المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خبراء إلكترونيون يكشفون لـ «الراي» بعض مواقع «تبييض الأعلام»: اللبناني «فيلكا إسرائيل



لطيفة
12-01-2008, 06:52 AM
«فيلكا إسرائيل» نسب زورا إلى بهاء الحريري تصريحات ضد أخيه سعد... وزعم أن تيمور هاجم الخيارات السياسية لوالده وليد جنبلاط

خبراء إلكترونيون يكشفون لـ «الراي» بعض مواقع «تبييض الأعلام»: اللبناني «فيلكا إسرائيل» والسوري «عكس السير» والإيراني «فارس»

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

قال خبراء الكترونيون، ان اجهزة عدة تراقب عن كثب عملية اطلقت عليها تسمية «ميديا لوندرينغ»، اي «تبييض الاعلام»، و«الارهاب الالكتروني»، وهي اساليب تستخدمها الدول التي تطلق عليها السلطات الاميركية اسم «الدول المارقة»، مثل سورية وايران، فضلا عن مجموعات ارهابية مثل تنظيم «القاعدة».
و«تبييض الاعلام»، هو ان تقوم جهة مجهولة الهوية بافتتاح موقع على الانترنت، ينشر اخبارا ملفقة تلتقطها اجهزة الاعلام الرسمية في بعض الدول وتتعامل معها كأنها حقائق، «وهذا تضليل اعلامي لا اخلاقي»، حسب الخبراء، الذين سردوا لـ «الراي»، كيف قامت اجهزة الاستخبارات الغربية، عبر مزيج من المتابعة الالكترونية والتحليل لمضمون هذه المواقع المشبوهة، بكشف عدد كبير ممن يقفون وراءها.
ويعطي الخبراء، الذين رفضوا كشف هوياتهم لحساسية الموضوع، امثلة عدة عن المواقع العديدة المنتشرة على الشبكة العالمية، مثل الموقعين السوريين «عكس السير» و«داماس بوست»، والايراني «وكالة فارس للانباء» واللبناني «فيلكا اسرائيل».
«فيلكا اسرائيل»، على سبيل المثال، يموله بطريقة غير مباشرة، كل من «حزب الله»، والنظام السوري، ويديره خضر عواركة، وهو لبناني من مناصري الحزب السوري القومي الاجتماعي، الموالي لسورية، ويشاركه في الدعم والادارة، رجل اعمال من احدى دول الخليج لديه اهتمامات اعلامية، ومعروف بعلاقاته الوثيقة بالاستخبارات السورية عن طريق المصاهرة.
عواركة في العقد الرابع من العمر، درس في فرنسا وعاد الى لبنان مع اواخر الحرب الاهلية واستقر فيه ومارس اعمالا متقلبة اهمها انتاجه لفيلم عن الجالية اللبنانية في الكويت، بالتعاون مع وزارة الاعلام وتلفزيون الكويت، وتم عرضه على تلفزيون «المستقبل»، الذي تملكه عائلة رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري.
الا ان السبل ضاقت بعواركة، فانتقل للعيش في كندا مع حلول العام 2000، وهناك شعر بانه توصل الى كشف مؤامرة مسيحية - صهيونية محاكة ضد فلسطين والعالم العربي والاسلامي، تقوم خلالها الكنائس الانجيلية بارسال بعثات تبشيرية لصهاينة العالم وتحضير الاراضي المقدسة في فلسطين لمجيء المسيح.
وفي كندا ايضا، تعرف عواركة الى من اعتبرها مبشرة انجيلية، تدعى ميليسا كوكينيس، فحولها الى دين التوحيد، وهو غير دين الاسلام، ويتبع التسمية التي يطلقها انصار الحزب السوري القومي على انتمائهم الديني، حسب ما يحدده زعيمهم الراحل انطون سعادة في كتابه «الاسلام في رسالتيه المسيحية والمحمدية».
