المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأستاذ الشهيد عبد الصاحب دخيل



الفراتي
01-16-2003, 01:51 AM
الأستاذ الشهيد عبد الصاحب دخيل



المرء إذا ما عرف نفسه عرف ربه، ومعرفة الله تظهر في الإنسان في معرفة دوره في الحياة، فيعلم أنه خليفة الله في الأرض، وأنه مظهر الإرادة الإلهية في تعبيد الناس لله وحده، فهو صلب صبور معطاء صادق فيما عاهد الله عليه، لا تؤخذه في الله لومة لائم، ولا يزيده اجتماع الأعداء عليه إلا إيمانا وعزيمة وثقة بالنصر الموعود.

يتوقف من عرف أبا عصام ( عبد الصاحب دخيل ) على قوة في الشخصية تستوعب كل حركته، يجد ذلك في مشاريعه الكبرى وهو في سن لا يؤهل عادة لمثلها، ويجده أيضا في إلزامه لنفسه وألتزاماته مع الآخرين حتى كاد يقل من يتحمله في ذلك، كما يجد ذلك في مواقفه مع أعدائه في الله اللذين عدموا الرد غير تذويب الجسم منه في الحوامض.

في شبابه وهو لا يزال في مطلع العقد الثالث من عمره سعى لتأسيس حزب إسلامي في وقت كان فصل الدين عن السياسة دينا يتدين به الكثير من المؤمنين، فكان الحزب الجعفري عام 1952، ومن ثم الحزب الإسلامي العراقي الذي كان النصف من النواة الأولى لتشكيل حزب الدعوة الإسلامية عام1958 بعد التحامه مع حركة متزامنة كان يقودها الشهيد الصدر ( رض ).

وعندما كانت الدعوة في قالبها الجديد كان أبو عصام في قيادتها فكانت الصرامة في تحمل المسؤولية والصرامة في التنفيذ والصرامة في مواجهة التحديات وأخيرا الصرامة في مواجهة جهاز الأمن العام في التعذيب عام 1971 إذ كان يقول لهم مشيرا إلى صدره : ( هنا الدعوة وأتحداكم لو أخرجتم منه كلمة واحدة تسيء لها )، فما كان منهم بعد العجز عن النيل منه إلا أن ألقوه في حوض من حامض النتريك ليذوب فيه الجسم دون الإرادة.

أبو عصام قوي الشخصية مدرسة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي ذات مرة كان في سيارة أجرة تقل ( 18 ) راكبا وقد فتح سائقها الراديو على غناء، فأشار أبو عصام أن أغلق الراديو، فامتعض ضابط برتبة رائد كان يجلس في مقدمة السيارة، فأعاد فتح المذياع، فقال أبو عصام: اغلقه، فقال الضابط: أنا الرائد ...، فأجاب أبو عصام: اغلقه أنا عبد الصاحب دخيل.

أبو عصام قوي الشخصية والانضباط الحزبي، فكان شديد التقييد بمواعيد الحلقة حتى أنه في أحدى الحلقات تأخر الطرف الآخر فيها عن الموعد قليلا، فصادف أبا عصام في باب المسجد الذي كان مكانا لموعد الحلقة فما كان من أبي عصام إلا أن سلم على رفيقه مشيرا إلى أن موعد الحلقة أرجأ إلى التالي بسبب التأخير.

أبو عصام كان يكتب للدعوة وكان يشرف على حلقاتها الرئيسية وكان يخط ويدير نشاطاتها المركزية العامة، وفي كل ذلك لن يشكو التعب بل يقول أنها العبادة لله بالعمل الجاد والجهد المضني، ولن يستشعر العجب أو الغرور وإنما التواضع ديدنه والاستماع إلى الأقوال واتباع أحسنها منهجه فيقول: إننا نؤمن بصحة أفكارنا ما لم يثبت العكس، نؤمن بصحة أفكارنا حتى نعمل من غير تردد، وخط الرجعة في ( ما لم يثبت العكس ) حتى لا يكون فينا إصرار الجاهل تعنت المعاند.

أبو عصام قوي الشخصية، متفق عليه، ولكن كيف كان كذلك، يجيب من عرف الرجل عن قرب: أن العلة في قوة الشخصية لديه ارتباطه بالله تعالى، وتقواه منه وورعه، وأنسه بكلامه المجيد، وتعلقه بدعائه وبالتمسك بأوليائه، فهو قد عرف نفسه أنه خليفة الله لما عرف نفسه أنه عبد الله داعية إلى دين الله.