المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رمضان يرفع أجور الخادمات في المغرب وسوء المعاملة ينمي رغبة الانتقام لديهن



جمال
10-27-2004, 03:44 PM
قدوم شهر رمضان الكريم وما يحدثه من تغيير في البرنامج اليومي للاسر، واضطرار ربات البيوت للمكوث ساعات طويلة في المطبخ لتحضير الوجبات الرئيسية، يجعل الاستعانة بخادمة امرا ضروريا خصوصا بالنسبة للنساء الموظفات والعاملات اللواتي لا يجدن الوقت الكافي للقيام باشغال البيت، بالرغم من ان دوام العمل خلال شهر رمضان يتغير ويصبح متواصلا من التاسعة صباحا الى الثالثة بعد الظهر بالنسبة لجميع الادارات والمؤسسات الحكومية والخاصة.
ونتيجة لذلك يصبح الطلب على خادمات البيوت مرتفعا، وان كان الحصول على خادمة لم يعد بالامر الهين طوال العام ، خلافا لما كان في السابق حيث لم يكن امام فتيات القرى او من هن في حاجة الى العمل سوى الخدمة في البيوت لتأمين عمل يتناسب مع مؤهلاتهن المحدودة جدا.
ومع انتشار المصانع المحلية والشركات المتعددة الجنسيات المتخصصة منها في صناعة الملابس الجاهزة على الخصوص، والتي تستقطب اعدادا كبيرة من اليد العاملة النسائية، فتح ذلك مجالات جديدة للعمل في وجه الفتيات والنساء فلم تعد الخدمة في البيوت تغريهن، فارتفع الطلب وقل العرض.

وبما ان الخادمات اصبحن واعيات جدا بهذه الوضعية، فقد بدأن يملين شروطهن على ربات البيوت والمطالبة بالرفع من اجورهن كلما سنحت الفرصة، ويتحين الوقت الملائم لذلك. ويعد رمضان الشهر الانسب لفرض الشروط او التهديد بالمغادرة وغالبا ما تحسم الامور لصالحهن . وفي اغلب الحالات توجد علاقة غير«ودية» تماما بين الخادمة وربة البيت والعكس ايضا. فلا صاحبة المنزل راضية عن خادمتها وتستغل كل مناسبة لانتقادها وابراز عيوبها امام الاخرين، ولا الخادمة راضية ايضا بالمعاملة التي تتلقاها من طرف مشغلتها، وتضيع الحقيقة بين الاثنتين. فصاحبة البيت تؤكد انها تعمل كل ما بوسعها لتشعرها انها فرد من افراد الاسرة وتتعامل معها كواحدة من بناتها، وتلبي جميع طلباتها، لكن بمجرد ان تتعلم شؤون الطبخ وغيرها من الاعمال التي كانت تجهلها تتركها لتذهب الى اخرى، ناكرة الفضل والجميل .

بينما الخادمات ينفين كل ذلك ويقلن انهن يتلقين معاملة سيئة وينظر اليهن بنظرة شك وهن متهمات بالغيرة وبأشياء اخرى بسبب او بدونه ولا احد يهتم للارهاق الذي تسببه لهن اشغال البيت التي لا تنتهي، لذلك يفضل اغلبهن العمل في المصانع باجر اعلى وفي ظـــروف قد لا تكون افضل . وتؤكد الخادمات ايضا ان معاملة ربات البيوت لهن تتغير وتصبح اكثر لينا و«انسانية» عندما تزداد الحاجة اليهن في المناسبات الخاصة مثل حفلات الزفاف وفي شهر رمضان او عندما تتم دعوة الاهل والاصدقاء لمأدبة غداء او عشاء في البيت، وتعترف بعض الخادمات بأن سوء المعاملة تنمي لديهن رغبة الانتقام، لذلك يخترن الوقت الملائم لمغادرة المنزل مكان العمل، من دون اخطار اصحابه، لتبدأ صاحبة البيت رحلة بحث ماراثونية من اجل العثور على خادمة جديدة.