عواركة ربما شعر نفسه بعيدا عن الاحداث مع حلول العام 2005، حينما اجبر اللبنانيون الجيش السوري على الانسحاب من لبنان، فآثر العودة الى بلاده والمشاركة في ما يعتبره نضالا ضد الصهيو - اميركية وعملائها من اللبنانيين والعرب. في بيروت، تلقفه مديرو الدعاية اللبنانيين الموالين لسورية.
مع حلول مارس 2006، كثف عواركة من نشاطه على الانترنت، فأنشأ مدونة حملت اسمه، وباءت بالفشل، وتوقف عن الكتابة فيها مع اندلاع حرب يوليو 2006 بين اسرائيل و«حزب الله». في تلك الاثناء، نشر روايته عن التبشير الانجيلي المزعوم في الشرق الاوسط. هذا النشاط لعواركة غطى تكاليفه، او معظمها، «حزب الله» عبر «دار الهادي»، الذي نشر روايات عواركة.
يذكر ان الحزب السوري القومي، هو احد اقرب حلفاء «حزب الله» في السياسة اللبنانية وشارك معه في العمليات القتالية، التي استهدفت خصوم الحزبين السياسيين في مايو الماضي، ما دفع «حزب الله» الى التخلي عن مقعد وزيره داخل الحكومة الحالية لمصلحة وزير «قومي».
مع نهاية 2006، بدأ عواركة بتأليف روايات من نوع اخر، فنسب زورا الى بهاء الحريري، تصريحات ضد اخيه زعيم «تيار المستقبل» النائب سعد الحريري، واحدثت الرسالة الكاذبة في حينه بعض البلبة، اذ تناقلتها وسائل الاعلام والمدونات الموالية لسورية وايران.
بحلول اغسطس 2007، افتتح عواركة موقعا جديدا اطلق عليه اسم «اخبار مونتريال»، للايحاء بانه عاد الى كندا. ولم يصدر الا عددا واحدا من هذه الجريدة الالكترونية المفترضة، كتب معظم اخبارها عواركة واستكتب صديقه المنتج التلفزيوني السوري نبيل طعمه مقالا.
ومع ان عواركة قدم افضل ما لديه من شتيمة في حق الرئيس السابق امين الجميل وبعض اركان تحالف 14 مارس في موقعه المذكور، الا ان الموقع باء بالفشل ولم يستحوذ على اهتمام احد، اذ ذاك عاد عواركة الى اسلوبه السابق في تلفيق الاخبار، فوزع في نوفمبر 2007 رسالة نسبها مرة اخرى الى بهاء الحريري.
وفي ديسمبر 2007، قام بتأليف مقابلة مع تيمور، نجل النائب وليد جنبلاط، زعم فيها ان تيمور هاجم الخيارات السياسية التي اتخذها والده.
ويبدو ان الضجة الاعلامية التي اثارها تلفيق عواركة لهذه المقابلات، دفعه الى تكرار الفبركة بطريقة منظمة، فافتتح في 5 يناير 2008 موقع «فيلكا اسرائيل»، الذي ما زال يبث من خلاله اخبارا كاذبة تعيد نشرها مواقع سورية وايرانية واخرى تابعة لـ «حزب الله»، ولاصدقاء عواركة في الكويت.
حتى من دون الملاحقة الالكترونية، بامكان اي قارئ، ادراك دور عواركة واصدقائه في الاستخبارات السورية في «فيلكا اسرئيل»، الذي لا يمت الى اسرائيل او الاسرائيليين بصلة.
ان فكرة المدونة التابعة لاسرائيلي مفترض يصوره عواركة على انه منشق ومعادي للصهيونية، من بنات افكار عواركة وتشبه احدى شخصياته في روايته «المتروكة»، والتي من المفترض ان يحولها صديقه صاحب «دار الشرق» السورية للانتاج ومنتج مسلسل «نزار قباني» نبيل طعمه، الى فيلم بالتعاون مع الكندية كوكينيس.
والافكار السياسية للمدونة تتطابق وافكار عواركة، فهو يتحدث في مقالاته كما في المدونة، ضد «التبشير الانجيلي الصهيوني» وضد مؤامرات اميركية - اسرائيلية تشترك فيها دولة خليجية وجهات مناوئة لنفوذ سورية في لبنان.
ما فات عواركة، ان التبشير الانجيلي في الشرق الاوسط سابق لوجود دولة لبنان، مثل الارساليات التي اقامت مدارس وجامعات صارت جميعها اليوم مؤسسات ثقافية لا دينية. اما الطائفة الانجيلية في لبنان والمنطقة، فتصر كنائسها على الابتعاد عن النشاطات السياسية كافة وحصر نشاطاتها بالعمل الرعوي والديني.
ويرتكب عواركة و«فيلكا اسرائيل» الاخطاء نفسها. ففي احدى رسالتين، نسبهما الى بهاء الحريري، تحدث عمن اسماه الملياردير الجديد، نجل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، واسماه محمد. اما اوائل القصص التي بثها «فيلكا اسرائيل»، فتحدثت عن تجنيد جهاز «الموساد» لعميل لبناني هو رئيس الحكومة «فؤاد محمد السنيورة». والصحيح ان رئيس وزراء لبنان اسمه فؤاد عبد الباسط السنيورة، واسم وحيده ليس محمدا.
كذلك، يملأ عواركة موقع «فيلكا» باكاذيب، فيورد ارقام هواتف ان اتصل القارئ بمعظمها، تبين عدم صحتها ويوقع مقالات الموقع باسماء من يعاديهم، داعموه السياسيون من امثال الكاتب اللبناني عضو «حركة اليسار الديموقراطي» زياد ماجد، الذي اصدر بيانات تكذيب متكررة، لم تردع عواركة واعوانه من الاستمرار في نسب المقالات اليه زورا، سعيا الى تشويه سمعته، بما فيها مقالات تتضمن شتائم بأصدقاء ماجد، من امثال الصحافي الراحل سمير قصير وارملته الاعلامية جيزيل خوري.
وتظهر مقارنة الاسلوب اللغوي للمقالات التي يوقعها عواركة باسمه وتلك التي ينشرها في «فيلكا اسرائيل»، تطابقا تاما. كذلك فان الشخصيات التي يهاجمها من خلال مدونة «فيلكا اسرائيل» هي نفسها التي يهاجمها في مقالاته وعلى رأس هؤلاء مسؤولون سعوديون، والحريري وجنبلاط، المندوب الاميركي السابق لدى الامم المتحدة جون بولتون، مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني، زعيم حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع وعدد من الاعلاميين الموالين لتحالف 14 مارس.
ويلاحظ ايضا، انه لم يحدث ان هاجمت مدونة «فيلكا اسرائيل»، يوما القيادة السورية، ولا اتت على ذكر اللقاءات العلنية المتكررة لمسؤولين سوريين مع نظرائهم الاسرائيليين، او اليهود الاميركيين المؤيدين لاسرائيل، في وقت يفترض ان يتعرض صاحب المدونة المزعوم، الاسرائيلي المعادي للصهيونية، لاي رئيس عربي يعقد مفاوضات سلام مع دولة اسرائيل.
اما عن شركاء عواركة في المدونة، فيبرز منهم خليجي يقدم نفسه كرجل اعمال وناشر جريدة الكترونية وصاحب مؤسسة ثقافية عقدت وعواركة وكوكينيس، في 13 اكتوبر الماضي، جلسة توزيع جوائز كرمت خلالها الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، في نقابة الصحافة في بيروت، بحضور النقيب محمد البعلبكي.
