المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشيعة في السعودية يطالبون بحقوقهم كاملةً غير منقوصة...............علي فردان



سيد مرحوم
09-21-2004, 01:21 PM
الشيعة في السعودية يطالبون بحقوقهم كاملةً غير منقوصة


Monday, September 20


كتابات - علي فردان

المتعارف عليه في دول العالم الحر، بأن المنطقة التي بها خير أكثر ينعكس ذلك على رفاه أهلها، وعلى تميّزها لأن أهل المنطقة هم أولى بخيراتهم، هذا لا يعني التقوقع، فعالمنا عالم المصالح المشتركة، ولنا ما يحدث في الدول الغربية ككندا وأمريكا مثالاً يحتذى.

لقد كتبت أكثر من مقالة حول حقوق الشيعة، منها: كيف لا يشعر الشيعة بالاضطهاد في وطنهم؟ ومقالة: الطائفية ضد الشيعة في السعودية: جريمة حكومية منظمة، ما ذكرته من مطالب للشيعة لم يتحقق منها شيء إلى الآن مع أن تلك المطالب معروفة للحكومة ووعدت بحلّها منذ زمن بعيد.

منذ اكتشاف النفط في المنطقة الشرقية، والمناطق الشيعية بالتحديد، إلى الآن والشيعة يعانون سوء الخدمات الحكومية وإهمال متعمد في مجال التعليم والصحة وكذلك في مجال المواصلات والبنية التحتية وعدم توفر وظائف لأبناء المنطقة، مع أن عشرات الألوف من الناس تعمل في المنطقة الشرقية وهم من خارجها، لا لأنهم أكثر كفاءة، ولكنهم ينتمون للطائفة المنصورة "الوهابية".

إضافةً إلى ذلك، فللشيعة حق أصيل في خيرات أرضهم وأكثر من ذلك، ليس فقط استناداً لنسبتهم من السكان، بل لأن تلك الخيرات من أرضهم، وهذه الخيرات تشمل الماء والنفط. إذا ما أخذنا في الاعتبار بأن الشيعة يمثّلون حوالي 15-20% من السّكان، وإذا ما أرادت الحكومة السعودية أن تقنع الشيعة أولاً والعالم ثانياً بأنها لا تمارس أي نوع من الاضطهاد ضد الشيعة فعليها أن تعطينا الأرقام التي تدل على ذلك منذ تأسيس الدولة السعودية عام 1932 ميلادية:

كم جامعة في منطقة القطيف والأحساء؟

كم معهد صحي وفني في هذه المناطق؟

كم وزيراً شيعياً من عدد الوزراء السبعة والعشرون؟

كم وكيل وزارة شيعي؟

كم قاضياً شيعياً يخدم الشيعة على عددهم الكبير، وماهو تمثيلهم في مجلس القضاء الأعلى؟

كم عالم دين شيعي ضمن هيئة كبار العلماء ومجلس الإفتاء الأعلى؟

كم رئيس بلدية شيعي، حتى لو في المناطق الشيعية؟

كم محافظاً شيعياً، وكم رئيس مركز شيعي؟

كم شرطياً أو ضابطاً، أو جندياً، أو موظفاً شيعياً في وزارة الداخلية؟

كم عضو هيئة تدريس شيعي في أي جامعة سعودية؟

كم معيداً شيعياً في أي جامعة سعودية؟

كم عضو مجلس شورى من الطائفة الشيعية، مع أن عدد أعضاء مجلس الشورى هم حوالي 120 عضواً؟

كم مديرة مدرسة شيعية في المنطقة الشرقية؟

كم مسجداً سمحت الحكومة للشيعة ببنائه خلال العشر سنوات الماضية مقارنة بالمناطق الأخرى؟

كم مدير جامعة شيعي إلى الآن؟

كم عدد المساجد الشيعية في الرياض؟ وجدة؟ والمناطق الأخرى التي بها عدد كبير من الشيعة؟ لماذا يمنعون أن يبني الشيعة مسجداً لهم في الرياض وفي القصيم، لماذا لا تسمح الحكومة للشيعة ببناء حسينيات في العاصمة الرياض ليقيم الشيعة فيها مناسباتهم الاجتماعية والثقافية في الوقت الذي تبني فيه مساجد لأخوتنا أهل السنة في المناطق الشيعية ولو كان عددهم أقل من عشرة أشخاص؟

