المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شفت آخر بلوتوث؟



زوربا
03-18-2006, 04:28 PM
تحقيق: محمد حنفي


أصبح البحث عن فضائح البلوتوث، أو الناب الأزرق كما يحلو للبعض تسميته، بمنزلة الهوس لدى الكثيرين، فما أن يظهر بلوتوث جديد حتى يسعى الجميع للحصول عليهِ وإذا كانت المقولة الشائعة 'سمعت أخر نكتة' توارت في السنوات الأخيرة، فثمة مقولة أخرى تشق طريقها بسرعة مثل الحمى هذه الأيام 'شفت آخر بلوتوث؟'.
الجزء الأول من هذا التحقيق يطرح العديد من علامات الاستفهام حول حمى البلوتوث التي اجتاحت مجتمعاتنا مؤخرا: لماذا تحول البلوتوث إلى أداة للانتقام والابتزاز وتدمير الآخرين؟ لماذا ينتشر البلوتوث في المدارس؟


أصبحت حكاية البلوتوث سخيفة ومقززة، وإلا بماذا نسمي تصوير فتاة تجلس بصحبة رفيقتها على شاطىء البحر أو تصوير مجموعة من الفتيات في مركز تجاري؟ وماذا نسمي تصوير الطلاب والطالبات لمعلميهم ومعلماتهم في غفلة منهم؟ أو كيف نسمي تصوير فتيات يرقصن رقصا بريئا في حفلة عرس لا توجد فيها سوى الفتيات ونشر هذه الصور على الملأ؟ ما اللذة التي يشعر بها من يصور ومن يروج لبلوتوث يصور اغتصاب فتاة بوحشية لا حدود لها؟

عالم البلوتوث غريب ومثير، ويجري هذه الأيام تصنيف البلوتوث تصنيفا عجيبا، فهناك بلوتوث التفحيط وبلوتوث البنات وبلوتوث المدرسين وبلوتوث الحفلات والقعدات وبلوتوث المقالب وبلوتوث الرقص، وأخيرا بلوتوث الفضائح وهو الأكثر انتشارا ورواجا بين عشاق البلوتوث والمهووسين به.
أما صناع البلوتوث ومروجيه فيطلقون على أنفسهم ألقابا أكثر عجبا: ملك البلوتوث، عفريت البلوتوث، دكتور البلوتوث، أستاذ البلوتوث، شلة البلوتوثِِ وغيرها من الألقاب التي لا تنتهي.

أداة تدمير

لماذا تحول البلوتوث من تقنية نافعة إلى أداة مدمرة تشهر بالآخرين وتنشر فضائحهم وتبتزهم أحيانا؟
يجيب عبد اللطيف عبد الرزاق رئيس الجمعية الكويتية لتقنية المعلومات قائلا :
موضوع البلوتوث أخذ أكثر من حقه في وسائل الإعلام، وهو مثل أي تقنية ظهرت عبر التاريخ له سلبيات وإيجابياتِ كلنا نتذكر كاميرات الفيديو التي كانت تستخدم في تصوير الأفلام الإباحية ومن ثم يجري ترويجها عبر شرائط الفيديو، الآن لم نعد نسمع عنها ولا عن الشرائط، وأصبح البديل هو التصوير بكاميرا المحمول والترويج لهذه الأعمال الإباحية بالبلوتوث.

في البداية كان البلوتوث كتقنية يستخدم في المكاتب والشركات لنقل المعلومات من جهاز إلى آخر داخل غرفة صغيرة، ثم استعانت به شركات الهواتف لاستخدامه لنقل المعلومات داخل حيز صغير، لكن ما حدث أن البعض أصبح يستخدمه لتبادل الأفلام الإباحية والفضائحية، والبعض في الابتزاز والتهديد، وغيرها من الأشياء غير المشروعة.

وهذا الأمر لا يقتصر على المجتمع الكويتي أو العربي، وإنما يحدث في العالم كلهِ وببساطة تعتمد تقنية البلوتوث على موافقة الطرفين فإذا أرسل لي أحد الأشخاص بلوتوث فاضحا لماذا استقبله؟ فأنا أستطيع أن ارفض استقبالهِ ولذلك أنا لا أحمل مروج البلوتوث المسؤولية فقط بل أحملها أيضا لمن يوافق على استقباله.

ويرى العبد الرزاق أن الحل الوحيد للحد من ظاهرة سوء استخدام البلوتوث وانتشار الأفلام الإباحية يكمن في التربية الجيدة فيقول:

الحل يكمن ببساطة في التربية، فلنربي أبناءنا على الاستخدام الأمثل والإيجابي لأي تقنية جديدة تظهر في الأسواق، فكل شيء يمكن أن نستخدمه في الخير وفي الشر، والتربية الجيدة وحدها هي التي تحد من استخدام الجانب السيئ للبلوتوث وغيره من التقنيات الحديثة، لأن البلوتوث سيصبح في المستقبل موضة قديمة وستظهر أشياء حديثة باستمرارِ وعندما نحصن أبناءنا بالتربية السليمة لن يستخدموا الجانب السلبي.