عواركة يكتب علانية في الجريدة الالكترونية لرجل الاعمال الخليجي، ورجل الاعمال يكتب في السر في «فيلكا اسرائيل»، واخر ما نشره في المدونة كان يوم الثلاثاء، حيث كال اتهامات لدولة خليجية واتهمها باثارة قلاقل في بلاده خوفا من تزايد النفوذ الايراني.
كما يلاحظ ان الخط السياسي لـ «فيلكا اسرائيل»، متشابه جدا وخط «حزب الله» وحلفائه في لبنان، وخط النظام السوري في المنطقة. فالمدونة المشبوهة جردت حملة ضد السنيورة عندما كان «حزب الله» في ذروة هجومه ضد ما كان يسميه «الحكومة الفاقدة للشرعية».
اما بعد دخول التحالف الذي يقوده «حزب الله»، حكومة السنيورة الحالية، تراجع هجوم عواركة على رئيس الحكومة، لكن بقي كل معارض من داخل الطائفة الشيعية لسياسة «حزب الله»، مثل المفتي علي الامين والناشط لقمان سليم، من اعداء عواركة و«فيلكا اسرائيل».
ويوضح الخبراء، ان «موقع فيلكا اسرائيل لا يتعرض لكثير من الزوار، بل الهدف من انشائه ان تستعين بفبركاته وسائل اعلام اخرى».
يتصدر المواقع المجهولة المعلومة، الموقع السوري «عكس السير»، والذي يملكه، حسب معظم الاستخبارات الغربية، اللواء علي مملوك، رئيس فرع امن الدولة في سورية.
واللافت في هذا الموقع، انه يفضح علاقة عواركة بالاستخبارات السورية، فـ «فيلكا اسرائيل» نشر اوائل تلفيقاته عن السنيورة، عميلا لـ «الموساد»، فور افتتاحه يوم السبت في 5 يناير 2008، وبعد اقل من بضع ساعات، التقط «عكس السير» المقال ونشره موسعا وموقعا بقلم عواركة، مع ان «عكس السير» مجهولة ادارته.
ومنذ ظهور موقع «فيلكا اسرائيل» قبل 11 شهرا، قام «عكس السير» بنقل 15 مقالا مفبركا، معظمها ضد الحريري والسنيورة والسعودية.
في المرتبة الثانية في نقل اقاويل «فيلكا»، يحل موقع «سيريا بوست»، الذي نقل سبع مقالات منذ يناير. كذلك، يقوم موقع «شام برس»، الذي يديره الصحافي السوري القريب من الاستخبارات علي جمالو، بنشر مقالات لعواركة موقعة باسمه واخرى يتم نقلها، وغالبا توسيعها بقصد ايصال هدفها الاساسي الى القارئ، وهو التشهير بمناوئي النظام السوري في منطقة الشرق الاوسط ككل.
ينضم الى مجموعة «التبييض» الاعلامية السورية، ما يسمى بـ «مركز المعطيات والدراسات الاستراتيجية» في دمشق، وهو بادارة عماد فوزي الشعيبي، الذي يكتب احيانا في جريدة «الحياة»، لكنه لا يمانع في الوقت نفسه ان تنقل مواقعه عن موقع مشبوه مثل «فيلكا»، الذي يشهر بزملاء له من الجريدة نفسها، من امثال حازم صاغية وبيسان الشيخ وجويس كرم.
ويشارك «سيريا نيوز»، لصاحبه نضال معلوف، في نقل تلفيقات عواركة. كذلك، يساهم موقع تلفزيون «الدنيا»، لصاحبه رامي مخلوف ابن خال الرئيس بشار الاسد، بنقل الاشاعات نفسها، والتي يطلقها عواركة وصحبه.
اما عندما يطالع القارئ هذه المواقع، فلن يضيع عليه التشابك في ما بينها. «سيريا بوست»، على سبيل المثال، ينقل مديح للرئيس السوري على لسان صحافيين لبنانيين مثل يونس عودة، الذي قال اثناء انعقاد القمة العربية في دمشق في مارس الماضي «ان الرئيس الأسد شخّص في كلمته كل الجراحات العربية، الامر الذي يؤكد على البدء بالعمل العربي المشترك، شعار قمة دمشق».