إضافةً إلى الإجابة على أسئلة أخرى، مثال ذلك، لماذا تجري المياه المحلاّة من المنطقة الشرقية إلى الرياض ولازال أهالي المنطقة الشرقية، المناطق الشيعية بالذات يشربون المياه المالحة؟ ولماذا تدمير وتلويث مناطق الشيعية بالغازات السامة دون أن تتحرك الجهات الحكومية لشرح أسباب ذلك وإيقاف هذا التلوث الذي ينعكس على سكان المنطقة؟ ولماذا رفض العديد من الموظفين الشيعة من العمل في معظم الوزارات الحكومية، وكذلك في الجامعات، والصحف المحلية نشرت مأساة الطالبات الشيعيات؟ فالأدلة موجودة حيث لم يعاقب من قام بتلك الأعمال الإجرامية.

لأن الشيعة عانوا في الماضي، ولا زالوا يعانون، فلهم الحق في طلب تعويض مادي مجزي للسنوات العجاف التي عاشوها، وهذا ليس كلامي، بل هو معروف قانونياً بأن الجهة المتضررة لها الحق في أن تطالب بحقوقها بأثر رجعي، بل مع الفوائد أيضاً. وأن كنا لانريد ان نضع رقما وسعرا على المعاناة الرهيبة التي مر بها الشيعة في السعودية منذ 70 سنة إلاّ أنه لا يمكن تعويضهم بالكلمات لانها رخيصة وترضيتهم بالاعتذار الشفهي، ولهذا وجب تعويضهم مالياً كما هو متعارف عليه عالمياً، فلازالت السعودية و الكويت تستقطع المليارت من عائدات النفطي العراقية على الرغم من سقوط الطاغية صدام وانتهاء حكم البعث الرهيب.

من حق الشيعة أن ينظروا لقضية مطالبهم من منطلق إقتصادي أيضاّ، فالفرص الوظيفية والاقتصادية التي قامت الحكومة السعودية بحرمان الشيعة منها عبر 70 سنة تبلغ خسائرها آلاف المليارات من الدولارات، فآلاف الشيعة تم حرمانهم من وظيفة أو علاوة أو منحة أو منصب أو مناقصة بسبب مذهبه، وعشرات الألوف من الطلبة الشيعة حرموا من حق الدراسة الجامعية والبعثات بسبب مذهبهم، وآلاف أخرى من الشيعة تم اعتقالهم وحرمانهم من السفر وتدمير حياتهم ومستقبلهم لا لذنب إلاّ كونهم شيعة؟ كذلك آلاف الشيعة تم تعذيبهم والعديد منهم قُتل في انتفاضة المحرم المجيدة برصاص الحكومة السعودية.

لن يمكننا تحديد الخسائر الاقتصادية الهائلة التي تحملها ملايين الشيعة خلال 70 سنة بدقة، لكننا نستطيع أن نصل إلى معادلة يقبل بها الشيعة قبل أن يغفروا للحكومة السعودية وأتباعها ممارساتهم السابقة ضدهم. وأقترح أن تكون أحد عناصر هذه المعادلة هي عكس سياسة إقصاء الشيعة التي مورست لسبعين سنة، عبر إعطاء الشيعة أفضلية في المناصب والمنح وهذا ما يسمى Affirmative Action وترجمته (الإجراء التأكيدي) ومعناه إعطاء الأقلية المضطهدة في الماضي الأفضلية والأولوية في المناصب والمنح وكل الخدمات والمناقصات الحكومية وهذا المبدأ أسّسته الأقلية الزنجية في أمريكا وأقرته لها الأكثرية البيضاء وأعطتهم أولوية في كل شيء من التعليم إلى الصحة، إلى المناصب السياسية. بالمناسبة يشكل الزنوج الأمريكيين نسبة أقل من نسبة الشيعة قياسا إلى مجمل عدد السكان، لكن وزير الخارجية ومستشارة الأمن القومي في أمريكا هم من الزنوج، محرر الكويت الجنرال كولن باول والدكتورة كوندليزا رايس.

باختصار حتى لو أن الحكومة السعودية أعطت الشيعة كل حقوقهم في المناصب والخدمات الحكومية وأعادت لهم حقوقهم الدينية والسياسية كاملة، وهذا مستبعد جداً، لازال هناك ملف خسائر الشيعة الاقتصادية في السبعين سنة الماضية بسبب السياسة الرسمية الحكومية، وهذا ملف واسع يجب إنهائه قبل أن يشعر الشيعة بأن حقهم تم استيفاءه.

إذا ما نظرنا إلى الأسئلة هذه، فعلى الحكومة السعودية أن تقوم بتعيين ما لا يقل عن عشرين عضو مجلس شورى وكذلك ستة وزراء من الشيعة، الشقيقة سلطنة عمان بها خمسة وزراء شيعة ونسبتهم هناك لاتصل إلى 5% من السكان. كذلك على الحكومة توظيف كل الخريجين الشيعة في مناطق سكنهم دون الحاجة للسفر إلى أي مكان آخر، فالحاجة لهم في المنطقة الشرقية موجودة في شركات النفط والبتروكيماويات، ولهم الأولوية في العمل فيها. أمّا أن يأتي شخص من بعد 1000 كم ليعمل في الشرقية ويفتح بيتاً ويعيش حياة مرفّهة في الوقت الذي يعاني الشيعة من البطالة وخيراتهم تصب بعيداً فهذا هو الظلم نفسه. وعلى الحكومة أن تقوم بتعيين الشيعة في جميع الوظائف العسكرية والأمنية في المنطقة الشرقية، وظائف في وزارة الداخلية والخارجية والجيش والحرس الوطني أيضاً.

إن ما نعلمه ويعلمه الكثيرون من الناس، بأن الأولوية في التوظيف هي للقاطنين في المنطقة نفسها، فإذا ما تم افتتاح مطار أو مركز تجاري أو شركة أو مصنع، هناك نسبة تفرضها السلطات على هذه الشركات بإعطاء الأولوية لفتح وظائف لأهل المنطقة حتى تتحسن أحوالهم المعيشية، وإذا ما رفضت هذه المؤسسات تطبيق تلك الشروط، يتم رفض طلبها للعمل في المنطقة، فالمصلحة مشتركة لا أن تستفيد الشركات في العمل في منطقة ما، وأهل المنطقة يعيشون الفقر. هذا المبدأ هو الذي تعمل به الدول المتقدمة والدول التي تحترم شعوبها وتعمل على تحقيق مصالحهم. أمّا نحن، فنعيش عالم آخر، نرى خيرات منطقتنا تذهب بعيداً والفقر والمرض هو نصيبنا، بل المطلوب منّا أيضاً هو أن نصفق للجلاّد ونسترضيه فلربما يوماً من الأيام سيعطينا فتات مائدته.

إن المسألة واضحة، هي مصلحتنا أولاً، وكان للحكومة فرصة استمرت أكثر من سبعين عاماً من الاضطهاد الذي عانيناه راح ضحيته الكثير من الشيعة، وكذلك تمييز طائفي مستمر لا يقبله الإنسان على نفسه ولا على أهله. إن الحكومة لازالت مستمرة في اضطهادها للشيعة، بل تطلب منهم تبرير ما تفعله ونفي حصول أي تمييز، وهذا أكبر نوع من الاضطهاد، فالمطلوب من الضحية نفي ما حصل له وإلاّ سيعاني أكثر ويتم سحقه. ما قرأته من خبر نشرته صحيفة المدينة لهو أكثر من مؤلم. الضحية الشيعية تنفي التمييز الديني والسياسي والاجتماعي والاقتصادي ضدّها وتقول بأن كل شيء تمام، ولا يوجد تمييز على الإطلاق، وهاهو الشاعر الكبير جاسم الصحيح يقول ذلك. أمّا الأستاذ حسن السبيتي رئيس الجمعية الخيرية بالعوامية فيقول: بأنه يتمنى بأن يزور وزير الخارجية الأمريكي منطقة القطيف ليرى بنفسه، ليرى حقيقة خطئه، أرجو ان يخبرنا الاستاذ السبيتي عن قضية وقف الرامس وسرقته من أهل العوامية على يد وزير الدفاع سلطان بن عبد العزيز وتدمير المزارع فيه بعد طرد المزارعين الفقراء منه.

