى ترليوني دولار، دون مفاقمة العجز. ويمكنها كذلك أن تعلن بعض الإجراءات التي تقود لتحسين أداء الصادرات، ويمكنها أن تبدأ بدعم أكبر لبعض برامج البحث والتنمية ، بعد وضع خطة لتخفيض حصص الرعاية الصحية بالنسبة للمخدمين، بعمل إعادة تأمين لنفقات العلاج الكبيرة.

وفي المقابل، يمكن للأمم الأوروبية من جانبها أن تسرع برفع القيود لإشاعة مزيد من الانفتاح في اقتصاداتها، ولتصبح مستوردة أكبر مما هي عليه الآن، وينتظر أن تتفق الدول المهمة على التدخل في أسواق العملات، لجعل انخفاض قيمة الدولار تدريجية.

إن قوة عظمى لا يمكن أن تحط من قدر عملتها، وخاصة وهي عملة تدور حولها كل التجارة العالمية، كما إنها لا ترفع يدها عن الخزانة، وكأن السوق يتحمل كل المسؤولية عن الاستقرار المالي العالمي. ومن هنا، ولتصبح قادرة على حل المشاكل التي ترقد وراء العجوزات الكبيرة في الموازنة، فإنها تستخدم فنون إدارة الدولة، داخليا وخارجيا.

* رئيس مدرسة الإدارة بجامعة ييل، وشغل وظائف في الاقتصاد والسياسة الخارجية في إدارات نيكسون وفورد وكارتر وكلنتون (خدمة ـ «نيويورك تايمز»)

موالى
12-17-2004, 12:46 AM
العملة الخضراء خسرت 27.6 في المئة من سعر صرفها مقابل العملات الرئيسية:
اضعاف الدولار ورفع الفائدة و«تصدير الفقاعات» ورفض اسعار الصرف المرنة «سياسة» واشنطن الأحادية

نيويورك ـ محمد خالد الحياة 2004/12/16

رحبت أسواق الصرف بقرار مجلس الاحتياط الفيديرالي (المصرف المركزي الأميركي) زيادة سعر الفائدة، للمرة الخامسة منذ منتصف السنة بمعدل ربع نقطة ليرتفع الى 2.25 في المئة ويعزز سعر صرف الدولار مقابل اليورو والدولار الكندي، أقله في رد فعل أولي، لكن مجموعة من كبار الاقتصاديين والمحللين الأميركيين أكدت «أن ادارة الرئيس جورج بوش اتخذت بالفعل قراراً غير مُعلن باضعاف الدولار ضمن سلسلة من الاجراءات التي ترغب في أن تراها تُساهم في تخفيف آثار تضخم عجزي الحساب الجاري (ميزان المدفوعات) والموازنة المالية». وكان الدولار بدأ عملية «تصحيح» في شباط (فبراير) 2002 وخسر سعر صرفه حتى الآن 16.6 في المئة مقابل عملات مجموعة الشركاء التجاريين لأميركا و27.6 في المئة مقابل العملات الرئيسية، خصوصاً العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) والدولار الكندي والين الياباني والجنيه الاسترليني.

يشترك الاقتصاديون والمحللون الأميركيون، الذين تحدثوا في ندوة خاصة في نيويورك الجمعة الماضي، في الاعتقاد بأن انخفاض سعر صرف الدولار «سيدعم تنافسية الصادرات الأميركية ويقدم للولايات المتحدة الحل الوحيد المتاح لمعالجة الخلل المستفحل في ميزان مدفوعاتها، ما من شأنه أن يُساهم في اعادة التوازن الى النظام المالي الدولي. واعترفوا أن سعي ادارة بوش لاضعاف الدولار يحمل كل صفات القرار الأحادي الذي يتجاهل مصالح الآخرين في عالم حيث الورقة الخضراء باتت تشكل زهاء 65 في المئة من احتياط العملات الصعبة للمصارف المركزية وتحتل حيزاً مهماً، وان كان متقلباً، في رصيد الاستثمار الدولي الخاص.