الضغوط اليومية والبلوتوث

يرى دِ كاظم أبل الاستشاري النفسي والاجتماعي أن ظاهرة انتشار أفلام البلوتوث بما تحمله من إثارة، تنمي لدى الكثيرين الرغبة في الفضول وحب الاستطلاع، ويقول:

لدى معظم الأشخاص نوع من الفضول وحب الاستطلاع والتقصي عن حياة الآخرين، وهو دافع نفسي قوي لدى الكثيرين، وإن كانت درجته تختلف من إنسان إلى آخر، ولذا نرى أن إقبال الناس يكون أكبر على وسائل الإعلام التي تضفي الاثارة على برامجهاِ فالناس يميلون إلى أفلام العنف والإثارة التي تضم مشاهد جنسية، أكثر من إقبالهم على الأفلام الهادئة والاجتماعية والرومانسية.
شاهد الفضائيات وستجد أن البرامج الأكثر رواجا، على رغم أنها قد لا تكون جيدة، هي البرامج التي تحتوي على أكبر قدر من الإثارةِ ومن هنا تكون الإثارة الدافع وراء البحث عن فضائح الآخرين المنتشرة عبر البلوتوث.

وربما يكون هوس البعض بالفضائح نابعا من الضغوط التي يتعرضون لها على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، فيجدون في البلوتوث الحل، حيث يمثل حب الاستطلاع الخاص بحياة الآخرين وفضائحهم نوعا من الهروب من هذه الضغوط ولو لدقائق قليلةِ ولا ننسى أن غريزة العدوان الموجودة لدى الإنسان تغذي هذا الاتجاهِ فوفقا للعالم النفسي سيجموند فرويد، فكل منا تحركه غريزتان: الجنس والعدوان وتتحكمان فيه، وفي حالات كثيرة لا نستطيع السيطرة على هاتين الغريزتينِ ويغذي ذلك نشأة الإنسان في بيئة غير جيدة، كأن ينشأ في أسرة مفككه لم يجد فيها من يوجهه اجتماعيا وأخلاقيا وتربويا، وكلها أسباب تجعل من فضائح البلوتوث ثقافة تزداد انتشارا.

توجيه وإرشاد وعقاب رادع

ويرى أبل أن مسؤولية الحد من جنون البلوتوث تتحمله جميع المؤسسات وليس الأسرة وحدها، فيقول:
اسلوب القضاء على هذه الظاهرة السيئة، او على الأقل الحد منها، لا يكمن في تحميل المسؤولية لجانب من دون الأخر، فلا يجب أن نقول إن البيت يتحمل وحده المسؤولية، إنها مهمة كبيرة يجب أن تتكاتف فيها كل مؤسسات المجتمع من أجل إرشاد وعقلنة الجيل الجديد، وغرس القيم فيهم مثل احترام الآخرين وحريتهم وحياتهم الخاصة وعدم التجرؤ على المساس بأعراض الناس، وهذا ليس دور الأسرة وحدها بل كل مؤسسات الدولةِ فالشاب الذي يصور فتاة ويروج صورها بالبلوتوث لن يرضى ذلك على أخته مثلاِ ولذا لابد أن يكون هناك إرشاد وتوجيه، ثم يكون هناك عقاب رادع يردع ضعاف النفوس من التجرؤ على أعراض الناس.

زوربا
03-18-2006, 04:30 PM
علم النفسِِِِِ : البلوتوث في المدارس


كاظم أبل

يذهب الطالب إلى المدرسة ومعه شيئان: الحقيبة المدرسية والهاتف المحمول، فنادرا ما تجد طالبا من دون هاتف محمول في المدرسة.
والقصة التالية التي سردها لي أحد المعلمين في مدرسة ثانوية تشير إلى أن الهاتف المحمول أصبح كأنه كتاب مدرسي مقرر لا يستطيع الطالب الاستغناء عنهِ ففي أحدى لجان الامتحانات في مدرسة ثانوية طلب رئيس اللجنة من الطلاب إخراج هواتفهم النقالة ووضعها على احدى الطاولات قبل توزيع أوراق الإجابة، وكانت المفاجأة أن جميع طلاب اللجنة كانوا يحملون هواتف نقالة في جيوبهم.
ومن المشاهد الشائعة كما يقول إحصائي اجتماعي فضل عدم ذكر اسمه أن الطلاب يتسربون من قاعات الدراسة إلى الزوايا غير المراقبة في المدارس لمشاهدة أحدث أفلام البلوتوث وتبادلها فيما بينهمِ ويقول هذا الأخصائي الاجتماعي إنه من المفروض أن يمنع الطالب من اصطحاب الهاتف المحمول معه إلى المدرسة، وإن ضبط معه يسحب منه ولا يسلم إلا لولي أمرهِ لكن ما يحدث أن ولي الأمر يحضر ويأخذ الهاتف ثم يعود به الطالب مرة أخرىِ والخطير أن بعض الطلاب يستخدمون الهواتف المحمولة في أعمال مشينة مثل تصوير زملائهم من دون علمهم وهو ما يؤدي إلى اندلاع المشاجرات داخل المدرسة.
ويرى دِ جاسم حاجية، الاستشاري النفسي للأطفال والمراهقين، أن ظاهرة الهواتف النقالة في المدارس خطيرة وتحتاج إلى قرار صارم، فيقول:

يجب أن يكون هناك قرار تربوي صارم يمنع حمل الطلاب للهواتف المحمولة داخل المدارس، لأنها تشغلهم عن متابعة الدراسة، كما يمكن أن تستخدم بطريقة غير لائقة مثل تصوير المعلمين والمعلمات من دون علمهم في أوضاع غير طيبة أو تصوير الزملاءِ فالهاتف غير ضروري للطالب في المدرسة، وإذا أراد أن يتصل بالبيت يمكن توفير هاتف عمومي يتحدث منهِ أما أن يدخل الطالب إلى قاعات الدراسة ومعه هاتف يصور به معلمه أو يتبادل به من خلال البلوتوث الأشياء غير الأخلاقية، فهذا يجب ألا يكون في المدرسة بالطبع.