المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ازدياد الزيجات في العراق بعد رحيل صدام



مجاهدون
10-25-2003, 09:17 AM
بغداد ـ كارل فيك (واشنطن بوست):

كان الرجل البدين يرقص في مواقف السيارات امام فندق بابل بهمة ونشاط رافعا يديه في الهواء وهو يحرك خصره، وكان الطبل يهدر بإيقاعات صحراوية، وأحد الشبان بوجهه المحتقن باللون الأحمر يحاول اخراج انغام عربية من بوقه العتيق.

وفجأة ظهرت العروس تحاول الخروج بثوبها العريض من المقعد الخلفي من سيارة بي ام دبليو جرى تزيينها لهذه المناسبة. وكانت قد زينت ذراعها بوشم من الحنّة، وبدا وجهها جامدا اما بسبب طبقات الاصباغ الكثيفة عليه او لوجود حشد امام الفندق لضيوف ثلاث زيجات أخرى كانوا يثيرون ضجيجا اكبر من ضجيج عرسها.

وقد بدأت تعود الأعراس الى العراق بعد الخلاص من بيروقراطية البعث الخانقة التي سعت الى تنظيم كل شيء حتى اكثر الأمور خصوصية في حياة العراقيين مثل من يحق لهم الزواج منه، وقد بدأت الزيجات تزداد الآن باعداد لم يشهد لها مثيل خلال تاريخ البلاد الحديث.

فقبل الاطاحة بصدام حسين، فرض الحزب الحاكم مجموعة من اللوائح المقيدة والمعقدة فيما يتعلق بالزواج وبصفة خاصة لمن يعملون في سلك القوات المسلحة، وبما ان الخدمة العسكرية اجبارية بالنسبة للذكور، فقد كان لذلك الامر آثار سلبية، وتقدر حالات الزواج المسجلة بضعف تلك التي تم توثيقها قبل عام مضى. ومن المستحيل اجراء مقارنة دقيقة وذلك لان السجلات احترقت بعد اضرام النار في المباني الحكومية بعد دخول القوات الاميركية الى بغداد.

لا توجد عوائق

وقال وسيم عادل (27 عاما) الذي كان يقف الى جانب عروسه جيهان شقيف (18 عاما) في احدى قاعات مبنى بلدية الكرادة المزدحمة في وسط بغداد، وكانت القاعة مكتظة بالمتزوجين الجدد ممن جاءوا لتسجيل زيجاتهم «لقد ولى صدام، والآن استعد للزواج»، وقال كبير القضاة في الكرادة كامل عباس التميمي «لا توجد مقارنة بين ما يحدث الآن، وما كان يحدث من قبل، فالآن لا توجد عوائق».

وقد تكون الدوريات المدرعة لقوات الاحتلال تؤذي المشاعر الوطنية، والتيار الكهربائي مازال غير مستقر، وما زالت تسمع في شوارع بغداد ليلا اصداء اصوات اطلاق النار، الا انه في ليلتي الخميس والاثنين تسمع اصوات موسيقى الاعراس. فمسيرة العرس التقليدية تحتاج الى جانب سيارة سيدان حديثة حافلة واحدة مؤجرة على الاقل تمتلئ بالمحتفلين الذين يطلون من نوافذها ويطلقون رشاشات الكلاشينكوف في ليل بغداد الخريفي.

وقال عادل وقد التمعت عيناه الخضراوان «انا سعيد للغاية»، وكان قد التقى جيهان قبل عام في احد احياء بغداد الذي تربيا فيه، وقال انه جمعتهما علاقة حب، وفي جميع ارجاء العراق يجري ترتيب الزيجات من قبل الاسر التي تسعى لتعزيز علاقاتها مع الاسر الأخرى، ويتم الاختيار من الاسرة الممتدة وعادة ما يتم بين ابناء العمومة والخؤولة.

حرب مستمرة

وخلال اسابيع من لقائهما ادركا انهما يرغبان في الزواج، ولكن حكومة صدام وقفت في طريقهما، ويقول عادل «لانني كنت جنديا في الجيش لم استطع الزواج، فهناك العديد من العقبات التي كانت تقف امامي»، من بينها مسألة المال. فالجنود يتلقون راتبا يصل الى 8 دولارات في الشهر وهو راتب غير كاف لتكوين اسرة، ولأن البلاد كانت غالبا في حالة حرب، حيث خاضت ثلاث حروب خلال 23 عاما، فان مدة البقاء في الجيش تدوم لفترة طويلة، وقال صباح عبدالحسين الذي تأجل زواجه لثمانية اعوام بسبب الحرب العراقية ـ الإيرانية «اننا نقضي كل حياتنا في الجيش، ولا نجد فرصة للزواج».

فقد كان على المنتسبين للقوات المسلحة الحصول على اذن من وزارتي الدفاع والصحة، وعلى المدنيين اثبات ادائهم للخدمة العسكرية قبل التصديق لهم بالزواج، والعاملين في القوات المسلحة يواجهون اجراءات اصعب، فالمكتب القانوني في وزارة الدفاع يعد الجهة التي تصادق على الزواج بعد الاقرار بصلاحية العروسة للزواج، وذلك بعد تحقيق حولها تقوم به اجهزة الاستخبارات وقالت ساهرة احسان والدة عادل «كانوا يذهبون الى الجيران للسؤال عن سمعتها»، فقد كان يحظر الزواج ممن اصلها كردي بسبب تمرد الاكراد.

وقال عيسى عبدالله الجبوري قاضي الاحوال الشخصية «لقد كانت لدينا تعقيدات وصعوبات تواجه من يريد الزواج، وقد شهدت بعض الحالات المؤسفة»، وقد تغير الوضع بعد سقوط صدام، حيث تم حل الجيش العراقي، ولم تعد هنالك حالة لاثبات اداء الخدمة العسكرية.

وقد بدأ العرسان والعرائس يتدفقون على مكتب التسجيل، وبعد الاجراءات المدنية تتم الاجراءات الشرعية امام المأذون، وبعدها تبدأ الاحتفالات ومن يستطيعون تحمل نفقات الاقامة في فندق غالبا ما يتوجهون الى فندق بابل، حيث كانت 83 غرفة من غرفه البالغ عددها 266 محجوزة الاثنين الماضي.