المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مواقف السيد الخوئي (رض) من القضايا العامة كما يراها تلميذه محمد حسين فضل الله



سيد مرحوم
09-20-2004, 05:28 PM
http://www.ebaa.net/khaber/2002/04/21/images/a1.jpg

مواقف السيد الخوئي (رض) من القضايا العامة


http://www.alriyadh.com.sa/Contents/04-10-2003/Mainpage/images/P24.jpg
العلامة المرجع محمد حسين فضل الله (دام ظله)
الحياة 09 صفر 1423 الموافق 22-04-2002

كنا ندرس في النجف السطوح التي تمثل الدراسات الفقهية والأصولية في الكتب المتقدمة في علم الفقه والأصول، كنا نسمع أن مرجعاً عربياً كبيراً هو الشيخ محمد رضا آل ياسين كان منفتحاً على السيد أبي القاسم الخوئي انفتاحاً يومياً، وبأنه يؤهله للمرجعية، إذ كان يبعث إليه بين وقت وآخر ما يصله من الحقوق الشرعية ليوزعها على تلامذته،باعتبار أن بداية إطلالة المرجع الجديد على تلامذته وعلى المرجعية هي مساعدة تلامذته بشكل أو بآخر. وهكذا كان السيد الخوئي يأخذ موقعه في الساحة العلمية في النجف الأشرف، كأحد الكبار في مجال التدريس، وكنا نسمع آنذاك كثراً من الفضلاء يتحدثون عن تلامذة الشيخ النائيني، الذي كان يمثل مدرسة أصولية متقدمة، كما كان تلامذته يمثلون طبقة متقدمة انفتحت أكثرية طليعتها على المرجعية بعد ذلك.

الطالب المتفوق


http://www.bintjbeil.com/articles/2003/images/khoei.jpg

كنا نسمع بالشيخ النائيني، لأنه كان مهتماً بالتربية المباشرة لتلامذته، حيث كان يلاحقهم في كتابة تقريرات درسه بشكل أو بآخر، وكان يمثل القمة المنفتحة على شيء من التجديد في أسلوب الأبحاث الأصولية، وربما في بعض نظرياته. وكان الفضلاء يقولون إن تلميذه السيد الخوئي اقتحم نادي الأساتذة في الوقت الذي كان فيه شاباً لا يقترب عمره من أعمار التلامذة الآخرين، واستطاع بذكائه وألمعيته أن يكتب تقريراً لأبحاث الشيخ النائيني ويحصل على تقويم جيد من أستاذه، وقد فضله البعض على التقريرات الأخرى، ما أوجد نوعاً من العقدة في نفوس تلامذة آخرين، ومن الطبيعي أن يتعقد زملاء الدرس ممن يتقدمهم، مع أن مرتبته العمرية متأخرة, وقد طبع هذا التقرير في لبنان في مطبعة صيدا، وقام بطبعه المرحوم السيد حسن اللواساني الذي كان يقيم في بلدة الغازية آنذاك، ولا أستطيع أن أحدد إن كان ذلك في زمن أستاذه أو بعده بزمن قصير، لكن التقرير في طبعته الأولى كان يحمل تقويم أستاذه. ولعل هذا الاعتراف ـ إذا صح التعبيرـ لهذه المجموعة المتقدمة، هو الذي جعل الحوزة تنفتح عليه وجعل الطلاب يسارعون إليه في وقت متقدم (…)..

انفتاح على التغيير

هناك نقطة كنا نلاحظها في آفاق السيد الخوئي، إذ كان رجلاً منفتحاً على التجديد بحجم ما كانت النجف تحتاج إلى التجديد. في مرحلتنا التي عشناها معه، كان أول مرجع يخطط لدرس تفسير القرآن في النجف، ولعل من الأمور التي لا يعرفها الكثر، أن النجف في برنامجها الدراسي لا تضع تفسير القرآن في برنامجها العام، بل تأخذ من القرآن بمقدار ما يتصل بالشريعة، أما الدراسة القرآنية التفسيرية الواسعة، فأمر يخضع إلى توجهات الطالب الشخصية، إذ قد تكون لبعض الطلاب اهتمامات في الدراسات القرآنية تجعلهم ينفتحون على القرآن تفسيراً أو دراسة. السيد الخوئي هو أول شخص، على الأقل في المرحلة التي عشناها وما سبقها، أسس درساً للتفسير على مستوى درس الخارج، وأعطى فيه دروس مقدمة التفسير التي طبعت تحت عنوان (البيان في تفسير القرآن)، كما أعطى دروساً في تفسير القرآن مما لم يطبع حتى الآن، وربما كان سبقه إلى ذلك أستاذه الشيخ محمد جواد البلاغي الذي كان يتولى تدريس تفسير القرآن في النجف، ولكننا لاحظنا أن هذا التفسير قُطع لأنه لم يلق إقبالاً كاملاً في الحوزة بالطريقة التي كان فيها الإقبال على تدريس الفقه والأصول (...).
وكان السيد الخوئي يحمل في داخل ذاته ذهنية طلقة مفتوحة على مسألة التغيير, لكن إمكانات التغيير لم تكن متاحة له، وكان ينفتح على ما ينفتح عليه بعض طلابه الكبار في القضايا الإسلامية العامة. فنحن نلاحظ أن السيد الخوئي كان يعمل على تعزيز مكانة السيد محمد باقر الصدر، الذي كان من أبرز تلامذته، فكان حين يعطي السيد الصدر ملاحظة في الدرس، يستمع إليه بهدوء، ثم يأخذ الفكرة منه ويقررها على الطلاب ويردّ عليها، في وقت كان السيد الخوئي يعرف أن السيد الصدر كان منفتحاً على الحركة الإسلامية، وهو الذي أسس الحركة الإسلامية الشيعية. كما أن السيد الخوئي تجاوب مع الانطلاقة الإسلامية لمواجهة المدّ الشيوعي، وكان من الأشخاص الذين أيدوا جماعة العلماء في النجف الأشرف، وكان يشجع هذه الاتجاهات. وإذا أردنا أن نقترب من المسألة السياسية، نلاحظ أن أول إطلالة للسيد الخوئي على هذه المسألة، كانت عندما اضطهد الإمام الخميني في إيران، وشاعت الأخبار عن نية إعدامه، فوقف السيد الخوئي بشكل قوي ولافت للنظر، وأطلق خطابات نارية ضد الشاه وحكومته في الحوزة العلمية، حيث حول النجف إلى ما يشبه حال التوتر الذي أثار الجو في شكل عام، في وقت كانت المرجعية منفتحة على الحكم في إيران، لا من خلال رضاها بالحكم، ولكن لشعورها بإمكان الإفادة منه في الإطلالة على الواقع الشيعي في العالم، لأنها كانت لا تملك قناة أخرى لإيصال المساعدات إلى هذه المنطقة أو تلك.

مواجهة الشاه

في ذلك الوقت سمعتُ من بعض المراجع، أن السيد الخوئي لم يكن يملك طريقة يرسل بها المساعدات إلى المسلمين الشيعة في أندونيسيا إلا من خلال الحكومة الإيرانية، ولذلك كانت الواسطة بين المرجعية في النجف والحكومة الإيرانية هو أحد العلماء المبرزين في طهران والمحترمين من قبل الشاه هو السيد محمد البهبهاني. وكذلك فإن المرجعية المتمثلة بالسيد محسن الحكيم كانت إذا أرادت شيئاً من حكومة إيران، فإنها لا ترسل إلى الشاه مباشرة، وإنما كانت ترسل إلى السيد محمد البهبهاني.

في ظل الوضع القاسي الذي عاشه السيد الخميني أثار السيد الخوئي أكثر من حركة، فأطلق مجالس تعزية وقام بمبادرة تجاه السيد الحكيم حتى يمارس ضغطاً على الحكومة الإيرانية يمنعها من إصدار حكم الإعدام ضد السيد الخميني. وأذكر انه ذهب مرة والسيد محمود الشاهرودي، أحد المراجع، وتحدثا مع السيد الحكيم (رحمه الله)، ويبدو أن السيد الحكيم كان قام باتصالات حول هذا الموضوع، ولذلك طمأنهم بأن السيد الخميني لن يُعدم. ولم يكتف السيد الخوئي بهذه المبادرة النجفية، بل أرسل في ذلك الوقت رسولاً إلى علماء لبنان الكبار، مثل الشيخ حبيب آل إبراهيم والشيخ موسى عز الدين والشيخ محمد تقي الصادق والسيد محمد حسن فضل الله والمرحوم الوالد السيد عبد الرؤوف فضل الله، يدعوهم إلى الاجتماع، للإنكار على الشاه سياسته، وإصدار البيانات في هذا المجال، كخطوة تصعيدية للضغط على حكومة الشاه لمصلحة الإمام الخميني.


http://news.bbc.co.uk/media/images/38745000/jpg/_38745769_khomeini150.jpg

وأذكر أنني كنت آنذاك في لبنان عندما جاء رسول السيد الخوئي إلى لبنان، وهو الشيخ محمد رضا الجعفري، وهو من تلامذة السيد الخوئي ، وحضرنا اجتماع العلماء الكبير في المدرسة الدينية في صور الذي حضره العلماء الكبار. وأوكل أمر إصدار البيان إلى السيد موسى الصدر وإلى الشيخ الجعفري، وأذكر أننا بتنا ليلة في بيت السيد موسى الصدر في صور، وكتبنا البيان، ووضعت تواقيع العلماء، وأرسل إلى الصحف، ولم تنشره آنذاك إلا جريدة (صوت العروبة)، باعتبار أن الصحف الأخرى في لبنان كانت تؤيد الشاه، فيما كانت (صوت العروبة) تؤيد عبدالناصر الذي كان يقف في خط المواجهة للشاه.

كما لاحظنا أن السيد الخوئي وقف مع القضية الفلسطينية من خلال إصدار الفتاوى لدفع الحقوق الشرعية للمجاهدين، كما كان يتعاطف مع الحركة الإسلامية في العراق بطريقة أو بأخرى، وكان يتعاطف مع الذين يتحركون ضد الظلم في العراق بالأسلوب الذي يتناسب مع موقعه ومع قدراته وإمكاناته (...).

بين المكاسب والخسائر

لقد كانت للسيد الخوئي رؤيته في كيفية التعاطي مع الواقع العراقي، وقد حدد موقفه على هذا الأساس، فربما كان يرى أن هذا الواقع لا يملك القاعدة التي تستطيع أن تنهض معه لمواجهة الحكم العراقي، لأن القاعدة الموجودة في العراق تختلف عن القاعدة الشعبية الموجودة في إيران، خصوصاً وأن هذه الأخيرة خضعت لتربية تاريخية طويلة في مسألة الالتزام الشرعي للمراجع من جهة، وفي مسألة حركة الواقع السياسي على مستوى الخط الشرعي في علاقة المراجع بالشعب، الأمر الذي لم يكن موجوداً عند الآخرين، لأن الالتزام الديني في العراق لا يشكل حتى 20 في المئة من الالتزام الديني في إيران، ولعلّ السيد الخوئي رأى أن الإمكانات المتاحة له في العراق لا تحمل أية آمال لقيام الثورة، ما يعني أن القيام بالمواجهة أكثر خطراً من الموادعة.


http://www.ebaa.net/khaber/2003/09/27/images/006.jpg

أما في قضية السيد الصدر التي انتهت باستشهاده، ربما كان يرى أن الحركة لم تكن ناضجة ومدروسة تماماً، ولعلّه رأى في استشهاده دليلاً على صدق رؤيته بأن الواقع لا يحمل في داخله إمكانات الوقوف مع الثائرين، وفي حسابات أن الظروف قد تهيىء وضعاً يتيح فرصاً أكبر للتحرك، لذلك فإنني أختلف مع الذين يضعون السيد الخوئي في دائرة العلماء المستسلمين بدلاً من خط العلماء الواعين المنفتحين.

أكاذيب وحقائق

وفي شأن ما أثير من لغط حول استقباله ملكة إيران، وما وجه إليه من الانتقادات، باعتبار أن استقبالها بعد خروجها وزوجها من إيران مهزومين ومطرودين، قد يعني إعادة الاعتبار لها، فقد سمعت من أحد أقربائه، ولم أكن في النجف آنذاك، كلاماً قاسياً من السيد الخوئي في التنديد بسياسة الشاه لم تسمعه من أي إنسان آخر، كما أنه كان يفكر بأن الأفق السياسي لم يكن يحمل أية مؤشرات لنجاح الثورة، وأنا أرى أن الكثر ممن قادوا الثورة فوجئوا بسرعة نجاحها، ولذلك كان يفكر أنه إذا انفتح على هؤلاء وحدث هناك ضغط فوق العادة على فريق، فإن من الممكن له أن يحفظ البعض الآخر.

وفي هذا المجال لا بد من العلم بأن السيد الخوئي كان يفكر بذهنية توزيع الأدوار، أي أن ينطلق الآخرون بالثورة وأن يبقى هناك احتياط في المرجعية، ليستطيع أن يحفظ ما يمكن أن يحفظه في هذا المجال، ونحن نستطيع أن نؤكد هذا المعنى في شخصيته. وإن يكن استقبل زوجة الشاه، فهو من أثار النجف وأثار ما يمكن إثارته من لبنان ضد الشاه، لذا، فإن المسألة لا يمكن أن تكون استسلاماً للشاه. أما من يتحدث عنه بأنه قدم للشاه خاتمه هدية، فإني قرأت بخطه أن هذا الكلام كذب وافتراء.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، أعرف من خلال كثر من أصدقائنا في الخليج أنه كان أثناء الحرب العراقية - الإيرانية يعطي الإجازات لمقلديه بصرف الحقوق الشرعية لمصلحة الثورة، في الوقت الذي كان ينسب إليه بأنه يقف ضد الثورة أو لا يتعاطف معها.

حصار وتشتيت

إنني أتصور أن الرجل كان على مستوى المرجع المنفتح على الواقع، وكان من الممكن له أن يقوم بالكثير الكثير في عملية التغيير في خط المرجعية لو أتيحت له الظروف الملائمة، ولكنه حوصر عندما حوصرت الحوزة أولاً وشتّتت ثانياً، وقاربت الإلغاء ثالثاً، وكان يعيش في موقع لا يملك فيه النوافذ الكثيرة التي تطل به على الواقع بشكل واسع، حتى أنه كان يصعب على كثير من وكلائه وتلامذته الاتصال به ليبحثوا معه قضاياهم بشكل تفصيلي، ويضعونه في الصورة الواضحة، لذلك لم تكن المسألة أنه كان لا يحمل ذهنية التغيير أو لا يحمل الأفق الواسع، ولكن هي الظروف التي حاصرته.

من الطبيعي أن تطلّ مرجعية السيد الخوئي في البداية على الساحة الإسلامية في شكل محدود، لكن بوفاة المرجع المعروف السيد عبدالهادي الشيرازي الذي كان يتميز بروحانية عاليه وبثقة كبيرة في الفقاهة، فإن معظم تلامذته الذين يمثلون ثقلاً علمياً في النجف، رجعوا إلى السيد الخوئي بعده، ولم يرجعوا إلى السيد محسن الحكيم الذي كان المرجع المتقدم في ذلك الوقت، انطلاقاً من رؤية بعضهم أن السيد الخوئي كان الأعلم، أو من خلال بعض التعقيدات الأخرى التي تصاحب مسألة الإرجاع إلى هذا المرجع أو ذاك، ولذلك فُتحت مرجعية السيد الخوئي على لبنان وعلى العراق وإيران والباكستان وأفغانستان من خلال كل من يرتبط بتلامذة السيد عبدالهادي الشيرازي.

لقد برزت مرجعية السيد الخوئي في ذلك الوقت بالطريقة الواسعة إلى درجة أن الحكومة العراقية عندما كانت تصطدم بالسيد محسن الحكيم في أيام عبدالكريم قاسم وعبدالرحمن عارف، وعبدالسلام عارف كانت تحاول الاستقواء بالسيد الخوئي على السيد الحكيم، على أساس أنه إذا ابتعد عن السلطة مرجع فهناك مرجع آخر.


http://www.bintjbeil.com/articles/2003/images/muhsin_alhakim.jpg

وأذكر أن السيد الخوئي رحمه الله أصيب بمرض شديد في وقت من الأوقات، ونقل إلى المستشفى في بغداد، وكان وزير الوحدة آنذاك الدكتور عبدالرزاق محيي الدين الذي كان طالباً في النجف، وكان ممن تتلمذوا على السيد الخوئي، وكان يحترم السيد الخوئي كثيراً، قد استفاد من موقعه ومن حاجة الحكومة العراقية إلى الاستقواء بمرجع على مرجع، لأنها كانت رصدت أن هناك شيئاً من الحساسيات بين جهاز السيد الحكيم وجهاز السيد الخوئي، ما جعل هذا الجهاز ينقل إلى السيد الحكيم شيئاً يُعقِّده على السيد الخوئي وينقل إلى السيد الخوئي شيئاً يعقِّده على السيد الحكيم، ما أوجد شيئاً من التباغض في ذلك الوقت. ولاحظ السيد الخوئي أن السفراء والوزراء والشخصيات الكبيرة في بغداد تزوره في المستشفى في وقت لم يكن بلغ في المرجعية موقعاً يبرر مثل هذه الزيارات، لأن المرجع كان السيد الحكيم. ونقل لي بعض أنسبائه أنه عندما شفي استعد أصحابه مع الحكومة العراقية لإقامة استقبال كبير له، وعندما توجهوا إلى النجف، حيث كان مسكنه، طلب منهم التوجه إلى الكوفة، حيث كان يقيم السيد الحكيم، ولم يكن أبلغ أحداً من أبنائه وأنسبائه بشيء، فتوجهوا إلى منزل السيد الحكيم وكان نائماً، فطلب إيقاظه، وفوجئ السيد الحكيم به، لأنه ربما لم يكن أرسل من يعوده. وقال السيد الخوئي له: قد تستغرب مجيئي، لكنني لاحظت عندما كنت في المستشفى أن رجال الدولة اهتموا بي اهتماماً كبيراً، وأنا إذا كنت أعتبر نفسي مرجعاً فلست مرجعاً معروفاً، أنت المرجع، لذلك أحسست بأن الجماعة يريدون أن يستقووا بي عليك، وأن يضربوك بي، ولذا جئت إليك لأعلن لك بأنني لن أكون عليك. فتعاتبا وتصارحا وخرجا كأفضل ما تكون الصداقة، وذهب السيد الخوئي إلى بيته وكان السيد الحكيم أول زائر له.

لقد بدأت منذ ذلك الوقت العلاقة الحميمة التي عبرت عنها لقاءات السيد الحكيم والسيد الخوئي بما يشبه الاجتماعات اليومية. وعندما اضطهد السيد الحكيم وأعلن الاعتصام في بيته ضد النظام الطاغي في العراق، كان السيد الخوئي يذهب إليه، وبذلك كانت المسألة مهيأة بعد السيد الحكيم أن يكون المرجع هو السيد الخوئي إذا وقف معه أولاد السيد الحكيم وكل جهازه نتيجة هذه الثقة، وكانت الظروف قد تهيأت ليكون المرجع الأوحد المعين، لأن معظم العلماء في النجف كانوا تلامذته وتلامذة تلامذته. وهكذا استطاعت مرجعيته أن تنفتح على العالم الشيعي كله، ولا اقول إنه كان الوحيد، ولكنه كان الأكثر مرجعية حتى بعد الثورة الإسلامية وانتشار اسم الإمام الخميني، وكان الكثر، حتى ممن يلتزمون قيادة الإمام الخميني، من مقلديه، واستطاع أن يدير مرجعيته بالطريقة التي كان يدير فيها العلماء قبله في علاقته بالمقلدين وبوكلائه، على أساس الإجابة عن الاستفتاءات عن كثير من القضايا الفكرية والفقهية التي تصل إليه في مسألة توزيع الحقوق وتنظيمها ورعاية المشاريع الخيرية وإنشاء المؤسسات وما إلى ذلك.

الموقف المستقل



http://www.alkhoei.org.uk/photo/010r/markaz/020.jpg

لقد كان السيد الخوئي يفكر بعقلية مؤسسية لحركة الخطوط الشاملة، فلاحظنا أنه شجع الكثير من المؤسسات وأسّس الكثير منها، وبهذا فإننا نعتقد أن مرجعيته إذا لم تكن المرجعية الرائدة في مسألة التغيير على مستوى الإطلالة على الواقع في العالم، فإنها كانت المرجعية الملتزمة بخط المرجعية الذي انطلق فيه العلماء، وكان المرجع الأعلى في التقليد وإن لم يكن المرجع الأوحد.

وقد انفتحت على الإمام الخميني في حركته السياسية من موقع التكليف الشرعي في دعم مواقع القوة الإسلامية في أي مكان في العالم،بالرغم من أني لم أرجع الناس إليه في التقليد،كما أنني لم ألتزم بأخذ تكليفي الشرعي من الثورة الإسلامية، بل كنت أنطلق في اجتهادي السياسي بحسب ما أراه من تكليفي الشرعي.

وقد كان بعضهم يقول لي أنت تقول بجواز تقليد غير الأعلم، ولا تقول بجواز تقليد (غير) الأعلم (واقعا) ، فلماذا لا تقول إن تقليد الإمام الخميني مبرئ للذمة، فقلت لهم إن الناس يطلبون شهادتي في من هو الأعلم ولم يسألوني رأيي حتى يقلدوني بعدم تقليد الأعلم.