التصحيح

وبدأ الدولار عملية «تصحيح» في شباط (فبراير) 2002 وخسر سعر صرفه حتى الآن 16.6 في المئة مقابل عملات مجموعة الشركاء التجاريين لأميركا و27.6 في المئة مقابل العملات الرئيسية، خصوصاً العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) والدولار الكندي والين الياباني والجنيه الاسترليني. واتفق المشاركون في الندوة، التي رعتها مؤسسة الوساطة والخدمات الاستثمارية «مورغان ستانلي"، كبير الاقتصاديين ستيفن روتش وخبير أسواق الصرف ستيفن لي ولفيف من الاقتصاديين والمحللين الآخرين المنتشرين في عواصم العالم، على أن جولة جديدة من التصحيح تبدو أمراً محتوماً ان لم تكن بدأت للتو.


الفجوة غير المسبوقة

وفي تلخيص لابرز ما قيل في الندوة قال ستيفن روتش: «يعاني العالم اختلالا محزناً يتجسد في أشكال عدة وان كان مؤشره الأكثر سطوعاً يتمثل في تشكل فجوة غير مسبوقة في النظام المالي حافتاها عجز الحساب الجاري الأميركي وفوائض الحسابات الجارية الآسيوية الأوروبية. وأعتقد أن الحل الناجع يكمن في تعديل أسعار الصرف بما يتيح تراجعاً اضافياً لسعر صرف الدولار. كذلك يمكن للدولار الضعيف أن يساهم في زيادة أسعار الفائدة (الأميركية) مستهدفاً تجاوزات المستهلك الأميركي الذي تعتبر ديونه العالية أكبر المخاطر التي تواجه الاقتصادين الأميركي والدولي. وفي حال فرض انخفاض الدولار اجراء تعديلات قاسية في أماكن أخرى من العالم، مثل اجبار الاقتصادات الآسيوية والأوروبية على تبني اصلاحات واسعة يكون من شأنها حفز الاستهلاك في أسواقها وتخفيف اعتمادها على التصدير (الى السوق الأميركية) لن يكون ذلك بالأمر السيء اذ أن اعادة التوازن الدولي مسؤولية مشتركة».


لا تقتنوا الاصول المقومة بالدولار

وقال ستيفن لي: «أعتقد أن الكل متحمس لاضعاف الدولار. لكني أرى خطورة كبيرة في السياسة التي تتبعها الولايات المتحدة. ولم أسمع قط بمصرف مركزي يقول للعالم لا تقتنوا الأصول المقومة بالدولار لكن هذا بالضبط ما فعله الان غرينسبان (رئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي) في الكلمة التي ألقاها في فرانكفورت في 19 تشرين الثاني (نوفبر ) الماضي اذ قال اننا نشهد الآن عملية بيع تدرجية لسندات الخزينة الأميركية ومن شأن ذلك أن يؤدي حتما الى ارتفاع سعر الفائدة على سندات الخزينة الطويلة الأجل الى 5 في المئة. وليس ثمة ما يمنع من تأثر الأسهم الأميركية أيضا (بتصريحات غرينسبان) الاخيرة».


اضعاف الدولار ورفع الفائدة

وقال ريتشارد بيرنر: «أوافق على أن من الخطورة بمكان أن يحاول مجلس الاحتياط اضعاف الدولار بالتصريحات. وغالباً ما يقترف غرينسبان ذنب الاعتقاد أن بمستطاعه التلويح بعصاه السحرية للتأثير في الأسواق والحصول على ما يريده من نتائج لكن التجربة أظهرت بجلاء أنه حتى شخص بمكانة غرينسبان يمكن أن يضطر للانحناء أمام الحكمة الجماعية لملايين المستثمرين. وأعتقد بأن الخطة التي يرغب مجلس الاحتياط في تطبيقها لمعالجة عجز الحساب الجاري لا تتضمن اضعاف الدولار وحسب بل رفع الفائدة وتشديد شروط الاقتراض في السوق المحلية».

