المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صاحب مدونة «الوعي المصري»: قرائي أكثر من قراء الجرائد اليومية في مصر



زوربا
10-23-2006, 07:38 AM
http://www.asharqalawsat.com/2006/10/22/images/media.388432.jpg


صحافي سابق وجد في التدوين عالمه الخاص.. وشهرة فاقت التوقعات


القاهرة: محمد أبو زيد

وائل عباس هو من أشهر الـ «بلوجرز» (المدونين) المصريين، هو الذي قرر أن يتخذ التدوين بديلا للصحافة حتى يوصل كلمته للقارئ بشكل أكثر حرية، وبعيدا عن أي قيود قد تفرضها الصحافة، يقول عداد زوار مدونته أنهم شهريا أكثر من مليون ونصف المليون زائر، وهو عدد يفوق توزيع أكبر الصحف القومية المصرية، حققت مدونته العديد من الانفرادات الصحافية، حيث كان وائل موجودا في الغالب في كافة المظاهرات، والأحداث الجسام التي شهدتها مصر خلال العامين الماضيين، كما أنه يقوم بنشر فيديو لكثير من الأحداث المثيرة للجدل، والتي أثارت جدلا أكثر بعد نشرها في مدونته، كما دخل في العديد من المعارك مع صحف مصرية قامت بسرقة صوره وانفراداته من على مدونته ونشرتها دون الإشارة إليه، كتب أحد المراقبين الإعلاميين الأجانب عنه: إنك إذا دخلت المدونة المصرية «الوعي المصري» أسبوعيا، فإنك تستطيع أن تعرف ما الذي يحدث في مصر، حتى لو لم تنشره الصحافة المقروءة، فأنت فيها تقرأ وترى صورا، وتسمع وتشاهد ما حدث. «الشرق الأوسط» التقت وائل في مصر، وفيما يلي نص الحوار: > كيف بدأت التدوين؟
ـ بدأت التدوين بشكله الحالي المتعارف عليه في منتصف 2004 لكن يمكن أن تقول انني أدون تدوينا إلكترونيا على الإنترنت منذ 1998، حيث كانت لي مواقع شخصية عادية كنت اكتب اولا بالإنجليزية ثم تحولت إلى العربية وكنت أرسل للمجموعات البريدية ما اكتبه، ثم كونت مجموعات بريدية ثم اكتشفت الصحافة الإلكترونية فكانت صحف مصرية وعربية مختلفة تنشر لي ما أكتبه وما زالت تنشر حتى وصلت الى الوعي المصري الذي هو مدونة وجريدة في نفس الوقت.

> ما الذي أضافه التدوين لك؟ أو دعنا نقول : لماذا تدون؟

ـ أدون لأعبر عن نفسي وعن آرائي السياسية والدينية والاجتماعية وفي مختلف الأمور عموما، ثم مؤخرا لأعبر عن مشاكل وهموم المصريين بشكل عام، سواء كانوا مسيسين أم لا ولا يستطيعون توصيل صوتهم وما يحدث لهم، كما ان التدوين يساعدني على ان انقل ما يحدث في الشارع المصري من فعاليات لا تحظى بتغطية اعلامية مناسبة لزوار الموقع بطريقة أزعم أنها محايدة لا تخضع لمؤثرات أو اجندات.

> لماذا تسيطر السياسة على عالم التدوين في مصر؟

ـ ربما يكون هذا صحيحا وربما لا، لكن تصادف ان اشهر المدونات المصرية مدونات تختص بالسياسة، لكن هذا لا يمنع وجود مدونات شخصية وفنية وادبية جميلة جدا لم تحظ بنفس الشهرة وقد ركز الاعلام اكثر على المدونات السياسية.

> هل جرت محاولات لإغلاق مدونتك؟

ـ بالطبع لكنها محاولات لاختراقها وتعطيلها اكثر من اغلاقها منها محاولة ادت لتوقف المدونة لمدة ثلاثة ايام وضياع بعض الصفحات منها ومؤخرا محاولات لسرقة كلمة المرور الخاص بها ثم استخدام طريقة لتحميل المدونة عبئاً الكترونياً تتوقف بسببه ولا تكون متاحة للزوار.

> ألم تخف من السجن كما حدث لزملائك المدونين مثل محمد الشرقاوي ومالك وعلاء؟

ـ السجن احتمال وارد وموجود وكل من هم مثلي يتوقعونه ويتقبلون هذه الحقيقة ولحظة القبض على علاء كما حكاها لي، اشار الضابط للجنود بالقبض على علاء وعليّ أنا شخصيا قائلا «هاتوا اللي معاهم كاميرات» فقبضوا على علاء لكن انا وقتها كنت قد وضعت الكاميرا في الحقيبة فلم يقبضوا علي، أي ان المسألة كانت محض صدفة.

> كيف ترى العلاقة بين التدوين والصحافة الرسمية في مصر؟

ـ علاقة النقيض بالنقيض إن كنت تقصد بالرسمية الحكومية، أما لو كنت تقصد التقليدية او المطبوعة، فالعلاقة هي انها، اي المطبوعة، تعتمد احيانا كثيرة على المدونات سواء في الخبر او الصورة بسبب سبق المدونات بينما كل مواد المدونات أصلية وغير منقولة عن صحف.

> ألا ترى أن عدد قرائك قليل بالنسبة لقراء الجرائد إذا عرفنا نسبة الأمية التكنولوجية في مصر فضلا عن أمية القراءة والكتابة؟

ـ متوسط عدد الزوار عندي مليون زائر شهريا وفي اوقات الاحداث الجسام قد يصل العدد الى مليون ونصف المليون ومليونين لكن دعنا نتحدث عن المتوسط وهو مليون زائر في الشهر مما يعني ربع مليون زائر اسبوعيا فهل سمعت عن جريدة مصرية او عربية رسمية او مستقلة او معارضة اسبوعية تبيع ربع مليون نسخة؟ اعتقد ان هذا يجيب عن سؤالك.

أما عن الأمية التكنولوجية وأمية القراءة والكتابة فنفس الامر يمكن ان تقوله عن الصحافة المطبوعة، بل إن هناك الفقر الذي يمنع الانسان من شراء الصحف لكن يمكن ان احكي لك طرفة وهي ان كاريكاتير نشر عن الوعي المصري طبعة الشباب في الريف واستخدموه في الانتخابات البرلمانية الماضية وشاهده من لا يعرف شيئا عن الكومبيوتر.

> أنت صحافي بالأساس، لماذا اخترت التدوين بديلا؟

ـ الصحافة التقليدية مهما كانت مستقلة او معارضة او حتى اجنبية فلها سقف ولها اجندة ولها حسابات يجب ان يلتزم الصحافي بها أما على الانترنت، فالحرية لا محدودة ولا سقف لها ولا رقيب ولا مدير تحرير يعدل فيما تكتب فكيف لا اختار التدوين؟

> تقوم بعض الجرائد بعمل سطو على مدونتك وعلى صورك كيف تتعامل معها؟

ـ كنت الأول اغضب واتصل بهم لكن الان لم اعد أكترث كما اني اضع علامة مائية صعبة الازالة وان كان البعض مازال يحاول محوها مما يشوه الصورة وللأسف لا يوجد ما يحمي حقوق الملكية الفكرية في مصر والصحافة عندنا قص ولزق لذا افضح ممارساتهم على موقعي.

> وهل تلجأ إليك بعض الصحف لاستعارة بعض صورك دون علامة مائية؟

ـ نعم يتصلون بي ويشترون الصور او اعطيها لهم دون مقابل احيانا كثيرة.

> هل هناك رقابة على التدوين في مصر، وهل هناك صور فضلت عدم نشرها؟

ـ لا رقابة على التدوين في مصر ولكن توجد مراقبة من بعض الأجهزة الأمنية التي تطالب الاشخاص احيانا ليزيلوا ما نشروه، ولا اعتقد ان هناك اموراً فضلت عدم نشرها الا اذا كانت غير ذات فائدة او ضررها اكثر من نفعها > ما هي توازناتك الخاصة في عملية النشر؟

ـ ربما اعتبر ان الشأن المصري يعلو على أي شأن آخر وهذا هو ما أضعه في الاعتبار عند النشر كما انني اتحسس بشدة من كل محاولة لتشويه تاريخ مصر المعاصر لصالح تيار او ايديولوجية والنيل من دورها ومن شعبها لصالح دور دولة اخرى وشعب آخر ايا كان.

