المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شعر في ذكرى مولد الإمام علي (ع)



بو حسين
09-10-2003, 06:29 PM
ذكرى الوصَيْ

سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله
http://www.bayynat.org/www/arabic/kasaed/imamali.htm

ذكرى: وهل تنفع الأحداث والذكرُ
إن لم يكن للورى في طيّها عبرُ
ذكرى: وما ذِكَر الماضي سوى صور بيضاء، يكمن فيها الثأر والحذر
تبدو لتبعث من تاريخنا عظةً يسمو بها غدنا الآتي ويزدهر
وتلهم الجيل من آياتها سوراً تشيع فيها لنا الآراء والفكر
* * * *

والذكريات: مثار الوعي.. تلهمنا من هديها ما به نسمو ونفتخر
وقبسة الحق في شعبٍ تقاسمه حكّامه، وأضلّت عقله النذر
ويقظة الروح في دنيا مساومةٍ يسود فيها علينا الخائن الأشر
ووثبة العدل والتحرير، في بلد طغى به الجور حتى كاد ينفجر
صونوا بها (غدكم) كيما ترون به جيلا يرفّ عليه البأس والظفر
فما (غدٌ) غير زرع قد تعهّده (ماض) فازهر فيه الخير والثمر
* * * *

ذكرى الوصي: وكم قمنا نشيد بها دهراً توالت به الأحداث والغير

وكم سبكنا القوافي في مآثرها مدحاً تفيض على أوزانه الدرر

كأنما هي ملهاةٌ، نسخّرها للّهو إمَّا دعانا اللهو والسمر
ونحن والجور والطغيان يحرقنا بناره، ولهيب الظلم يستعر
نمرُّ فيها سراعاً.. لا تحرِّكنا أحداثها، أو تقوّي عزمنا الذكر
نزجي لها النغم المذبوح مرتجفاً يذوب منه على أنّاته الوتر
ما قيمة الشعر إن لم يبنِ مجتمعا حرّا تسير على منهاجه العُصُر
* * * *

سرّ الولادة.. دنيا في جوانبها يسمو الخيال، ويغفو الظل والثمر
دنيا، يصوّرها التاريخ معجزةً تهوي على جانبيها الأنجم الزهر
ويبصر الفكر فيها من دقائقه ما ليس يدركه في نوره البصر
اشعاعةً من وراء الغيب يسكبها وحيٌ تشع به الدنيا وتزدهر
تحوطها هالةٌ قدسية رفعت غشاوةً عن وليد سوف ينتصر
وشام فيه (علياً) في تألّقه رمزاً من العدل تَجلى عنده الصور
* * * *

سرّ الولادة دنيا رفَّ في غدها هدى الكتاب، فلا خوفٌ ولا حذر
دنيا من الحق مرساةٌ قواعدها يحوطها الأبلجان العز والظفر
تمخضت عن حياةً حرّة بعثت روح الجهاد، فلا ضعفٌ ولا خور
تسير والدين والقرآن يغمرها بوحيه، وجيوش الشرك تندحر
وحيدرٌ يتلقاها، وفي يده سيفٌ من الحق يطغى عنده الخطر
يرمي فيحصد أرواحاً ملوّثةً بالموبقات فلا يبقي ولا يذر
* * * *

وهكذا سار ركب الدين: في دعةٍ روحيةٍ ليس يغشى صفوها كدر
والوحي يبعث من قرآنه نظما للكون، يعجز عن إدراكها البشر
قرآن حق، وكم من حكمةٍ ظهرت فيه، وكم من مجالي آيه عبر
يمهّد الدرب للأجيال، يغرسه زهراً، تموج به النّعمى وتنهمر
والدين أنشودة الأرواح ماج بها سمع الحياة، وشعّت عندها الفكر
يُلقي بأعماقنا من وحيها صورا للحادثات، ليبقى بعدها الأثر
(وأحمدٌ) (وعليٌ) يبعثان بها من ثورة الحق ما يعلو ويشتهر
هدىً دعامته حقٌ وتضحية ودعوةٌ يتهاوى عندها القدر
* * * *

يا سيّدي، يا إمام العدل معذرة فقد تبدّل منا الرأي والنظر
بعثته مثلاً أعلى ينير لنا طرق الهداية إمَّا خاننا البصرُ
وقلت هذا سبيل العدل منبلج أمامكم، ومعين الحق منهمر
حتى مضى الفجر لم نحفل بطلعته ولم يقم في مجالي أفقه نذر
وأصبح الدين في أفواهنا كَلِماً نقولها، ثم تمضي وهي تستعر
يمدُّنا الغرب بالنجوى، فنتبعه عُمي البصائر، لا رأيٌ ولا فِكَر
ويبعث الرأي مسموماً فتلقفه أرواحنا بخشوع وهي تحتضر
كأننا لم تقم في أفقنا فِكَرٌ تهدي الصواب، ولم تنصب لنا سرر
ولم نشيّد من الأيمان مملكةً يهوي لها الملك إعظاماً ويندثر
ماضٍ لمس به أقصى السماء عُلاً مضى، ولم يبق إلاّ الحزن والذكر
فابعث لنا قبس الأيمان مؤتلقاً عسى يعود لنا الماضي فتزدهر
* * * *

ألقيت في الحفلة الكبرى التي أقامها سدنة الروضة الحيدرية في الصحن العلوي الشريف في ليلة 13 رجب 1372 هـ بمناسبة ذكرى مولد الإمام الأعظم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع).