المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشيخ محمد رضا المظفر



الفراتي
01-16-2003, 01:48 AM
الشيخ محمد رضا المظفر

1322- 1382

في خمسينات القرن كانت ولادة الوعي الاسلامي المعاصر في العراق، وفي بداية كل وعي بعد غفلة وكل حركة بعد جمود يظهر رواد وتنطلق صيحات وتكون مبادرات تُكوّن مخاضا فتكون الولادة وتبدأ الحركة.

كان الشيخ المظفر رائداً لحركة الوعي المعاصر في العراق، تقدم يوم قلَّ من يتقدم لوعورة الطريق، استيقظ والناس في سبات عميق فايقظ من كان حوله ومن جاء بعده، وبادر فأسس فكانت البذرة لتصبح شجرة تؤتي اكلها كل حين باذن ربها، وما حوله يشكو الجدب والظمأ.

استيقظ فقرأ الفجوة بين حوزة الاسلام وبين المحيط خارجها ، فبعد ان اجتهد في فقه الحوزة واصولها ودرس الفلسفة وصار من اعلامها، توجه الى العلوم الحديثة ليقرأها على الطريقة الحديثة في علوم الطبيعة والرياضيات العالية، ودخل ميدان العمل فكانت (جمعية منتدى النشر) في عام 1354 هـ باكورة اعماله،فأنجبت مدارسها المعروفة التي جمعت بين الاصالة والانفتاح، ثم جاءت (كلية الفقه) لتكون معهد اعداد الطليعة من العلماء العاملين ، واصدرت مجلة (النجف) لتكون رسالة الاسلام في (النجف) الى عالـَم جاهل بها او متهم لها او عاتب عليها.

ثم عاد الرجل الى الحوزة الام ليطور في مناهجها وكتب التدريس فيها او فكتب لها (منطقة) ليخلف به منطق من تقدمه ويبقى الى اليوم كتاب درس المادة بلا منازع وكتب في (اصول الفقه) وكان كاخيه حتى جاءت حلقات الشهيد الصدر ترافقه وتعاضده في معاهد الدرس الحوزوي ليومنا.

والتفت الى خارج محيطه العلمي فوجد فراغاً فكرياً في عقائد الامة ووجد الى جواره هجمة شرسة تستهدف الامة في عقائدها، فكتب لاولئك وهؤلاء كتابه (عقائد الشيعة) في منهجية ولغة تجمع بين الاصالة والحداثة فملأ به فراغا يشهد به جيل ذلك الزمان واجيال تلته، وجلب به انظار وتقدير اصحاب الفكر من الشيعة وغيرهم يومذاك تشهد به تقاريضهم على الكتاب ورسائلهم حوله، وكتب (السقيفة) في كل ما تركته من ويلات بموضوعية العالم النزيه فاوجد حركة فكرية وحواراً علمياً ظهر فيما وصله من ردود على الكتاب اجاب عليها في رسالة سماها (على هامش السقيفة).

ولم يقتنع بما تقدم -كما هو شأن اصحاب الهمم العالية- فراح غازيا ميادين كانت حكرا على الغير او تكاد، فصار يكتب الى مجلة (العرفان) وكان لها صيتها يومذاك، وكذلك مجلة (الدليل) وغيرهما وهو ما لم يكن مألوفاً في عصر من امثاله من الاعلام الا في النادر.

كل ذلك لم يشغله عن التدريس في حلقات درس الحوزة ومجالسها وتربية رعيل من طلبتها، نقل عن علم منهم انه مدين للشيخ المظفر فيما آتاه الله من مواهب وقدرات في الدعوة والتبليغ.

فرحم الله المظفر ونفعه بما قدم واظفر، منار في مرافقة اوليائه المعصومين عليهم السلام في جنات النعيم.