المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقال جديد للسيد فضل الله فى جريدة السفير



مجاهدون
09-18-2003, 09:51 PM
الحرب الأميركية على ذاتية الإسلام
محمد حسين فضل الله - جريدة السفير 18/9/2003
لعل المتابع للحركة السياسية والامنية التي تحركها دوائر الاستكبار العالمي في مواجهة الامة، يلاحظ ان هذه الحركة تستهدف المنطقة والعالم الاسلامي من جهتين، فمن جهة يصار الى استهداف قضايا الأمة التي تمثل واقعها السياسي المتحرك، وتختصر تاريخها على مستوى قرن من الزمن او ما يزيد، كالقضية الفلسطينية وغيرها، ومن جهة اخرى تأخذ الحرب السياسية طابعاً آخر يتمثل في محاولة النيل من الاسلام كدين ومن ذاتيته الفكرية والسياسية والتشريعية في اطار من السعي لمنع ولادة اي كيان سياسي يجمع كل تلاوين الامة واطيافها المتعددة.

ولذلك، فنحن نعتقد ان الحرب الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني والتي تحظى بالدعم والتأييد من الادارة الاميركية، والتي بدأت تضم اليها بعض المواقع الاوروبية، تتجاوز موضوع استهداف الكوادر والقيادات والقوى الفاعلة على الساحة الفلسطينية لتصل الى مستوى الحرب الكاملة على الوجود الفلسطيني. ويمكن رصد الخطط والآليات التي تتحرك فيها هذه الحرب من زاوية السعي الحثيث لادخال القضية الفلسطينية في دائرة النسيان، والقفز فوق مسألة الاحتلال، من خلال التركيز على التفاصيل واغراق هذه الساحة بالمزيد من القضايا الهامشية على المستوى الاعلامي، في الوقت الذي تتصاعد محاولات الابادة للبنية التحتية للشعب الفلسطيني، وهذا ما تتحدث عنه وتعترف به شخصيات اكاديمية وسياسية اسرائيلية.

ان تسليط الضوء على ما يسمى <<الارهاب الاسلامي>> وادخال المسألة الفلسطينية برمتها في تفاصيل ملف احداث الحادي عشر من ايلول، وعقد التحالفات الاقليمية والدولية تحت عنوان التصدي لهذا <<الارهاب>>، وتأمين كل الظروف الملائمة لاسرائيل لكي تدخل الى النسيج العربي والاسلامي، ومن ثم افساح المجال للاخطبوط الارهابي الاسرائيلي لكي يمد اذرعه الى الدول التي تحيط بالمنطقة العربية والاسلامية، كالهند على سبيل المثال، تدخل في سياق الحرب الفتوحة ضد العرب والمسلمين، والتي يعمل اكثر من موقع دولي واقليمي للاستفادة منها في ظل حال اللاتوازن التي تسيطر على الواقع العربي والاسلامي.

اننا في الوقت الذي نشعر بأن وتيرة الحرب ضد الشعب الفلسطيني باتت تتصاعد في مناخات دولية واقليمية ملائمة للصهاينة الذين يعملون على الاستفادة منها الى ابعد الحدود، نلاحظ ان الفلسطينيين قد استطاعوا فعلا ان يكسروا اكثر من حلقة من حلقات الضغط المتواصلة ضدهم منذ ثلاث سنوات، وكذلك تمكنوا من احباط مشروع شارون الامني، فضاعفوا من مشاكل العدو ومآزق الامنية والاقتصادية والسياسية، وفرضوا من خلال ادارتهم وعزيمتهم احترامهم على العالم الذي قد لا يجاهر بذلك، ولكنه يعيش هذه الحقيقة في داخله، وان كان ذلك قد حصل فعلا في الوقت الذي بدأ رصيد العرب والمسلمين يتآكل امام العالم.

ان المطلوب هو شيء من التعاطف الواقعي مع آليات محددة لدعم الفلسطينيين، لأن الانتصار في فلسطين وكسر حلقة الارهاب الاسرائيلي في هذه المرحلة بالذات سيطلان بالامة على انتصار واسع، وعلى كسر لحلقات جديدة من الارهاب الذي تحضّر له الادارة الاميركية بالتنسيق مع اسرائيل تحت عنوان الحرب على الارهاب. وإذا كانت قضية فلسطين تأبى ان تموت في الوجدان العربي والاسلامي من خلال جهاد الفلسطينيين وصمودهم، فالمطلوب وقفة اسلامية عربية تواكب هذا الصمود وهذه الارادة لتحفظ حقهما واستمراريتهما.