> لماذا اخترت شكل المجلة في مدونتك؟

ـ هل تعني مجلة لأنها تعتمد اكثر على الصور والفيديو؟ ربما لان الصورة اصدق وغير متحيزة كما ان الصورة تقول الف كلمة.

> من أين تحصل على الصور والمواد التي تنشرها؟ ـ في الاغلب اقوم انا بالتصوير وجمع المواد لكن احيانا يرسل اليّ بعض النشطاء والهواة والاصدقاء صوراً ومواد الى جانب علاقاتي ومصادر خاصة.

> ما هي أهم الموضوعات التي قمت بتدوينها وتفخر بها وترى أنها أثارت جدلا كبيرا؟

ـ لقد كان العامان الماضيان حافلين بالاحداث، منها المؤلم ومنها الطريف ومنها ما هو خلافي لكن الاشهر ربما كشف تجاوزات الاستفتاء على الرئاسة العام الماضي وهو ما قفز بمدونتي الى المليوني في عدد الزوار والسبق في نشر صور اعادت نشرها تقريبا كل الصحف المصرية وقتها ومؤخرا مذبحة اعتصام نادي القضاة وتمزيق العلم المصري على يد الشرطة.

> كيف تقرأ المدونات المصرية في سياق حمى المدونات التي انتشرت في العالم العربي؟

ـ المدونات المصرية حالة خاصة لانها تحاول كشف زيف الديمقراطية التي يزعمون اننا نعيش فيها وتضعها على المحك فعلا.

> تجاوز المدونون، وأنت منهم، فعل الكتابة إلى فعل التظاهر، هل ترى أن هذا لصالحهم، أم من الممكن أن يضر بهم؟

ـ ليس مهما ما يضر بهم لكن الاهم ما يضر بمصداقيتهم فلا يصح ان تكتب عن اشياء لا تمارسها وانت في برج عاجي وهو ما نعيبه على المثقفين الكبار الذين انفصلوا عن الشعب وعن الحراك الحادث.

> يرى البعض أن التدوين في مصر مختطف من قبل قوى المعارضة وحركة كفاية، ما رأيك؟

ـ الذي يستطيع خطفه منهم حلال عليه وفوقه بوسة، لو عرف وان كنت اعترض على كلمة اختطاف لان الساحة مفتوحة لكل من يدلي بدلوه.

> ولماذا قوى المعارضة فقط هي التي تدون؟

ـ من قال ذلك، هذه المعلومة غير صحيحة لان العدد الاكبر من المدونين المصريين ليس لهم في السياسة لكن السياسيين هم المنتشرون، وهناك مدونون ينتمون للحزب الوطني وموالون للحكومة لكن مدوناتهم مضحكة لفرط ما فيها من نفاق وينفر منها القراء وليست لها اي شعبية، هذا اذا كان أحد يعرفها اصلا.

> هل تعتقد أن مناخ الحرية الضاغط هو السبب في انتشار المدونات؟

ـ وجد مناخ للضغط على الحرية وليس مناخ حرية ضاغط وان كنت اتمنى ذلك فالاصل هو ان الانسان حر حتى يأتي من يحدد حريته.

> تستخدم الصورة كعامل رئيسي في المدونة، ما أهميتها بالنسبة لك كمدون؟

ـ الصورة لا تكذب وبالتالي هي مصدر المصداقية لانني مهما كتبت عن تجاوزات او فساد او ظلم قد يشك القارئ في روايتي لكن عندما يرى بنفسه بالصور واحيانا بالفيديو يزول كل تشكك في نفسه.

> وما هي معوقات التدوين بالنسبة لك؟

ـ معوقات التدوين هي فقط عندما تأخذك دوامة الحياة والعمل فلا تجد وقتا للتدوين.

> قبل عام كان عدد المدونين في مصر محدودا، ما سبب الانفجار التي شهدتها الفترة الأخيرة في عالم التدوين؟

ـ ربما التأثير الاعلامي للمدونين واستعانة وسائل الاعلام التقليدية بهم وبمواضيعهم وصورهم واحيانا استعانة الفضائيات بلقطات فيديو صوروها بالاضافة الى ما فجروه من مفاجآت وما كشفوه من المستور ثم ما حظوا به من شهرة وتغطية اعلامية مصرية وعربية واجنبية عالمية جعلهم قدوة لشباب يبحث عن قدوة.