وأنا أقرأ ما قاله الصحيح، تذكّرت ما قام به صدّام وقت حكمه البائد حين يتم إعدام الشاب أمام أبوه وأمه لتقوم الأم بالزغاريد لأنّ صدام قتل "الخائن" وتقوم العائلة بدفع ثمن الرصاص الذي استعمِل لقتل ابنهم لأن حياة ابنهم لا تساوي قيمة رصاصة. وهذا هو ما يحصل للشيعة، استمرار الاضطهاد وابتزاز الشيعة المظلومين ليعلنوا للملأ بأننا نعيش في الجنة. صحافتنا التي تتنصل من ذكر الشيعة ومناسباتهم ومعاناتهم، صحافتنا الحكومية التي لا يوجد فيها مكان لنقاش هموم الشيعة وتقوم بالتعتيم حول قضايا الشيعة، فجأة ظهرت لنا بدل أن تنقل مطالب الشيعة، توجّهت للضغط على الشيعة لنفي التمييز والاضطهاد الذي يحصل لهم وكأن ذلك سيقنع العالم بهذه الأكاذيب الرخيصة المبتذلة.

أنا أتمنى، كما تمنى الأستاذ السبيتي، أن يزور وزير الخارجية الأمريكي منطقة القطيف ليرى بنفسه كيف يعيش الشيعة في ظل الحكومة السعودية، ولكني أخاف أن يُصاب الوزير بضيق في التنفس لأنه كبير في السن والهواء الملوث بسحبه السوداء قد غطى المنطقة. ولربما لو زار مدرسة للأولاد أو للبنات وهي بيوت مستأجرة وآيلة للسقوط، لربما يفكر في الانتحار من هذا البؤس الذي يعيشه الشيعة. ولو ذهب الوزير لشاطئ البحر ورأى كيف تم دفنه وتدمير البيئة لبيعها على الفقراء، وكيف تم دفن البحر بدل من بناء جسر بين القطيف وجزيرة تاروت، لربما يصاب بالجنون من هذا التدمير المتعمد للمنطقة. ولو علم الوزير بأن منطقة يقطنها أكثر من مليون نسمة دون جامعة واحدة أو كلّية للأولاد أو البنات أو مستشفى يتناسب مع هذا العدد الكبير لأصابته سكتة قلبية، فقلبه الضعيف لا يحتمل هذه المفاجئات التي تحدّث عنها الأخ حسن السبيتي، ولعشنا ساعات عصيبة نبحث للوزير عن مستشفى يتعالج فيه، فمستشفى القطيف المركزي لا يستطيع علاج هكذا حالات. كذلك لو علم الوزير بأنه لا يمكن لهؤلاء المليون شيعي إنشاء صحيفة محلية أو إذاعة أو جامعة خاصة أو تدريس مبادئ مذهبهم، أو حتى طباعة كتاب ديني، لهرب لأقرب بناية ورمى نفسه من عاليها، فهو بدون شك لا يستطيع تحمل كل ذلك.

فقط الشيعة يستطيعون ذلك، لأنهم لازالوا يأملون بأن هناك متسع من الوقت، هذا الوقت بدأ منذ عام 1993 م، حين عادت المعارضة الشيعية من الخارج باتفاق مع الحكومة يقضي بزوال جميع أشكال التمييز الطائفي ضدهم في كل المجالات وإفساح المجال لهم لممارسة شعائرهم الدينية، ولا زالوا يحلمون بذلك. يبدو أن علينا نحن الشيعة أن نتنازل عن حقوقنا ونصيبنا أو يتم اتهامنا بالعمالة وخيانة الوطن. ربما اتهامنا بالعمالة فيه تجني، لكن خيانة الوطن فهذا شيء آخر، فالشيعة لازالوا يحلمون بوطن إلى الآن ولم يجدوه.



ali_fardan2000@yahoo.com