المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مع الإمام علي ......خالد سعود الزيد



المهدى
10-12-2004, 04:09 PM
للشاعر: خالد سعود الزيد

افْصِحْ فَدَاكَ المُعْجِمُونَ وَ هَانُوا

واصْدَعْ بِما أَوحْى به الإِيمانُ

واصْدَحْ على أَيْكِ الحَقِيقَةِ مُعْلِناً

ما ضَاقَ عن إِخْفائِهِ الكِتْمانُ

مازِلْتَ تُضْمِرُهُ فَيَكْشِفُه الهَوى

حَتّى تَساوى الكَتْمُ والإِعْلانُ

بِأَبي أَمِيرَ المؤمنين آزُرْتَنِي

وَعَليّ يَأْبَى أَنْ أَزُورَ جَبَانُ

أَتَزورُنِي كَرَماً وأَجْفُو عَاصِياً

إِنِّي إذاً إِنْ لَمْ أَزُرْكَ مُهَانُ

خَاطَبْتُ طَيْفَكَ في المَنامِ وَلَيْتَنِي

عانَقْتُ شَخْصَكَ والخِطَابُ عِيَانُ

مَا كانَ أَرْوَعَهُ لِقَاءَ أَحِبَّةٍ

لَوْ كانَ يَسْمَحُ بالبَقاءِ زَمَانُ

ماذا يقُولُ المادِحُونَ وقد أتَوا

لِعُلاَكَ هَلْ يَحْوِي عُلاَكَ بَيَانُ

ما بَعْدَ نَهْجِكَ للأنَامِ فَصَاحَةٌ

هُو مُنْتَهَى ما يَصْنَعُ الإِنْسَانُ

فَلَقَدْ غَذَاك مُحَمَدٌ مِنْ رُوحِهِ

وَسَقَاكَ مِنْ قُرْآنِهِ القُرْآنُ

صِهْرُ النَّبِيِّ وَأَنْتَ مَهْبِطُ سِرِّهِ

والسِّرُّ عِنْدَ المُكْرَمِينَ يُصَانُ

ما يَوْمُ عمروٍ للذي شَهِدَ الوَغَى

خَافٍ وَقَدْ شَهِدَتْ لَهُ الفُرْسَانُ

فَبِكَفِّكَ العُلْيَا ضَرَبْتَ وإِنَّها

كَفٌّ ىُبَارِكُ فِعْلَها الرَّحْمَنُ

المهدى
10-12-2004, 04:11 PM
العلوية قـصـيـدة لم تتم

بقلم: د. عباس يوسف الحداد

لم يزل الحديث عن الاديب المؤرخ خالد سعود الزيد - رحمه الله - حديثا ثريا، سواء فيما صنف وابدع او فيما خلف من مخطوطات لم تنشر بعد، ولم يزل احبابه واصحابه واهله يتساءلون عن قصيدته في الامام علي، عليه السلام، التي كان يردد بعضا من ابياتها في جلساته ولم ينشرها في حياته، وما زال السؤال عن سبب عدم اتمامها ونشرها قائما حتى بعد ان رحل عنا، رحمه الله، اذ لم يفض بهذا السر لأحد، وحرص كل الحرص على ان يبقى مدفونا في ارض ذاته طمعا بأن يؤتي ثماره في يوم ما، او كما قال ابن عطاء الله السكندري في حكمه:

ادفنْ وجودَك في أرضِ الخمول

فما نَبْتٌ مما لم يدفنْ لا يتم نتاجه


ولا يمكن ان نتحدث عن قصيدته في الامام علي دون ان نربط هذه القصيدة بما تهيأت له في صباه من ظروف اجتماعية واستعداد فطري جعله محبا للإمام علي بن ابي طالب، عليه السلام، حبا فكريا وروحيا خالصا غير مناصر فيه لطائفة او مشايع به لمذهب، حبا طاهرا نقيا بنقاء فطرة الانسان التي فطر الله الناس عليها، غير ملوث بأقوال او مدنس بأفعال.

وقد انسحب هذا الحب على ذرية الامام علي من الائمة الاطهار:

مُطَهَّرون نقيات ثيابهم

تَجْرِي الصلاةُ عليهم أيْنَما ذُكِرُوا


وكان الزيد، رحمه الله، في ذكر دائم لهم وصلاة وتسليم عليهم، لأنه كان يرى انهم مشاعل محمدية، واقباس نورانية، وعترته وسنته القائمة في الوجود، وكثيرا ما كان يردد قول دعبل الخزاعي (ت 246 هـ):

وَمَالِيَ إِلاّ آل أحمدَ شيعةٌ

ومَالِيَ إلاّ مَذْهَبَ الحَقِّ مَذْهَبُ

لقد قاده حبهم منذ صباه الى «الحقيقة المطلقة» بعد ان طوف في مذاهب شتى، وسلك دروبا شتى، حتى عرف ان الحقيقة هي التي تمنح الحياة للانسان وتجعله شيئا مذكورا:

هي ما يمنحُ الحياة كياني

هي ما يكشفُ الهوى وجْدَانِي

انا لولا وجودُها لم أكنْ شيئاً

ولا كان مُعْطياً إنسَانِي

استَمِدُّ الوجودَ مِنْ سِحْرِ عَيْنَيْها

أرويّ مِنْ لَفْتَتَيْها بَيَانِي

حدثني استاذي وسيدي خالد سعود الزيد، رحمه الله، في احدى جلساته قائلا: «كنت صبيا في العاشرة من عمري حين رأيت رؤيا في المنام، اذ رأيتني مستلقيا على ظهري والامام علي بن ابي طالب - عليه السلام - واقفا عند رأسي، وانا القي قصيدة، وما ان بلغت الشطر الاخير من القصيدة حتى بادرني الامام علي قائلا: كفى. كفى. وابدى استحسانه لهذا الشطر الاخير منها، فاستيقظت وانا احفظ القصيدة، ولكن لطفولتي في حينها تباطأت في تدوينها وقلت لنفسي: نم. وان استيقظت فدوّن القصيدة. وعندما استيقظت وجدتني وقد مسحت القصيدة من ذاكرتي، الا ان الرؤيا ظلت في ذاكرتي تلازمني وتصحبني كأنني اراها، وبعد سنوات بدأت في نظم ابيات في الامام علي بن ابي طالب، وكلما مضى زمن اضفت اليها بيتا او بيتين، ولكن القصيدة لم تتم حتى الآن..».

ثم اردف قائلا: «جئت يوما الى الحضرة العلوية الشريفة في النجف، ورأيت الناس يتدافعون حول الحضرة، فتجددت فيّ القصيدة وتداعت الي متدفقة، فقلت في هذا المقام:

ماذَا يقولُ المادحونَ وقدْ أتوا

لعلاكَ هلْ يحوي علاكَ بيانُ؟

ان هذه الرؤيا التي رآها الزيد في عام 1948 جعلته ينشغل فكريا وروحيا في الامام علي، وبعد مضي سنوات من هذه الرؤيا بدأ بنظم ابيات هذه القصيدة التي اسماها «مع الامام علي».

وسألته مرة عن السبب الذي لم يجعله يتمها وينشرها، فجاء صدى سؤالي جوابا له، ولعله كان يريد ان تكتب القصيدة نفسها بنفسها من خلاله دون ان يتدخل في كتابتها ويكد عقله في نظمها، وربما كان يتقصد عدم اتمامها لغبطة كان يشعرها ويعيشها وهو يردد ابياتها منشغلا بصاحبها مخاطبا طيفه تارة، ومادحا لنهجه تارة، معجبا ببيانه تارة، وبشجاعته تارة اخرى.

بعد ان تجاوز الزيد، رحمه الله، الستين من عمره، التفت الي ذات مساء، وهو يقول: هل تعلم ما هو الشطر الاخير من القصيدة الذي اعجب به الامام علي في منامي الذي رويته لك؟ فقلت: لا. فقال: ان الشطر الاخير الذي اعجب الامام هو «الحق المبين» النور الذي قذفه الله في قلبي بعد ان طوفت في المذاهب الفكرية والعقدية باحثا عن الحقيقة.

المهدى
10-12-2004, 04:13 PM
العشاء الأخير

قال تعالى: «كل نفس ذائقة الموت»، وقال جل وعز: «كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام».
(صدق الله العظيم)


كنت في مثل هذه الأيام منذ ثلاثة أعوام على موعد معك على العشاء، اذ كنتُ قادما من الولايات المتحدة الأميركية أنا وزوجتي، رحمها الله، للقائك قبل ان تدخل المستشفى لإجراء العملية، و كنتَ لا ترغب في مجيء، مشفقا عليّ من مشقة السفر وعنائه، وكنتُ مصرا على ان اكون تحت قدميك الكريمتين قبل ان تدخل المستشفى وان اكون خادما لك في كل وقت لأنك علمتني معنى الإنسانية الجميل وغرست فيّ من الأخلاق الحميدة التي لم أزل أجني ثمارها.

وجئت في موعدي فلم أجدك ووجدت يد المنون قد تلقفتك قبل ان أحظى بتقبيلك واحتضانك، فقد رحلت في يوم مبارك وفي ساعة مباركة «يوم الجمعة» اليوم الذي تتضرع فيه القلوب بالدعاء، وتخشع فيه القلوب لرب العالمين طمعا في رحمته ورجاء في جنته.

أبي.. أيها الإنسان الذي كان دائما يمدني بالأمل والسعادة، ويعينني على مواجهة الحياة وشراستها، انني افتقدك اليوم لانني افتقد الإنسان الذي يضمد جراحاتي ويربت على كتفي كلما اشتدت على الحياة بهمومها، وضاقت عليّ الأرض بما رحبت.

كنتَ إنسانا متواضعا بسيطا تتعامل مع الحياة ببساطة أهل الكويت القدماء، وتحافظ على الأصول والتقاليد، تزرع في أرض ابنائنا تلك القيم وتلك التقاليد، فلم تلتفت الى ملذات الحياة وعكفت على القراءة والتأليف، وخلفت لنا وأهل الكويت مكتبة فكرية وثقافية مهمة في تاريخ هذا البلد العزيز.

كلما رأيت ابني خالدا، وهتف أخي مناديا ابنه خالدا، ورأيت ابن أختي خالدا، رأيتك موجودا اسما فيهم ورجوت الله ان توجد فيهم معنى وخلقا كريما، فقد كانت حياتك لنا مدرسة تعلمنا منها وفيها الدين والأخلاق والاحترام، وكيف نكون أهل صدق مع أنفسنا ومع من حولنا، لأن الصدق منجاة كما كنت تقول.

أسأل الله ان يجمعني بك يا خالد سعود الزيد في رحمته وفي مغفرته في يوم لا ينفع فيه لا مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

«وأعرف ان زمان الحنين انتهى ومات الكلام الجميل».

وضاح خالد الزيد

موالى
08-18-2005, 04:25 PM
فى ذكرى علي عليه السلام نقول السلام عليك يا امام المتقين وقائد الغر المحجلين