> ألا تسعى للترشح لجوائز التدوين التي سبق وأن فاز بإحداها علاء ومنال؟

ـ انا بالفعل مرشح لنفس الجائزة لهذا العام وكنت مرشحا لها العام الماضي لكن صاحب النصيب كسب.

> ما الذي يضمن للقارئ مصداقية المدونات؟

ـ عقله وقلبه يضمنان له وان لم يكن مطمئنا فهو ينصرف عنها كما ان المدونات تستعين بالصور والصوت والفيديو اي ان القارئ يشاهد ويسمع الحدث بنفسه وكانه كان حاضرا فيه.

> هل تعتقد أن المدونات من الممكن أن تصنع تغييرا، أي تغيير، في الإعلام المصري، ومن ثم في الواقع المصري؟

ـ هذا هو ما «ندون» من أجله.

* كيف «انفجر» التدوين في مصر؟

* قبل عام تقريبا لم يكن عدد المدونين في مصر يتجاوز العشرات، غير أنه لعوامل مختلفة مرت بها مصر خلال العام الماضي مثل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، والمظاهرات المكثفة، ونشاط قوى المعارضة، والمطالبات بفتح باب الحرية، واعتقالات ناشطين سياسيين، ولدت وسط كل هذا قوة معارضة جديدة هي البلوجرز، والذين تجاوز عددهم العشرة آلاف حسب إحدى الإحصاءات، وقد استطاع المدونون المصريون خلال العام الماضي أن يكونوا جماعة ضغط سياسي أدت إلى تتبعهم من قبل البوليس المصري وحبس بعضهم، نظم المدونون خلال العام الماضي العديد من الفعاليات المهمة مثل اعتصام في ميدان التحرير، واعتصام تضامنا مع القضاة، كما وقفوا مع قوى المعارضة ضد التجاوزات التي شهدتها الانتخابات البرلمانية والرئاسية والاستفتاء، ونظموا حفلا مهما تضامنا مع المعتقلين منهم، غنوا فيه معا لأجل الحرية، غير أنهم رغم ذلك يفضلون ألا يكونوا جماعة، وأن يظل البحث عن الكلمة الصادقة هو الذي يجمعهم.

ولا تعتبر السياسة هي الرافد الوحيد للمدونات المصرية، فهناك مدونات ليس لها علاقة إطلاقا بهذا الأمر، هناك مدونات ثقافية، وأخرى سير ذاتية، وأخرى سينمائية وفنية، وموسيقية، ومدونات للفضفضة والحديث عن المشاكل الذاتية، منذ عام كان غريبا أن تجد مدونا عمره أقل من عشرين، الآن أصبح هناك مدونون في الرابعة عشرة من عمرهم، يحكون عن مراهقتهم، وعن مدرسيهم، وحصص المدرسة، وربما بدأ هذا بعد ان نشرت مدونة مصرية هي «بنت مصرية» بلوجا باسم كيف تنشئ مدونة وشرحت الخطوات، ووضعها العديد من المدونين على مدوناتهم، أشهر المدونات المصرية الوعي المصري، ومنال وعلاء، وما بدا لي، وسقراطة، والله الوطن فاطمة، تياترو صاحب السعادة، مواطن مصري واخد على قفاه، صاحب الأشجار، هكذا هي رضوى، عايزة أتجوز، ساسو، محاولات سامية، آخر الحارة، تخاريف، حوليات صاحب الأشجار، من نفسي، بهية، طق حنك». استطاعت المدونات لفت الأنظار إليها بشدة إلى درجة أن الكاتب محمد حسنين هيكل تحدث عنها في قناة الجزيرة قائلا :«أنا أجد شخصا يكتب باسم مستعار هو بهية، ولست ادري من هي لكني أطلب من مكتبي أن يعطوني مقالات بهية كلما تصدر.. لأنني أتابعها باعتبار وباحترام أكثر من أي صحافي في أي جريدة».