وقال جواكيم فيلز: «أخشى أن تكون محاولة مجلس الاحتياط اضعاف الدولار جزءاً من لعبة هدفها زيادة نسبة التضخم اذ أن مستوى التضخم الحالي، الذي يحوم بالقرب من مستوى 1.5 في المئة، لا يوفر ضماناً مريحاً ضد انكماش الأسعار في حال حدث ركود اقتصادي جديد. في الاقتصادات العالية المديونية مثل الاقتصاد الأميركي تساعد نسبة تضخم مرتفعة قليلاً على تشحيم مفاصل الاقتصاد. لذلك أعتقد بأن السنوات القليلة المقبلة ستتميز بنمو اقتصادي بطيء مصحوب بالتضخم».


تصدير الفقاعات

واشار ستيفن لي الى ان احتمال النمو الاقتصادي البطيء المصحوب بالتضخم «هو بالضبط ما أعنيه بالتشديد على الآلام المحتملة لاضعاف الدولار». ان ما تفعله أميركا هو تصدير الفقاعات الى باقي العالم واجبار الأمم الأخرى على خفض أسعار فوائدها ورفع أسعار صرف عملاتها. أنظروا الى ما حدث في اليابان أواخر الثمانينات حين أجبرت اليابان على خفض سعر فائدتها الى النصف بين اتفاقي «بلازا» (1985) و«اللوفر» (1987) اللذين مهدا لانخفاض سعر الدولار في النصف الثاني من الثمانينات. ما لذي حدث في اليابان أواخر الثمانينات؟ لقد ترك اليابان للتعامل مع فقاعة (القروض) وصدماتها طوال الأعوام الـ14 التالية.


الركوب المجاني

وقال روتش: «أتعاطف مع فكرة أنه ليس من المنصف أن تلقي أميركا بمشاكلها الى باقي العالم لكن الاقتصادات الآسيوية والأوروبية سعت الى المتاعب بأقدامها عندما، وبسبب عدم استطاعتها أو عدم رغبتها في حفز الطلب المحلي في أسواقها، ربطت اقتصاداتها بالمستهلك الأميركي المثقل بالديون. ان فكرة «الركوب المجاني» حيث يستهلك الأميركيون البضائع الآسيوية في مقابل أن يقتني الآسيويون السندات الأميركية كانت على الدوام مغامرة خطرة وأدت الى تضخم حصص الأصول المقومة بالدولار في الاحتياط الرسمي لكل المصارف المركزية خارج الولايات المتحدة. ولا شك في أن ارتفاع حصص الأصول الأميركية في أرصدتها سيبدو لهذه المصارف قراراً متهوراً في حال حدث انخفاض جديد مستدام في أسعار صرف الدولار».


التعايش الآسيوي مع توازن هش

وقال أندي شي: «ان الاقتصادات الآسيوية تحمل جزءاً من اللوم بسبب اختيارها طريق التصدير للخروج من أزمتها المالية، لكن الولايات المتحدة لم تطلب من هذه الاقتصادات تغيير استراتيجيتها عندما خفضت سعر فائدتها وضرائبها لحفز الطلب المحلي في سوقها بعد انفجار فقاعة التكنولوجيا، والسبب هو أنها كانت بحاجة الى الأرصدة الآسيوية لانعاش اقتصادها. وفي النتيجة تقبلت آسيا التعايش مع توازن هش. لكن أميركا تريد الآن أن تزعزع هذا التوازن على رغم أن كل ما يمكن أن يفعله اضعاف الدولار هو زيادة الضغوط الانكماشية من دون التأثير في الطاقات التصديرية للاقتصادات الآسيوية».