عودة، المؤيد للنظام السوري، يلعب ادوارا كثيرة، فهو على ارتباط بالجيش اللبناني ويكتب في مجلة «الجيش»، كما هو على ارتباط بـ «حزب الله» وعضو مؤسس في «التجمع الوطني لدعم خيار المقاومة»، وهي جمعية تأسست العام 2007.
اما الاهم في ادوار عودة، فهو عضويته في منشور «الثابت»، الذي يفبرك اخبارا دفعت اصحابه الى المثول امام القضاء اللبناني. وفي مجلس ادارة «الثابت»، يلتقي عودة مع اخرين من ارباب «تبييض الاعلام» والشتم لمناوئي النظامين السوري والايراني يتصدرهم عمرو ناصف، مذيع البرنامج المصري على تلفزيون «المنار» التابع لـ «حزب الله».
هكذا، يدخل «حزب الله» في لعبة «تبييض الاعلام» هو الاخر. فبعيدا عن تمويله لـ «روايات» صاحب موقع «فيلكا»، عواركة، فان موقع تلفزيون «المنار» غالبا ما ينقل عن «فيلكا»، وكذلك يفعل موقع «وكالة فارس»، الايراني، الناطق بالعربية والمجهولة ادارته.
وبعيدا عن سورية ولبنان وايران والدولة الخليجية، تدخل مواقع لمصريين مثل موقع «المحيط»، لصاحبه محمد عليوة، فتنقل عددا من المزاعم عن موقع عواركة.
ويقول خبراء اميركيون في الديموقراطية والاعلام، ان المشكلة في معظم الدول العربية تكمن في ان نسبة من الرأي العام تصدق ما تقرأه من اخبار من دون التشكيك فيها اوالتحقق من مصداقية مطلقيها، خصوصا من ثبت خطأهم في السابق.
ويشير الخبراء الى نواب في البرلمان اللبناني اصدروا تلفيقات في الماضي انتشرت وشغلت رأي الناس، لكن عندما اتضح خطأ ما قالوه، لم يشعروا بالحاجة الى الاعتذار او التوضيح، واستمروا في اطلاق فبركاتهم للانتقاص من خصومهم السياسيين.
على سبيل المثال، في فبراير 2005، اتهم نائب بيروت السابق، الموالي لسورية، ناصر قنديل، السياسي المنفي والمعارض لسورية في حينه العماد ميشال عون، بزيارة اسرائيل ومخاطبة الكنيست. واتضح لاحقا ان الخبر عار من الصحة تماما، وقد اصبح عون اليوم من اول حلفاء سورية وقنديل معا.
لكن ورغم انعدام مصداقيته، لم يتوان قنديل من اطلاق اشاعة في اكتوبر 2007، مفادها بان واشنطن في طريقها لبناء قاعدة جوية عسكرية اميركية في القليعات شمال لبنان، بموافقة الحكومة، وقدم قنديل وثيقة في حينها عن «مكتب المناطق الخطيرة» في وزارة الدفاع الاميركية.
وسرت هذه الاشاعة مثل النار في الهشيم، ليتضح في ما بعد ان لا نية اميركية لبناء قاعدة ولا يوجد مكتب اميركي يدعى «مكتب المناطق الخطيرة». ولم يحاسب الرأي العام، قنديل، الذي مازال يتفنن في الفبركات بين الحين والاخر.
هذه الدعاية التضليلية والشتائم المجهولة التي صارت تتقنها الاجهزة السورية وحلفائها اللبنانيين والايرانيين والمصريين واخرين، تشمل عواركة وقنديل وعودة وناصف وكثيرين ممن يدعون العمل الاعلامي ومواقعهم، المعلومة والمجهولة، ومدوناتهم مستمرة ولا يبدو انها ستتوقف في المدى القريب... اما الحل شبه الوحيد فهو الاعتماد على ذكاء وفطنة القارئ العربي قبل غيره.