وتفضل غالبية السيدات تشغيل خادمات صغيرات السن لاسباب عديدة منها سهولة «السيطرة» عليهن واستغلال براءتهن وقلة تجاربهن في الحياة، وان كان سوء النية هذا لا يتوفر عند جميع الاسر بطبيعة الحال. واصبحت الصحف ووسائل الاعلام المرئية والمسموعة المغربية، تكشف من حين لاخر عن حالات عديدة لخادمات صغيرات تعرضن للتعذيب بالضرب او الحرق على ايدي مشغلتهن او الاغتصاب من طرف احد افراد الاسرة التي يعملن عندها، حيث تتم ادانة المتسببين فيها، بعدما كانت مثل هذه الحوادث تجري في صمت ولا تصل الى الرأي العام .كما تكشف وسائل الاعلام عن حوادث كثيرة تسببت فيها خادمات البيوت تتراوح بين السرقة وحتى قتل الاطفال الصغار احيانا.

وكان المرصد الوطني لحقوق الطفل قد نظم قبل عامين حملة واسعة للتوعية واثارة الانتباه الى وضعية الخادمات الصغيرات في المغرب، وركزت اساسا على دعوة مشغليهن الى الحاقهن بالمدارس وعدم حرمانهن من التعليم.

واظهر بحث ميداني انجز من طرف المندوبية المغربية للتخطيط بشراكة مع اليونيسيف وصندوق الامم المتحدة للسكان حول وضعية الطفلة الخادمة في مدينة الدار البيضاء، ان الفقر هو السبب الرئيسي الذي يدفع الفتيات الصغيرات للخروج الى العمل في البيوت في سن مبكرة جدا، تتراوح مابين 5 و6 اعوام. وحسب هذا الاحصاء فان 22 الفا و940 خادمة تقل اعمارهن عن 18 عاما يعملن بالبيوت في مدينة الدار البيضاء وحدها، من بينهن 13 الفا و580 اعمارهن اقل من 15 عاما اي بنسبة 2،59%، وان 8،86% منهن قدمن من مناطق قروية مقابل2،13 من المراكز الحضرية، وتصل نسبة الامية لدى الفتيات الخادمات الى 2،82% وكشف البحث عن وجود ثلاثة اسباب رئيسية حالت دون تعليم الطفلات الخادمات، وهي الفقر، بنسبة 3،43% ورفض ابائهم تعليمهن، ثم عامل اخر وهو بعد المدرسة عن مقر سكناهن، اما بخصوص المحيط العائلي للخادمات فقد تبين ان غالبيتهن ينتمين الى اسر كبيرة الحجم يفوق عدد افرادها 8 اشخاص وان 22% يتيمات الاب والام و70% منهن يتيمات الاب فقط. وبخصوص التواصل مع اسرهن تبين ان 65% من الخادمات تتم زيارتهن من طرف عائلتهن لدى الاسر المشغلة بهدف تسلم الاجرة الشهرية. وحسب هذا البحث الاحصائي فان 81% من الاسر المشغلة تجهل تماما مشاكل وانشغالات الخادمات اللواتي يعملن لديهم .

وفيما يتعلق بوسائل البحث عن العمل فان غالبية الخادمات وجدن عملهن عن طريق احد افراد عائلتهن في حين 20% منهن وجدن عملهن كخادمات عن طريق وكالة او «وسيط مختص».
وتبقى سوء المعاملة وكثرة الاشغال من الاسباب الرئيسية لتغيير العمل من اسرة الى اخرى. وتتقاضى الخادمات حولي 400 درهم شهريا في المعدل. ويختلف هذا الاجر حسب السن. وفي اغلب الحالات اي بنسبة 76% يتكلف احد افراد اسرتهن بتسلم هذا الاجر.
وتبين من خلال نفس البحث ان 55% من الخادمات تعرضن للعقاب من طرف ربة البيت خلال مزاولتهن لعملهن. اما بخصوص الاعتداءات الجنسية فكانت هناك تحفظات في الاجابة .