المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا يعني أن تعمل المرأة في دوام ليلي وزوجها في البيت ينتظر؟



سلسبيل
03-23-2006, 07:25 AM
عائلات أمام الواقع الصعب


23/03/2006

بيروت ـ إسماعيل فقيه


ثمة ظروف يعيشها الإنسان، وتفرض عليه ان يتكيف معها ومنها عمل المرأة الليلي، اذ نجد نسبة كبيرة من الصبايا والنساء يعملن في دوام ليلي، ومنهن نساء مسؤولات عن عائلة كبيرة مؤلفة من الزوج ومجموعة من الأولاد.

السؤال الفوري الذي يتبادر الى الذهن عندما نرى سيدة ما تعمل في دوام ليلي: هل هي متزوجة، ماذا يفعل زوجها أثناء غيابها، كيف يهتم بشؤون العائلة، وهل يعمل الزوج ايضا في الليل؟
سؤال يختصر مئات الأسئلة، وفي كل محاولة للإجابة على هذا السؤال، نكتشف حقيقة الحياة وقوتها وظروفها وصعوبتها على كثير من أبناء البشر.
للدخول أكثر الى هذا الواقع، التقيت عدة نساء يعملن في مهن مختلفة وفي دوام ليلي، وكانت أجوبتهن اكبر دليل على حقيقة الأمر والمعاناة.


السيدة علياء، تعمل ممرضة في احد المستشفيات، متزوجة حديثا، ولها طفل يبلغ من العمر سنة واحدة، تقول علياء انها مضطرة إلى العمل بسبب ظروفها الصعبة، فزوجها شبه عاطل عن العمل، لأنه لا يثبت في أي مصلحة 'كل شهر يعمل في مطرح'.

تعاني علياء لأن دوامها في الليل، و'ابني، طفل في أمس الحاجة إلي في ساعات الليل، وحين أكون في العمل أشعر بالتعاسة، خصوصا حين تتقدم ساعات الليل وأنا بعيدة عن ابني'.

مرتاحة علياء قليلا لأن زوجها يقوم بمهمته الأبوية أثناء غيابها على أكمل وجه، 'فهو اب حنون ومستعد للسهر حتى الصباح من أجل ابننا، ولكن مهما كان الأمر جيدا، الا ان الطفل لا يرتاح الا في حضن أمه'.
تنتظر علياء بفارغ الصبر ان يجد زوجها عملا يسمح لها بالتخلي عن وظيفتها 'فما زلنا بولد واحد، فكيف ستصير الأمور إذا أنجبنا أكثر من ولد؟ تسأل علياء والدموع غزيرة في عينيها، لكنها متمسكة بالأمل وبرحمة الله وتقول: 'الله لا يترك عباده'.

بدوره زوج علياء يشعر بالعذاب لأنه في وضع صعب، وهو دائم الحزن 'لأنني اشعر أن زوجتي هي الرجل، رب المنزل، في حين يجب أن أكون أنا سيد البيت وأقدم كل المساعدة لعائلتي، ولكن ماذا يمكنني أن افعل إذا كانت الظروف تقف في وجهي، والبلاد كلها مشلولةاليوم، إذ لا عمل ولا شغل لنا نحن الرجال'.

يحمد الزوج الله كثيرا ان زوجته وجدت عملا على عكس، الذي سعى كثيرا للحصول على وظيفة ولكن كل المحاولات باءت بالفشل.

معاناة حامل
السيدة رغدة متزوجة منذ أقل من سنة، وهي حامل في شهرها الاول، وتعمل في احد الفنادق في دوام ليلي، وتعاني لأنها تفكر دائما بالمستقبل وتقول: 'ماذا سأفعل حين يأتي طفلي؟ صحيح أنني سأحصل على اجازة أمومة لكنها غير كافية ابدا، فهي لا تتعدى الشهرين (ِِِ) كيف ستكون أيامي بعد تلك الايام؟' تسأل رغدة كثيرا هذه الاسئلة وتقف احيانا بوجه المرآة وتقول: 'لماذا هذا العذاب، لماذا هذا القهر؟'.
زوج رغدة يعمل خلال ساعات النهار في مهنة متعبة جسديا، مهنة البناء، وهذا يعني انه حين يعود الى منزله في نهاية النهار، يحتاج الى الراحة والخلود الى النوم، وهذا يعني ايضا ان الليل سيكون فارغا بالنسبة لزوجته، فكيف حين يأتي الطفل، هذا ما تشرحه رغدة، وتقول: 'لا أعرف كيف سأواجه الموقف بعد ثمانية أشهر، بعد ان تكتمل اشهر الحمل وانجب طفلي؟'.

مهنة تقصر العمر
السيدة هيفاء متزوجة ايضا وتعمل في احد المستشفيات في دوام ليلي، وأولادها الثلاثة يخسرون حضنها الدافئ طيلة الليالي التي تغيبها عن المنزلِ تقول هيفاء: 'ثلاثة أيام في الاسبوع دوامي الليلي في المستشفى، ولكن هذه الليالي تساهم في تقصير عمري، لأنني أفكر دائما بعائلتي، وماذا تفعل أثناء غيابي؟'.
زوج هيفاء يعمل في احدى المكتبات خلال ساعات النهار، لكنه يعاني كثيرا في الليل، حين تذهب زوجته الى العمل، وتتركه مع الأولاد يدير شؤونهم.

يقول الزوج:'بدأت اشعر أن حياتي شبه سجن، ففي ساعات النهار أداوم في عملي، ومع بدايات المساء أشعر بأن السجن أطبق علي، فعندما تذهب زوجتي إلى عملها أشعر بأنني كائن مختلف عن بقية البشرِِ'.
حاول الزوج أن تترك زوجته عملها، فاصطدم بالواقع والحاجة فعدل عن المحاولة، ورضي بالنصيب، كما يقول.


أصعب الأوقات
السيدة أريج متزوجة ولها طفل، تعمل في احدى المؤسسات بدوام نصف ليلي، حتى الساعة العاشرة مساء، ولكن على رغم ذلك، تشعر بقوة المعاناة 'لأنني لا أستطيع متابعة شؤون طفلي في أصعب لحظات يومه، فهو في بداية المساء يكون بأمس الحاجة الي (ِِِ) صحيح ان زوجي يهتم بابني على أكمل وجه، ولكن الأم غير الأب، عاطفة الام وحليب الأم وحضنهاِِ كلها عناصر ضرورية لابنيِِ'
السيدة عائدة أرملة ولها أربعة أولاد، وهي مضطرة للعمل لأنها الوحيدة القادرة على مساعدة أولادها، وإذا أوقفت عملها، فهذا يعني أن أولادها سيموتون من الجوع.

تعمل السيدة عايدة في دوام ليلي كامل، حتى ساعات الفجر، وتقول: 'على رغم كل هذا العذاب وكل هذا القهر من جراء عملي الليلي، إلا أنني أشعر بالفخر لأنني استطعت إكمال مسيرة أولادي بعد غياب زوجي (ِِِِ) يذوب تعبي ويموت قهري حين أرى أولادي يكبرون ويتابعون علمهمِِِ'.