تحرير اسواق العمل

وقال ديفيد مايلز: «لا أملك الا الاعتراف بأنني مندهش من وجهة النظر القائلة بأن تبني الاقتصادات الأوروبية اصلاحات هيكلية واسعة سيساعد في تخفيف حدة الاختلالات التي يعانيها الاقتصاد الدولي. كنت أحسب أن الاصلاحات الهيكلية ستحرر أسواق العمل والسلع لكن نجاح هذه الاصلاحات سيجعل منطقة اليورو أكثر تنافسية وانتاجا ولا أدري كيف سيُساعد ذلك في تقليص العجز التجاري الأميركي. أليس من المحتمل أن تؤدي زيادة التنافسية الأوروبية الى تفاقم الاختلالات العالمية؟».


القاء اللوم على الجار

وقال اريك تشيني: «في لعبة القاء اللوم على الجار تلجأ الدول التي تعاني من العجز الجاري في حساباتها الى مطالبة البلدان الأخرى بحفز استهلاكها المحلي لكن ما تريده ضمناً هو أن يحذو هؤلاء حذوها بالاقتراض لتمويل استهلاكهم. ان تقليد الولايات المتحدة في سياستها المالية المتهورة سيكون خطأ فادحاً ترتكبه منطقة اليورو. وأعتقد أن ذلك لن يحدث اذ أن أوروبا لا تزال تذكر تبعات تجربة أوائل الثمانينات حين لعبت ألمانيا دور قاطرة النمو».

وتساءل روتش: «أليست السياسة النقدية الصينية تمثل الحلقة المفقودة في سلسلة اعادة التوازن العالمي؟».

وشدد ريكاردو بربيري على انه «بالتأكيد تبرز (السياسة النقدية الصينية) كعنصر حيوي في الفترة المقبلة. لكن حتى وقت قريب، قبل عامين، وفي مناخ من الدولار القوي، نال ربط العملة الصينية بالدولار رضى الجميع والمؤكد بأن تحول الولايات المتحدة الآن لاضعاف الدولار بسياسة احادية أمر يزعج الصينيين. وعلى كل حال، الواضح أن كل نقطة مئوية يخسرها الدولار في سعر صرفه تترجم الى خسارة مماثلة يتكبدها اليوان الصيني مقابل العملات الأخرى. ومن شأن ذلك أن يضع ضغوطاً على الدول التي لا تملك المرونة وضخامة السوق المحلية التي تملكها الولايات المتحدة. وفي حال أصرت الصين على الامتناع عن تغيير سياستها النقدية أعتقد أن أوروبا ستجد نفسها مضطرة لوضع حد أقصى لارتفاع عملتها الموحدة. وأعتقد بأن هذا الحد الأقصى سيكون بمستوى 1.4 دولار لليورو. أما في حال أقدمت الصين على تغيير سياستها النــقدية فان النـــظام المالي الدولي سيتغير كليا. ان التحرك باتجاه أسعار الصرف المرنة يمكن حقا أن يضع نهاية لسيادة الدولار».

ولخص روتش النقاش بالتالي: «هل تعاني الولايات المتحدة من مشكلة كأداء في موازانتها؟ وهل لدى الولايات المتحدة مشكلة كأداء في الادخار الخاص؟ اذا كان الجواب على هذين السؤالين بالنفي يمكننا حينئذ توقع استعادة الحساب الجاري توازنه ويسترد الدولار قوته. أما اذ كان الجواب بالايجاب، وهذا ما أعتقده، فإن عملية التصحيح بالكاد بدأت».

واشار ستيفن الى ان النقاش تركز في ما هو مطلوب من الدول المختلفة (منطقة اليورو والاقتصادات الآسيوية) عمله لتمكين الولايات المتحدة من اعادة التوازن الى ميزان مدفوعاتها ورأى أن الخلاف أكثر من الاتفاق. وقال: «ان رغبة أميركا في التوصل الى اتفاق «بلازا» جديد يتيح انخفاض سعر صرف الدولار ستواجه بمقاومة شديدة من الدول الأخرى التي ترغب من جانبها في اتفاق «لوفر» جديد يضع حداً لهبوط الدولار. لذلك أعتقد بأننا لن نرى في الفترة المقبلة هبوطاً كبيراً للدولار. ان العالم، ببساطة، لن يسمح بذلك».