زهير
12-14-2008, 02:48 PM
07 كانون الأول، 2008

حين يُعدّ الشتم والتخوين "حرّيةً وحقاً في النقد"-- خاص فيلكا إسرائيل

http://filkkaisrael.blog.com/

بقلم د. زياد ماجد



يستغرب بعض الصحافيين والإعلاميين أن يؤخذ عليهم وعلى أسلوب منابرهم في السجال إيغال في الشتم وسوقيّة اللغة، أو استضافة غير مشروطة لكتّاب وزوّار اختصاصيين في الهجاء السوقي. فالقدح والذمّ بعرفهم حرّية وأسلوب حديث في الكتابة لا وجاهة في اعتباره قلّة أدب أو إسفاف.
خذ على سبيل المثال الأفاك جاسم بودي الذي حول صحيفته الراي الكويتية إلى مرتع لقمامة إعلاميةوإستأجر خدمات كذاب فاشل هو حسين عبد الحسين ليلعب الدورالذي يلعبه في السياسة الكويتية حميد غريافي من لندن.

فأن تتهم فيلكا إسرائيل بأنها أداة لهذه الدولة أو لهذا الحزب هو أمر لا يمكن تصديقه ولكن كيف يمكن الرد عليه؟ إن كانت صحيفة الراي ومراسلها الواشنطوني يتابعان يوميا بث الأكاذيب فيكف للصادقين مثلنا أو يواجهوا شياطي الإعلام المفبرك العاقدي العزم على متابعة بث الكاذيب مهما كان الثمن والنتيجة. ، لا بل حسين عبد الحسين المدعي والمصاب بلوثة لم تحتمل إنتقاله من صنف المجهولين إلى صنف المرعيين من جهات دولية وإسرائيليةفجأة أصابت عقله بذهول الإستغراب .
ويتحوّل استغراب هؤلاء الى استنكار شديد إن أُشير إليهم بأن تقذيعهم إذ يحمل مفردات التخوين وتوجيه الاتهامات الخطيرة في لحظات احتقان سياسي وطائفي كالتي نعيش، يصير الى التحريض على العنف المباشر أقرب منه الى القدح والذمّ أو التنكيل اللفظي.

ولعل بعض التدقيق في ملابسات الاستغراب والاستنكار المذكورَين مفيد.

فأن يمنح أحدهم في مقال أو افتتاحية صفة العمالة لإسرائيل لكتّاب وسياسيين من المعسكر السياسي المقابل، أو أن يسمّي آخر حكومة السنيورة الماضية "بحكومة أولمرت" فيصبح أعضاؤها مثلاً ممثّلين لكاديما وشاس والعمل وحزب ليبرمان، وجُب بناءً على ذلك ووفق العقلية السائدة - تقبّل مبدأ إنزال القصاص بهم كفّاً لشرّهم وعمالتهم، ثم الاشتراك في حفلات توزيع البقلاوة وإطلاق المفرقعات اللاحقة على تنفيذ بعض الأحكام الاغتيالات - بحقّهم. فهذا من عناصر الابتهاج بالخلاص من عملاء موصوفين، وهو لم يقتصر بأي حال على رعاع في الشارع. ألم يعبّر "إعلاميّان" على إحدى الشاشات عن اغتباطهما بجريمة مروّعة وتمنّيهما خطف الردى لخونة طرائد إضافيين؟ ثم ألم تُترجم مقولات تردّدت على ألسنة سياسيين وصحفيين بحق أشخاص ومؤسّسات الى هتافات في شوارع رافقت اعتداءات على الأشخاص والمؤسسات إياهم بالحرق والضرب وإيقاع الأذى؟
وما هي المسافة بين العنف بالكلمة والضرب بسكين أو حتى بالنار حين يُجعل المُعنّف شراً في ذاته تثير إحالته المباشرة الى "إسرائيل" في المخيّلة الجماعية تاريخاً من الدم وواقعاً من الخراب قد يخال الجمهور نجاح الثأر لهما ومنهما إن أزال هذا الشر؟

والأهمّ، هل يستقيم القول برفض اتّهام بالانغماس في لغة التحريض والافتراء عند استفحال واقع مهترئ تخترقه الاغتيالات والتصفيات ومناوشات الأزقّة وهتافات الحمية المذهبية والحرب على "يهود الداخل"؟
إن التظلّم واعتبار الاستنكار لأسلوب لا مسافة فعلية في أسطره بين الشتم والتخوين ومؤدّياتهما افتئاتاً على "الحق في النقد"، يبدوان في وضعنا الراهن دفاعاً لا عن حرية في التعبير ولو بذيئاً جاء - بل عن صيغة ثقافية سياسية يُراد تعميمها، تقوم على اعتبار صراحة الحقد والكراهية والنسج عليهما بمفردات عدوانية وأدوات رقيعة جزءاً لا يتجزّأ من الحيوية الإعلامية والنجاح في الانتشار واستقطاب القرّاء والمشاهدين ومشافهي فتات الإشاعات، وتدفع المختلف لا الى السجال الفكري أو السياسي وأناقته، بل الى محاولة الدفاع عن نفسه ونفي التهم عنه والرضوخ بالتالي لابتزاز وضيع. فأن يكتب المرء ليعلن براءة من عمالة لإسرائيل، أو من ارتزاق مالي لا يأتي من عمل مشروع، أو من ولاء ظلامي (يرشقه به أحياناً من يوالي جهراً ظلامية مقابلة!)، وأن يُضطر الى التذكير بكتابات له وبمواقف وممارسات ليدفع عن نفسه شبهات يريدون وصمه بها، فالأمر مخزٍ، ولا تُقبل معه أيّ من التبريرات "المهنية" بالمطلق، أي بمعزل عن كل واقع وحال اجتماعي وسياسي في البلاد. كما لا يُشكر على السماح بنشره بوصفه ردّاً، إلتزاماً بديمقراطية مزيّفة، من يسمح في البدء بكيل الموبقات والتهم جزافاً، وفق "الالتزام"
نفسه.

وكي لا يبدو الأمر تركيزاً على جهة وحيدة، أو على طرف سياسي بحاله، بإعلامه ومناصريه الكتّاب رغمه سبقهم المبين في هذا الباب، ينطبق بعض ما ذكر على ردود فعل تأتي أحياناً على شدّة في العنف، وقد شهدتها صفحات ومنابر خلال السنوات الماضية في هجمات مضادة حملت مثالب وضغائن تخطّت في الكثير من الأحيان حدود السياسة والنقد المباح، ولامست تخوم التعصّب الأعمى وادّعاء الحق المطلق.

لكنها، ومن دون تبرير لمضامينها، جاءت جواباً في لحظات انفعال معمّم على استباحات طالت وتمادت وترافقت مع قتل واغتيال واحتلالات واجتياحات إستهدفت بمعزل عن هوية منفّذيها جهة واحدة هي المنتمي إليها جميع المغدورين، وهي المخوّن أعضاؤها ومريدوها منذ البداية.
هل بعد ذلك، يمكن التذكير من جديد بنصوص قانونية ومواثيق ترعى عادة حرية النقد والسجال والاختلاف والتنافس، وتحول دون إيصالها الى الدرك الأسفل من التشهير والتعريض والتزوير والتخوين؟ في حسبنا، لا مفرّ من ذلك، لأن الفارق إن انتفى بين نزق الشارع وهتافه للضرب، وبين لغة الكتّاب وكاميرات الصحافيين، صار وقف الحروب وسيلان الدماء والتناحر من بعده صعباً، وصار التصدّي لأجهزة القتل وعصاباته أصعب...

مرسلة بواسطة FILKKA ISRAEL في الأحد, كانون الأول 07, 2008